بيروت تصفق بحرارة للمسرحية التونسية: آخر مرة

عرضان فقط على خشبة مسرح المدينة للمسرحية التونسية: آخر مرة، نص وإخراج وفاء الطبوبي، وصلت حاملة التانيت الذهبي من أيام قرطاج المسرحية عام 2021، فإستقبلتها بيروت بتصفيق حار وطويل بارك بطليها أسامة كوشكار ومريم بن حميدة.

  •  آخر مرة: من ملامح المواجهة بين الرجل والمرأة: أسامة كوشكار ومريم بن حميدة
    آخر مرة: من ملامح المواجهة بين الرجل والمرأة: أسامة كوشكار ومريم بن حميدة

لم نفاجأ بالمستوى المتقدم لمسرحية: آخر مرة، للتونسية وفاء الطبوبي، لإدراكنا أن هذا المسرح سبق وأمتع الجماهير العربية بإبداعات متميزة دفعت بجمهور المسرح في لبنان لحجز أماكن لهم في أحد عرضي العمل ليومي 13 و14 كانون الثاني/ يناير الجاري على خشبة مسرح المدينة – الحمراء بيروت.

المسرحية ليست متقشفة لأنها تقريباً من دون ديكور، بإستثناء كرسيين وطاولة، لأن المطلوب عدم تضييع الإنتباه على عناصر أخرى غير بطلي العرض الرائعين أسامة كوشكار، ومريم بن حميدة، لأنهما وحدهما كل المسرحية فوجب حفظهما وإسدال ستار من العتمة على الخشبة للإيحاء بميلودرامية العلاقة بين الجنسين، كونها أقرب إلى التطاحن منها للوئام والإنسجام.

العمل مشحون بالصوت العالي، بالحدّة والتحدّي ومحاولة كلا الطرفين الهيمنة على الجو وإسكات الآخر. وبالتالي لم تكن المشاهد بحاجة لمؤثرات من أي نوع كون الممثليْن قاما بالواجب مئة في المئة حتى الضربات الموسيقية المعتمدة للدلالة على حالة ترقب أو خطر محدق كان ممكناً – رغم تميزها – التخلي عنها طالما أن جهتي البطولة أمسكا بناصية الخشبة طوال 80 دقيقة، في إيقاع أليف، متناغم، ومؤثر أخذنا معه إلى صلب صراع الجبارين: المرأة والرجل.

  • لم تنجح في خنقه فدسّت له السم في قالب الحلوى
    لم تنجح في خنقه فدسّت له السم في قالب الحلوى

أوصال المسرحية مشدودة بقوة ووعي لتوصيل رسالة تتهم الرجل بأنه يتحمل مسؤولية ما آلت إليه العلاقة بين الجنسين من ترد وقلة إعتبار لتحضر المادة وتغيب العاطفة ولنرى كيف أن الرجل لا يرى في المرأة إلاّ ملامح الجسد ولا يتوانى عن أي فعل شائن في هذا الإطار يعني من تحرش وإعتداء وما إلى ذلك من السلوك الدوني، بينما نراه ينهزم من دون مقاومة أو حراك أمام أمه ووحدها تكشفه وتذله ثم تهزمه وفي الوقت نفسه لا تكون أبداً راضية عنه.

مباراة رياضية الطابع يخوضها: أسامة ومريم. كلاهما يتمتع بقوة ذاتية متفوقة وظّفاها في المكان المناسب، وبعفوية مطلقة، لكن مع إضافة أن مريم إنتقلت من شخصية السكرتيرة الشابة إلى شخصية الأم التي لا يعجبها شيء وتطلب من إبنها المطيع كل شيء، وهنا كانت لـ أسامة علامة أداء فارقة بين المدير المتحرش، والإبن المثالي في عدم إغضاب أمه، ليتلاقى الإثنان عند معادلة توازن القدرات على الخشبة بين طرفي الدورين الأولين.

صورة جديدة مشرقة من ملامح المسرح التونسي اليوم شاهدناها بكامل الحواس وصفقنا لها طويلاً مع الحضور الذي ملأ الصالة عن آخرها.والملاحظة الوحيدة لنا على العمل كانت في دس السم للرجل والتخلص منه كحل للصراع في آخر العرض.