عطية - عطا - عطا الله

عطيّة الكريم هي ما يُعطى من مال أو شيء هبةً لا عارية ولا مشروطة ولا يتبعها منّ ولا أذى.

  • عطِيّة/ عطا/ عطا الله/ عبد المعطي

ليسَ الكريمُ الذي يُعطي عَطِيّتَهُ
على الثناءِ وإن أغلى بهِ الثمَنا
بلِ الكريمُ الذي يُعطي عَطِيّتَهُ
لِغيرِ شيءٍ سِوى استحسانِهِ الحسَنا

هذه الملاحظة الدقيقة والصائبة في التمييز بين الكريم بالطبع والسجِيّة، الذي يعطي من دون أي غرض أو دافع له سوى العطاء بما هو عمل حسن في ذاته، وبين من يعطي ليقال عنه إنه كريم. وهذا الأخير إنما يشتري بالمال ما يُكال له من مديح كاذب في سوق النفاق الذي كان، ولا يزال، قائماً بين كثير من أصحاب المال والنفوذ وبين باعة الكلام من بعض الشعراء والأدباء ونظرائهم من الإعلاميين المرتزقة والمرتشين في كل مكان وزمان. 

صاحب هذين البيتين هو الشاعر العباسي المعروف بابن الرومي (836 - 896) واسمه علي بن العباس بن جُريج. عُرف بتشاؤمه من الناس والأشياء والأحداث لكثرة النكبات والمصائب التي حاقت به من تبديد الثروة وضياع الأملاك وفقدان الأهل والأولاد تباعاً، فأصبح غريب الأطوار حادّ الطبع فريسة للوهم وتوقّع السوء من كل كبيرة وصغيرة تعترضه في الحياة.

وقد انعكس كل ذلك في شعره، ولا سيما في رثاء بنيه وفي أنواع الوصف وفي حدة الهجاء، فكان مرهوب اللسان. ونظراً إلى حدّة طبعه كثيراً ما كان يمدح أحدهم ثم يعود فيهجوه لسبب ما، كأن يكون قد مدحه ولم يحصل منه على ما يرجوه من عطاء أو تأخر في إعطائه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء والأعيان.  

وكانت خشية هؤلاء من التعرّض لهجائه سبباً في موته مسموماً بتدبير من القاسم بن وهب، وزير المعتضد العباسي، الذي طلب من أحد أعوانه أن يدسّ السم في حلوى قُدّمت لابن الرومي وهو في مجلسه. ولماّ أكل الشاعر من تلك الحلوى وبدأ السمّ يسري في جسده قام من مجلسه يريد المغادرة فسأله الوزير :"إلى أين أنت ذاهب؟"، فأجابه: "إلى المكان الذي بعثتني إليه". فقال الوزير: "سلّم لي على والدي". فأجابه ابن الرومي: "ليس طريقي على النار".

نعود إلى عطيّة الكريم التي ينوّه بها ابن الرومي، هي ما يُعطى من مال أو شيء هبةً لا عارية ولا مشروطة ولا يتبعها منّ ولا أذى. وهو ما يفعله الفتى الشريف على ما يقوله الشاعر العباسي محمود بن حسن الورّاق (ت 844):

إذا أعطى القليلَ فتىً شريفٌ
فإنّ قليلَ ما يُعطيكَ زَينُ 
 وإنْ تَكُنِ العطيّةُ من دَنِيٍّ
فإنّ كثيرَ ما يُعطيكَ شَينُ

وعطيّة الكريم هي التي تُعطى بلا سؤال. ويرى أبو فراس الحمداني (932 - 968) أنّ مثل هذه العطية لا تدلّ على الكرم، لأن الكريم لا يحتاج أن يُسأل ليعطي فيقول:

ليسَ جوداً عطيّةً بسؤالٍ
قد يَهُزُّ السؤالُ غيرَ الجوادِ
إنّما الجودُ ما أتاكَ ابتداءً
لم تَذُقْ فيهِ ذِلّةَ التّردادِ

والعطيّة هي ما يُعطى. والعطاء اسم لها. واشتقاقهما من أصل لغوي هو العين والطاء والواو، يدلّ على أخذٍ ومُناولة. والعطو: التناول باليد. يقال عطا، يعطو، عطواً، الشيءَ، وعطا إليه: تناوله. ويقال في بعض اللهجات العامية عطاه الشيءَ بمعنى أعطاه أي ناوله وليس تناوله. وجمع العطيّة عطيّات وعطايا. وعليه قول ابن الرومي:

ألا ماجِدُ الأخلاقِ حُرٌّ فَعالُه
تُباري عطاياهُ عطايا السحائبِ 

واشتقّ من هذه المادة اللغوية الدالة على الأخذ والمناولة أسماء: عَطِيّة ويطلق على المولود الذكر والأنثى، وبجمعه تسمّى الأنثى عطيّات والذكر عطايا عطاء، ويخفف بحذف الهمزة فيُلفظ عطا، اسم علم مذكر. وعطا (ء) الله اسم مركّب بالإضافة. ومُعاطي وهو اسم الفاعل من عاطاه الشيءَ إذا ناوله إياه. وعَطْوِي من العَطو أي الأخذ والمناولة.

وعَطوَى اسم للمرأة قديم عُرفت به عَطْوى بنت إياد من حِميَر، كما ذكر ابن دُرَيد في كتابه "الاشتقاق". وعطوان من العطو على وزن فعلان. والمُعطي اسم الفاعل من أعطى. والمُعطي مطلقاً من أسماء الله الحُسنى. وعبد المعطي اسم مركّب بالإضافة. وعبد العاطي يراد به عند العامة عبد المعطي، ولكن العاطي ليس من الأسماء الحُسنى المعتبرة شرعاً.