زين - زينة

الزَّين نقيض الشَّين أي القُبح والعيب. وقد زان الرجلُ اسمَه أو سُمعته، إذا حسّنهما وجمّلهما بالأفعال والصفات الحميدة، ضدّ شانهما وعابهما.

وإذا الدُّرُّ زانَ حُسنَ وُجوهٍ
كانَ لِلدُّرِّ حُسنُ وَجهِكِ زَينا
وتَزيدينَ أطيَبَ الطِّيبِ طِيباً
إنْ تَمَسّيهِ أينَ مِثلُكِ أينا

هذان البيتان يشكّلان قصيدة قصيرة لشاعر بارع في الغزل تُعدّ من أجمل ما امتُدحت به امرأة حسناء. وقد أطرب الشاعر هذه المرأة بقوله إن من عادة الحسناء أن تتزين بالدرّ لتزداد حُسناً وتتطيّب لتزداد طيباّ. أمّا أنت فوجهك هو الذي يزيّن الدرّ وتزيد رائحتك الزكية أطيبَ الطيب طيباً، وإنك نسيجُ وحدِك لا مثيل لك بين النساء في أي مكان.

اسم هذا الشاعر عبد الله بن محمد الأنصاري، ويُعرف بالأحوص (660 - 724) لُقّب بذلك لحوَص، أي لضيق، في مؤخّر عينيه. من شعراء المدينة في العهد الأموي. عاصر الفرزدق وجرير. كان حسن الديباجة مجيداً في الغزل سليطاً في الهجاء يتعرّض لعِلية القوم فيشكونه إلى الحكام.

وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام فأكرمه، ثم بلغه عنه ما يريبه فأعاده إلى المدينة وأمر واليَها أن يجلده 100 جلدة ففعل، ثم نفاه إلى دهلك وهي جزيرة صغيرة بين اليمن والحبشة كان بنو أميّة ينفون إليها مَن يسخطون عليه، ولبث هناك إلى أن أطلقه يزيد بن عبد الملك. وكانت وفاته في دمشق. 

أما بيت القصيد في هذه القطعة الغزلية اللطيفة فهو النظر في الأسماء المشتقة من الزينة والتزيين. من ذلك اسم زَين، أو الزين. وقد زانه، يَزينه، زَيناً، إذا حسّنه وجمّله. ومثله زَيّنه تزييناً. وعليه قول الشاعر العباسي بشّار بن بُرد (714 - 784):

فيا عجباً زَيّنتُ نفسي بِحُبّها
وزانت بِهجري نَفسَها وتَحَلّتِ
لوَت حاجتي عند اللقاءِ وأنكرَتْ
مواعيدَ قد صامَت بِهنّ وصَلّتِ

والزَّين نقيض الشَّين أي القُبح والعيب. وقد زان الرجلُ اسمَه أو سُمعته، إذا حسّنهما وجمّلهما بالأفعال والصفات الحميدة، ضدّ شانهما وعابهما. ومن حُسن الفِطن أن يحذر المرء معاشرة من لا يأتي عليه إلا بما يشينه، أمثال مَن يعنيهم كُثَيّر عزّة (644 - 723) بقوله:

أنتَ في معشرٍ إذا غِبتَ عنهم
بدّلوا كلِّ ما يَزينكَ شَينا
وإذا ما رأوكَ قالوا جميعاً
أنتَ مِن أكرمِ الرجالِ علينا

وزَين مصدر الفعل زانَ، وقد يوصف به فيقال: المال زَين. والأولاد زَين. والمرأة زَين. ولذلك فاسم زَين مشترك بين الذكور والإناث. ويقال: وجهٌ زَينٌ، أي زانه الحُسن. ورجل زَين، وامرأة زَين، وهو وصف بالمصدر يستوي فيه المفرد والجمع والمذكر والمؤنث. ويقال للفارس المِقدام هو زَين الفُرسان، وللخطيب البارع هو زَين المنابر. وزَين القوم أحسنهم خَلقاً وخُلقاً. وهذه زَين النساء، وزين الحِسان، أي أجملهنّ. وعليه قول الشاعر العباسي ديك الجنّ الحمصي (777 - 850):

أقولُ لها والليلُ مُرخٍ سُدولَهُ
وغصنُ الهوى غَضُّ النباتِ رطيبُ
لَأنتِ المُنى يا زَينَ كلِّ مليحةٍ
وأنتِ الهوى أُدعى له فأُجيبُ

ويصف أبو فراس الحمداني (932 - 968) نفسه بزين الشباب في القصيدة التي خاطب بها ابنته لما شعر بدنوّ منيته:

أبُنيّتي لا تجزعي كلُّ الأنامِ إلى ذهاب
قولي إذا نادَيتِني وعَيِيتُ عن ردّ الجوابِ
زَينُ الشبابِ أبو فِراسٍ لم يمَتّعْ بالشبابِ

وزين الدين وزين العابدين اسمان مركّبان بالإضافة.

والزينة كل ما يَتزيّن به المرءُ أو يُزَيّن به غيرَه. من ذلك قرآناً: "المالُ والبَنونَ زينةُ الحياةِ الدُّنيا". ويوم الزينة: يوم العيد.  ومنه "قالَ مَوعِدُكم يومُ الزينةِ وأن يُحشَرَ الناسُ ضُحى".

وزينة، وجمعها زينات، من أسمائهنّ، وكذلك مَزيَن، على وزن مَفعَل من زان. وزَيّان اسم للرجل معناه الحَسَن. 

ومُزَينَة قبيلة برز منها شعراء برعوا في المديح، كما برع شعراء قبيلة عُذرة بالنسيب أي الغزل. وإليهما يشير ابن حيّوس (1004 - 1080) بقوله:

إذا صاغَ مَدحاً خِلتَه من مُزَينةٍ
وتَحسَبه من عُذرةٍ حين يَنسُبُ
قوافٍ هي الخمرُ الحلالُ وكأسُها
لِساني ولكن بِالمَسامِعِ يُشرَبُ