بيان - بليغ

البيان لغة مشتق من أصل يدلّ على انكشاف الشيء. وقد بانَ الشيءُ وأبانَ، إذا اتضح وانكشف.

أبا الزهراءِ قد جاوزتُ قدري
بمَدحِكَ بَيدَ أنّ لِيَ انتِسابا
وما عرفَ البلاغةَ ذو بَيانٍ
إذا لم يتّخِذكَ لهُ كِتابا
مدحتُ المالِكينَ فزِدتُ قَدْراً
وحينَ مدحتُكَ اقتَدتُ السَحابا

هذه الأبيات من قصيدة "سلوا قلبي" لأمير الشعراء أحمد شوقي (1868 - 1932) نظمها في مدح رسول الله، وغنّت أُمّ كلثوم أبياتاً مختارة منها. وبيت القصيد فيها كلمتا البلاغة والبيان اللتان اشتقّ منهما اسم العلم المذكر بليغ واسم بَيان المشترك بين الإناث والذكور. 

والبَيان هو الفصاحة وإبداء المقصود بأوضح عبارة وأحسن لفظ وهو ما يُحمد عليه المتكلم والكاتب على السواء. يكفي للدلالة على علوّ مكانة البيان عند العرب الحديث الشريف: "إنّ مِنَ البيانِ لَسِحراً".

وعندنا أن إطلاق اسم بيان على المولود ذكراّ كان أو أنثى إنما هو على سبيل التيمّن بالآية الكريمة: "الرحمانُ، علّمَ القُرآنَ، خلقَ الإنسانَ، علّمهُ البيانَ". قيل في تفسيره علّمه الإفصاح عمّا في ضميره بكلام مرتّب حسن. وجاء في التنزيل العزيز كنايةً عن القرآن الكريم: "هذا بَيانٌ للناسِ وهُدىً ومَوعِظةً للمُتّقين".

والبيان لغةً مشتقّ من أصل يدلّ على انكشاف الشيء. وقد بانَ الشيءُ وأبانَ، إذا اتضح وانكشف. وفُلان أبيَنُ من فُلان أي أوضح منه كلاماً. والبيان: الدليل والحجّة مثل البيّنة. وقولهم: "غنيٌّ عن البيان"، أي واضح بدهيّ لا يحتاج إلى شرح أو تعليل.

ومن ألطف ما جاء شعراً في سحر البيان مقترناً بسحر الصوت قول الشاعر والأديب الأندلسي أحمد بن عبد ربّه (860 - 940) في وصف مغنية:

رَجْعُ صَوتٍ كأنه نظمُ دُرٍّ
ما يرى سَلْكَهُ سِوى الآذانِ
تنفثُ السِحرَ بالبيانِ مِنَ القولِ
 ولا يَسحَرُ مثلُ سِحرِ البيانِ

ومن معاني البيان أنه البلاغ يُبلَغ به الناس، مثل البيان الوزاري أو البيان الصحفي وما شابه ذلك. والبلاغ لغةً مشتقّ من أصل يدلّ على الوصول إلى شيء. تقول: بلغتُ المكانَ إذا وصلت إليه. وبلغَ الغلامُ إذا أدرك سِنّ الرشد.  وبلّغ الشيءَ والخبرَ: أوصله. وبالغ في الأمر: اجتهد فيه ولم يقصّر، أي وصل به إلى غايته. وجرح بليغ أي خطير. والبلاغة: الفصاحة، مصدر قولهم بَلُغ الأديب، يبلُغ، بلاغة، إذا فصُح وحسُن كلامُه فهو بليغ.

وعليه قول قيس بن ذريح (625 - 680) المعروف بقيس لُبنى نسبة إلى حبيبته:

بليغٌ إذا يشكو إلى غيرها الهوى
وإنْ هو لاقاها فغيرُ بليغِ

ومن هذا اشتقاق اسم العلم بليغ. وأشهر من عُرف به الملحّن والمغني المصري بليغ حمدي (1932 - 1993).