فرح وعاطفة وعطاء في معرض فدوى حمدان

تؤكّد حمدان في معرضها وألوانها الزاهية كم أن الانسان، في عصرنا، بحاجة إلى الفرح والبهجة التي تحرمه منها الحروب والتوترات، خصوصاً في بلاد الشرق. 

حقّق معرض الفنانة اللبنانية فدوى حمدان "قف 2" (Stop 2)، في غاليري "زمان" في الحمراء ببيروت، مفاجأة إقبال ومبيعات غير مسبوقة، في زمن الأزمة بأوجهها المختلفة خصوصاً منها الاقتصادي، مؤكِّدة أن الفن متى لامس قلوب الجمهور، وعواطفهم، لا تقف بينه وبينهم أية اعتبارات.

أكثر من عنصر واعتبار لعب دوره في نجاح المعرض، متمثّلاً بالإقبال الواسع عليه مما استدعى تمديده لأكثر من مرة، ومن هذه العناصر عنصر الفرح والتألّق الذي ساد الأعمال، لجهة المزيج اللوني الجامع بين الشفافية، والتنوّع، والزهو، والشاعرية في التشكيل الضوئي.

تؤكّد حمدان في معرضها وألوانها الزاهية كم أن الانسان، في عصرنا، بحاجة إلى الفرح والبهجة التي تحرمه منها الحروب والتوترات، خصوصاً في بلاد الشرق والدلالة ارتياح الجمهور للمعرض. 

حمدان (1968) المولودة في أفريقيا، والتي عايشت البيئتين اللبنانية والأفريقية، استطاعت ببراعة الجمع بينهما في أعمالها كافة. حيث يمكن تلمّس الروح الأفريقية المندمجة بالطابع اللبناني بحذاقة، ربما هي أقرب إلى ما اختزنته الفنانة في شخصيتها من طابع أفريقي- لبناني، فجاءت أعمالها تعبيريّات عن هذا التلاقح الفريد.

ومن العناصر التي جعلت الأعمال جاذبة انبثاقها من الحالة العاطفية للإنسان، وتؤشر إلى التوق للتقرب، والتعاطف والحاجة للآخر. يمكن ملاحظة هذا الجانب العاطفي الذي ضمّنته حمدان في معظم أعمالها في اللوحات وعناوينها التي تلامس القلوب ورغبات الناس الطبيعية. 

من هذه العناوين على سبيل المثال، "أراك في ألواني"، و"من وحي عطرك"، و"أراك في كل البشر"، و"أنت ملاذي"، و"ذكراك تراقصني"، و"أرقص على أنغام حبك"، وسواها من عناوين تمزج الشاعري بالتشكيل اللوني، وتعزف على أوتار عاطفية جاذبة للانسان التائق للارتياح والمرح عبر التفاعل مع الآخر.

في اللوحات فرح ظاهر، وعفوية وطفولة، تحضر فيها المرأة بقوة لأنها، بنظر الفنانة، هي مرآة الحياة والواقع والطبيعة.   

بعد عودتها من أفريقيا عام 1990، كانت حمدان مأخوذة برسم جماليات الطبيعة الواقعية، فقررت تنمية موهبتها وشغفها بالرسم سنة 2011. هكذا درست في معاهد لبنانية عدة إلى أن امتلكت القدرة على تكوين رؤية فنية خاصة.

شاركت الفنانة اللبنانية في معرض في بيروت ونالت عربون تقدير عام 2014، ومعرض غاليري "زمان 2" في الأونيسكو عام 2017، وفي الفوروم دو بيروت عام 2017 ومعرض تضاد لوني" في المركز الثقافي الروسي" عام 2018.

وكان لها معرض "قصيدتي ولوحتي" في طرابلس وتميزت بلوحة "أعطني الناي وغنِّ" عام 2018، إضافة إلى عدد من المعارض والسمبوزيوم، كعضو في ملتقى الألوان الفني الذي يضمّ عدداً من الفنانين من بلدان عربية عديدة. 

تعليقات كثيرة قيلت في المعرض، منها: "تحاول الفنانة أن تقدم ما فشلت اللغة في تقديمه، وهي علاقة أكثر رحابة وشفافية بين الانسان والاشياء،تماماً كما يقول ميشيل فوكو: "علاقة اللغة بالرسم علاقة لامتناهية لأن الكلمة غير كاملة، وتقع إزاء المرء في عجز تجهد عبثاً لتجاوزه، لأنهما لا يمكن أن تختزل أحدهما الآخر، فعبثاً نقول ما نراه لأن ما نراه لا يسكن أبداً في ما نقول، وعبثاً عملت على أن تجعل ما تراه بالصور والاستعارات والمخزون العقلي". 

وقيل أيضاً: "الآن أمام هذه اللغة اللونية، الموسوسة والمكررة دائماً، كحل لعلاقة لونية بين الكلمات والأشياء، علاقة يعمل الرسام على جعلها أكثر شفافية". 

أما مدير غاليري "زمان"، موسى قبيسي، فقال: "أين أنت أيتها السعادة؟ أنت في سلة البساطة، في سلام الجار صباحاً، تحية، في مشاهدة موج البحر، في مقابلة البسمة..ماذا أقول لربي؟ هل أقول له لماذا جعلتني أشاهد هذا الجمال ولا أقتنيه؟ أم أقول له: شكراً شكراً شكراً، لأنك أريتني هذه الجمالات، وأسعدت قلبي".