فتح الله - فتحي - فاتح - عبد الفتاح

الفتح من أسماء الرجال مأخوذ من هذا، أي من الفتح، بمعنى النصر وبمعنى الرزق. وفتح الله اسم مركّب بالإضافة. وفتحي اسم منسوب إلى الفتح، مؤنثه فتحية.

ها إنّ سَعيَ ذَوي الآمالِ قد نَجحا

وإنّ بابَ الندى بالفتحِ قد فُتِحا

أغرُّ يَحسُنُ منه الفِعلُ مُبتدِئاً

نُعمَى ويَحسُنُ فيه القولُ مُمتدَحا

هذان البيتان من قصيدة للشاعر المعروف بالبُحتُري (820 - 897)، واسمه أبو عُبادة الوليد بن عُبيد الطائي، أحد أبرز الشعراء في العصر العباسي، يمدح بها الفتح بن خاقان (817 - 861) الأديب والشاعر من أصل فارسي والوزير المقرّب من الخليفة المتوكل على الله بن المعتصم بالله بن هارون الرشيد.

كان بن خاقان موصوفاً بالنباهة والذكاء والكرم والشجاعة والحكمة، وهو الذي وصل البحتري بالمتوكل. قُتل الفتح مع الخليفة المتوكل على يد القادة الأتراك الذين تآمروا على المتوكل بالاشتراك مع ابنه المنتصر بالله الذي تولّى الخلافة بعده، ولم يطل حكمه. فقد قتله الأتراك بعد سنة من مقتل أبيه. وكان البحتري حاضراً في مجلس المتوكل يوم مقتله وأصيب بضربة سيف في ظهره إلا أنه نجا. وكان الفتح بن خاقان كثير الإحسان إلى البحتري يُجزل له العطاء، وكان الشاعر يقابل جوده بأجود المديح وفيه يقول:

يا مادِحَ الفتحِ ويا آمِلَهُ
لستَ امرَأً خابَ ولا مُثنٍ كذَبْ
إذ كساني الفتحُ أثوابَ الغِنى
فكُسوَتي إيّاهُ مَدحٌ منتخَبْ
قصائدٌ يطربُ مَن تُهدى لهُ
ولذّةُ النفسِ مِنَ العيشِ الطرَبْ

بالعودة إلى البيتين اللذين افتتحنا بهما هذه المقالة نتوقف عند قول البحتري:"وإنّ باب الندى بالفتح قد فُتِحا"، ما يعني أن الفتح بن خاقان كان بمثابة مفتاح لباب الندى، أي الكرم، الذي كان قبله مغلقاً وبه فُتِح لينعم على السائلين بعطاياه السخية. وهذا تعبير منمّق عن التطابق بين اسم الفتح والمادة اللغوية التي اشتُقّ منها وهي الفاء والتاء والحاء الدالّة على عكس الإغلاق.

يقال: فتح  الباب، يفتحه، فَتْحاً، وكذلك الصندوق والحقيبة والكتاب وغير ذلك: ضد أغلقه. هذا هو الأصل في معنى الفتح ثم يُتوسّع فيه. يقال: فاتحه في الأمر  مفاتحةً، إذا حادثه فيه. وافتتح العمل ونحوه: بدأه، ومنه الافتتاح لمشروع أو مؤسسة أو معرض وما شابه ذلك.

والافتتاحية في صحيفة ونحوها. وتفتّحت الزهرة إذا تشققت أكمامها عنها. والفتحة إحدى الحركات الثلاث في اللغة العربية وهي الفتحة والضمّة والكسرة، سمّيت بذلك لأنها تحاكي حركة الشفتين عند النطق بها. وفاتحة الشيء: أوله. والفاتحة أول سورة في القرآن الكريم.

أما التسمية بالفتح أو فتحي وفتح الله وفاتح وعبد الفتّاح، فهي مشتقة من الفتح وفقاً للمعاني القرآنية وتيمّناً بها. فالفتح: النصر، كما في سورة الفتح التي تبدأ بالآية: "إنّا فَتَحنا لكَ فَتْحاً مُبيناً"، أي إنّا نصرناك نصراً ظاهراً، والمُراد بالفتح صُلح الحُديبية الذي وقع بين النبي محمد والمشركين وقد أعقب نقضَهم الصلحَ فتحُ مكة في النصف الأول من شهر رمضان في العام الثامن الهجري (629 م).

والفتح الاستيلاء على بلد عن طريق الحرب. وقد جمع الشاعر الفلسطيني المعروف بابن القيسراني (1085 - 1154) بين النصر والفتح والصلح في قوله مادحاً أحد القادة:

لكَ اللهُ إنْ حاربتَ فالنصرُ والفتحُ
وإن شئتَ صُلحاً عُدَّ من حزمِكَ الصُلحُ
وهل أنتَ إلا السيفُ في كلِّ حالةٍ
فطَوراً لهُ حدٌّ وطَوراً لهُ صَفحُ

وجمعُ الفتح فُتوح. وفتحُ الفتوح عند أبي تمّام (803 - 845) هو فتح حُصن عمّورية على يد الخليفة العباسي المعتصم بالله واستخلاصه من يد الروم حيث يقول:

فتحُ الفتوحِ تعالى أن يُحيطَ بهِ
نَظمٌ مِنَ الشِعرِ أو نثرٌ مِنَ الخُطَبِ
فتحُ تفتّحُ أبوابُ السماءِ لهُ
وتَبرزُ الأرضُ في أثوابِها القُشُبِ

ويقال: فتحَ اللهُ على فلان، أي نصره، وفتح الله له: علّمه وعرّفه والمعنى وفتح له باب العلم والمعرفة. وفتح الحاكم أو القاضي بين الناس، إذا حكم وقضى. ومنه قرآناً:"ربّنا افتحْ بَيننا وبينَ قومِنا بالحقِّ وأنتَ خيرُ الفاتحين"، أي أحكم.  ويأتي الفتح بمعنى الرزق. وفتح اللهُ على عباده: رزقهم أو فتح أمامهم أبواب الرزق.

والفتح من أسماء الرجال مأخوذ من هذا، أي من الفتح، بمعنى النصر وبمعنى الرزق. وفتح الله اسم مركّب بالإضافة. وفتحي اسم منسوب إلى الفتح، مؤنثه فتحية.

والفاتح اسم الفاعل من فتحَ، ومنه اسم العلم فاتح. وفاتح المدرِّس (1922 - 1999) رسّام سوري مرموق. والفاتح لقب السلطان محمد بن مراد وهو السابع من سلاطين بني عثمان لقّب بالفاتح لأنه فتح مدينة القسطنطينية (1453) التي عُرفت بعد الفتح باسم اسطنبول وصارت عاصمة الدولة العثمانية بعد أن كانت عاصمة الدولة البيزنطية.

والفتّاح: الكثير الفتح، مبالغة الفاتح. والفتّاح من أسماء الله الحُسنى وهو الذي يفتح أبواب الرزق لعباده وهو الفتّاح العليم. وعبد الفتّاح اسم مركّب بالإضافة.