"المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية": فلسطين حرة

"المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" في تونس يطلق دورته الــ 38 تحت شعار "فلسطين حرة"، ويأتي ذلك استجابة للوقائع المفجعة والأحداث الدامية التي تشهدها غزة وفلسطين. 

  • تأسس "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" عام 1964

بعدما أقيمت دورته الماضية تحت شعار "أنقذوا غزة"، ها هو "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" في تونس يرفع في دورته الــ 38 شعار "فلسطين حرة"، انتصاراً للقضية الفلسطينية ودعماً لحركات التحرر في العالم، وكذلك تماشياً مع الرؤية التي رسمها التوجه الشعبي العام في تونس. 

ويأتي تبني هذا الشعار في الدورة الحالية استجابة للوقائع المفجعة والأحداث الدامية التي تشهدها غزة وفلسطين. 

المهرجان الذي انطلق أمس السبت وتتواصل فعالياته حتى 30 آب/أغسطس الجاري، تنظمه الجامعة التونسية للسينمائيين الهواة (فيفاك)، بدعم من وزارة الشؤون الثقافية، والتعاون مع "المركز الوطني للسينما والصورة" وبلدية قليبية. 

السينما تنتصر لسردية الحرية 

  • ملصق
    ملصق "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية"

تأسس "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" عام 1964، وكان ينظّم كل عامين قبل أن يتحول إلى مهرجان سنوي من قبل "الاتحاد التونسي لصانعي أفلام الهواة". 

ويعدّ "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" أقدم تظاهرة سينمائية في تونس، فهو سابق لـ "مهرجان قرطاج السينمائي"، علماً أنه يرتكز على شعارين هما: الهواة والاستقلالية. الأمر الذي يفترض وجود هامش كبير من الحرية في طرح القضايا عبر أفلام غير خاضعة لإملاءات المستثمرين ورؤوس الأموال خاصة في البلدان الغربية.

كما يمنح الفرصة لتكوين أجيال من المهتمين بصناعة السينما عبر استقبال المشاركات من مدارس ونوادي السينما في تونس، وأيضاً من البلدان العربية والأفريقية ومن دول أميركا اللاتينية وأوروبا.

منذ تأسيسه، يغلب على أفلام "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية" الطابع غير التجاري، كما يشهد احتفاء بالثقافة التوعوية التي تربط بين الفهم لما يجري في العالم من قضايا تعري الاستعمار والاستغلال بمختلف مظاهره، في حين تنتصر الأفلام المشاركة، في معظمها، للعدالة والشعوب والفئات المضطهدة. 

هكذا يوفر المهرجان فرصة لعرض أفلام وثائقية ومتحركة تظهر قوة الرواية في العمل السينمائي، وهو بذلك فرصة للتدرب على إعادة تأصيل العلاقة بين الفن الرابع وبين مشاغل المواطن التونسي من ناحية، والتذكير بالسينما البديلة والبعيدة عن البروباغندا الرأسمالية العالمية وأذرعها الإعلامية التي تعمل على خلق وعي زائف عبر التضليل الرقمي، خاصة في ظل وجود صورة تمثل قوة ضاغطة توازي القوة العسكرية، بل إنها تدعمها، كما حدث في الحرب على كوبا واليمن والعراق واليمن وغيرها من البلدان، التي تواصل نضالها ضد إمبريالية سوق عالمية تتوفر لديها منصات تكنولوجية مؤثرة في الرأي العام العالمي.

مرآة تعكس ما يحدث عالمياً ووطنياً

  • مدير المهرجان عادل عبيد
    مدير المهرجان عادل عبيد

يشكل "المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية"، ورشة تعليمية مفتوحة بالنسبة إلى الشباب والمتفرجين وهواة مشاهدة السينما. وبالتوازي مع استكشاف نسبة كبيرة من الأفلام، هنالك كذلك العروض الموسيقية، والتدرب المبسط للأطفال على هذا العالم السمعي البصري، من خلال متخصصين في المجال من مخرجين وتقنيين ونقاد سينمائيين وناشطين في نوادٍ سينمائية. كل ذلك في مناخ يفتح آفاق التواصل مع سينمائيين من بلدان عديدة.

إذ يشارك في المسابقة الوطنية في هذه الدورة 36 فيلماً من 30 دولة، منها إضافة إلى تونس، لبنان وفلسطين وإيران والصين والجزائر وإيطاليا والبرازيل وروسيا وتشيكيا والبرتغال وغيرها. 

وتوزعت الأفلام بين التجريبية والتحريكية والروائية والوثائقية، بينما شملت أفلام المسابقة الوطنية 26 فيلماً من المدارس السينمائية والجامعة التونسية للسينمائيين الهواة والأفلام المستقلة، فضلاً عن مسابقة الصورة الفوتوغرافية والسيناريو، ويتم التتويج بجائزة "الصقر الذهبي".

مدير المهرجان، عادل عبيد، تحدث عن الاهتمام بفلسطين كمحور ضروري في دورة هذه السنة، كما في السنوات الماضية، مؤكداً  ارتباط المهرجان بثقافة المقاومة.

كما أشار إلى الفقرة المخصصة للسينما الفلسطينية، مشدداً على أن المهرجان "مرآة تعكس روح  الجمهور في فلسطين ووعيه، إضافة إلى القضايا الوطنية والاجتماعية الراهنة.

عبيد قال إنّ الدورة الحالية "تسلط المزيد من الضوء على احترام حقوق الإنسان واحترام حق الشعوب في التحرر"، مشيراً إلى أن "هناك أصواتاً في الغرب داعمة للشعب الفلسطيني ويجب الانتباه إلى مبررات وجهات النظر هذه وهي مختلفة ومتنوعة، وهذا ما يخلق عدم اجترار  المواد السينمائية نفسها أو التركيز على زاوية من دون أخرى. فالتنوع جزء من فهم المأساة الفلسطينية لأنه يبسط أمام المشاهد ظروفاً مختلفة لصناعة أفلام تعالج الموضوع نفسه".

وشمل حفل الافتتاح أمس السبت، جزأين، تضمن الجزء الأول العرض العالمي الأول لفيلم "التفويض"، وهو للمخرج ورجل القانون والحقوقي والمنتج، ستيفن زيغلر، والذي يصور شهادات لخبراء في القانون الدولي والدبلوماسية والسياسة ويطرح سؤالاً عمّن يملك الحق في المسؤولية والتفويض في التصرف. 

وقد استغرق عمله الأول "مكسور "سنوات طويلة قضاها في فلسطين متنقلاً بين شهادات حية حول الألم والبؤس نتيجة جدار الفصل العنصري.

أما الجزء الثاني فشمل عرض 5 أفلام قصيرة تحريكية حول القضية الفلسطينية، من بينها فيلم لمحمد العطار وهو وثائقي حول جدار الفصل العنصري، إضافة إلى أنشطة أخرى حول فلسطين في باقي أيام المهرجان.

وشدد عادل عبيد على ضرورة نقل الشهادات الحية التي وثقها سينمائيون من غزة، معتبراً أن السينما في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها الناس "هناك مقاومة مع الحفاظ على الحد الأدنى للجانب الفني، لأنه لا يمكن تقييم أعمال هؤلاء كما لو أنهم في مناخ عمل عادي".

من جانبه، أكد المخرج والمنتج التونسي، حبيب المستيري، أن "مساندة القضية الفلسطينية ضمن المهرجان تندرج في إطار رؤية أشمل، وهي الوقوف إلى جانب قيم العدل في العالم، وهو ما دأبت عليه هذه التظاهرة السينمائية منذ سبعينيات القرن العشرين وجزء من هويتها".

وأضاف "نشهد اليوم سطوة الصورة في المشهد العالمي ومحاولة تغيير مسارات القضايا العادلة عبر التدليس والتزييف البصري. ذلك أن تداول المعلومة أصبح يتم عبر الصورة، وهناك أجهزة متخصصة في إنتاج وتحليل وتعديل المشاهد والحوادث بما يتلاءم مع أجندتها السياسية".

المستيري أكد أنه "من المهم اليوم في خضم هذه الصراعات أن يصل صوت الضحية، وفي المهرجان هناك وثائق وشهادات لهؤلاء، وهناك فلسطينيون يعبّرون عن الظلم التاريخي الذي تشهده منطقتهم المحتلة بما تضمه من فظائع".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك