نجم - نجمة - نجيم

النجم عند العرب إذا أُطلق فإنما يعنون به الثريّا. والنجمُ من الدَّين هو ما يؤدّى في وقت مُعيّن

سابِقْ زمانَكَ خَوفاً مِن تَقلُّبِهِ
فكم تَقلّبَتِ الأيّامُ والدُّوَلُ
واعزِمْ متى شِئتَ فالأوقاتُ واحِدةٌ
لا الرَّيثُ يدفعُ مقدوراً ولا العَجَلُ
لا تَرقُبِ النٍّجْمَ في أمرٍ تُحاوِلُهُ
فاللهُ يَفعلُ لا جَديٌ ولا حَمَلُ
مَعَ السعادةِ ما لِلنَّجمِ مِن أثَرٍ
فلا يَغُرَّنْكَ مِرّيخٌ ولا زُحَلُ

هذه الدعوة إلى أن يحزم المرءُ أمرَه ويبادر إلى فعل ما قرّر أن يفعله من دون تردّد فإن الأحوال سريعة التبدّل، والمقدور لا يردّه تأخير ولا تعجيل، تأتي في سياق الرد على مَن يؤمنون بطوالع النجوم، وأن نجاح الأمر أو فشله مرهون بطلوع هذا النجم أو ذاك، فهذا كله وهمٌ.

هذا ما أجمع عليه الحكماء وما أثبتته التجارب على مدى الأيام، غير أن من الناس من لايزال يؤمن بتأثير الكواكب والنجوم في تقرير مصائر البشر وما يقومون به من أعمال. إلى هؤلاء يتوجّه الشاعر وهو بهاء الدين زهير بن محمد بن علي المهلّبي المعروف بالبهاء زُهَير (1186 - 1258). ولِد في مكّة المكرّمة ونشأ في قوص بصعيد مصر حيث تعلّم وظهرت موهبته الشعرية ولمع نجمه في سماء مصر الأيوبية وتوثقت صِلته بالملك الصالح أيوب.

وبيت القصيد الذي نتوقّف عنده هو النجم، نجم السماء الذي الذي يهتدي به المسافرون ليلاً والذي به يُسمّى المولود الذكر بنجم والأنثى نجمة. ونجم الدين اسم مركّب بالإضافة. ونُجَيم اسم مذكّر، تصغير نجم. ويشبّه أبو الطيّب المتنبي (915 - 965) نفسَه بالنجم في عليائه واهتداء الناس به فيقول:

وإنّي لَنجمٌ تهتدي بي صُحبَتي
إذا حالَ مِن دونِ النجومِ سَحابُ
غَنِيٌّ عنِ الأوطانِ لا يستفِزُّني
إلى بلدٍ سافرتُ عنهُ إيابُ

واشتقاق كلمة نجم من الجذر اللغوي المؤلف من النون والجيم والميم الذي يدلّ على طلوع وظهور. يقال منه: نجم الشيءُ ينجُم نُجوماً، إذا ظهر. ونجمَ النجمُ: طلع. ونجمَ في القوم شاعر أو فارس، إذا نبغ فيهم وظهر. ونجم النبتُ: طلع. والنجم من النبات ما لم يكن له ساق وهو بخلاف الشجر. ويُضرب المثل بالنجم في البعد وصعوبة المنال. وفي ذلك يقول الشاعر العباسي الشريف الرضِيّ (970 - 1015):

وما صَحبُكَ الأدنونَ إلّا أباعِدٌ
إذا قَلَّ مالٌ أو نَبَتْ بِكَ حالُ
تَميلُ بِيَ الدُّنيا إلى كلِّ شَهوةٍ
وأينَ مِنَ النجمِ البعيدِ مَنالُ

والنجم عند العرب إذا أُطلق فإنما يعنون به الثريّا. والنجمُ من الدَّين هو ما يؤدّى في وقت مُعيّن. يقال: نَجّمَ الدَينَ: أي قسّطه على أوقات معلومة. وأصله أنّ العرب كانت تجعل مطالعَ منازلِ القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها فتقول: إذا طلع النجم حلّ عليك مالي.
ونجّمَ المُنجّمُ: ادّعى معرفة الأنباء بمطالع النجوم. والمنجّم هو من يتولّى هذا العمل وهم المنجّمون. وفي الحديث الشريف "كَذَبَ المنجّمون ولو صدقوا"، أي ولو اتفق أن صدقوا أو صحّت بعض تنبّؤاتهم لأسباب لا شأن لتنجيمهم بها. والنجمة واحدة النجوم كالنجم. قال الشاعر الدمشقي نزار قبّاني (1923 - 1998):

حُبّي بِلَونِ النارِ إنْ مرّةً
وَشوَشتُ عنهُ الحُبَّ يستغربُ
لا تسأليني كيف أحبَبتني؟
يدفعني إليكِ شَوقُ نبي
واللهِ إنْ سألتِني نجمةً
قَلعتها مِن أُفقِها فاطلُبي

والنجمة لقبٌ يُطلق على الشهيرات في الفنون كالمسرح والسينما والتلفزيون وغيرها، والنجم هو الشهير في هذه الميادين. وذو النجمة لقبُ الحمار لحبّه النبات النجم، أي النبات الذي لا ساق له من عُشب وغيره.