راغب

الراغب عن الشيء هو المنصرف عنه، عكس الراغب فيه. وقد رغب عنه، إذا أعرض عنه، وتركه احتقاراً له.

غَيري عنِ الوُدِّ الصريحِ يَحولُ
عُمْرَ الزمانِ وغَيرُكَ المَمْلولُ
أتظنُّ أنّي بالقطيعةِ راغِبٌ
هَيهاتَ وَجهُكَ بِالوَفاءِ كفيلُ
وكذا الصديقُ إذا أرادَ قطيعَتي
ظَنّ الظُنونَ وقالَ أنتَ مَلولُ

تنتمي هذه الأبيات إلى موضوع الصداقة والعتاب الرقيق للصديق إذا ما بدا منه ما يدعو إلى الملامة التي قد تؤدي إلى القطيعة، فيتداركها ببعض العتاب الذي يزيل أسباب الجفاء. أما الشاعر فهو الشريف الرضِيّ (970 - 1015) واسمه محمد بن الحسين بن موسى نقيب الأشراف الطالبيين في بغداد، وهم الذين يرجعون بنسبهم إلى الإمام علي بن أبي طالب. والشريف الرضي هو الذي جمع كتاب" نهج البلاغة" الذي يحتوي على الخُطب والحِكم القصار المأثورة عن الإمام علي والكتب التي وجّهها إلى عماله في مختلف الأمصار في أثناء خلافته. 

وقد امتاز شعر الشريف الرضي بالجزالة والعذوبة والمتانة والنفس البدوي وغلبت عليه مواضيع الوفاء والمحبة والصداقة والتسامح والمناقب الخُلقية. وهو ما يبدو جلياً في الأبيات أعلاه حيث يدفع عن نفسه اتهام بعض أصدقائه له بالملال، وأنه يرغب في قطع عُرى الصداقة بينهما، وهذا من قبيل الظن الذي لا أساس له، فهو باق على وفائه أبد الدهر وعسى ألا يكون هذا الصديق هو الراغب في القطيعة.

والراغب لغة اسم الفاعل من رغِب الشيءَ، وفي الشيء، إذا أراده وحرص عليه وطمع فيه، فهو راغب وهي راغبة في الشيء أو الأمر، ومنه أخذ اسم العلم المذكر راغب.

والراغب في الشيء هو الطامع فيه والحريص عليه. من ذلك قول الشَّنفَرى (ت 525) واسمه ثابت بن أواس الأزدي وهو من الشعراء الصعاليك قبل الإسلام:

وفي الأرضِ مَنأى لِلكريمِ عنِ الأذى 
وفيها لِمَن خافَ القِلَى مُتعَزّلُ
لَعمرُكَ ما بِالأرضِ ضِيقٌ على امْرئٍ
سَرى راغِباً أو راهِباً وهْو يَعقِلُ

والراغب عن الشيء هو المنصرف عنه، عكس الراغب فيه. وقد رغب عنه، إذا أعرض عنه، وتركه احتقاراً له. ورغب بنفسه عنه: تركه وزهد فيه. ومما جاء في المقابلة بين الراغب في الشيء والزاهد فيه قول الوَأواء الدمشقي (ت 980) واسمه محمد بن أحمد العناني الغساني، لُقّب بالوأواء لأنه بدأ حياته منادياً على الفواكه في دار البطيخ بدمشق:

ومأسورةِ الألحاظِ عن سِنَةِ الكرى
كأنّ عليها الصبرَ ضَربةُ لازِبِ
تَصدّت لنا ما بين إعراضِ زاهدٍ
على حذرٍ منها وإقبالٍ راغبِ 

وفي الختام نورد قصة بيتين شهيرين لعنترة بن شدّاد (525 - 608) غنّتهما السيدة فيروز ومفادها: أن فارس بني عبس نزل عند امرأة من بني كندة فسألته أن يقيم معها في ديار قومها ووعدته بأن تزوجه بمن يريد من بناتها، فاعتذر عنترة المغرم بابنة عمه عبلة وقال:

لو كانَ قلبي معي ما اخترتُ غَيرَكمُ
ولا رَضيتُ سِواكُمْ في الهوى بَدَلا
لكنّه راغِبٌ في مَن يُعذّبُهُ
فَليسَ يقبلُ لا لَوماً ولا عَذَلا