"أفق المخيلة.. قراءات نقدية في النص الشعري والروائي"

يضم كتاب "أفق المخيلة.. قراءات نقدية في النص الشعري والروائي" للمؤلف قحطان جاسم، مجموعة من القراءات النقدية لنصوص شعرية وسردية لعدد من الأدباء والشعراء العرب.

كتاب "أفق المخيلة.. قراءات نقدية في النص الشعري والروائي"

يضم كتاب "أفق المخيلة.. قراءات نقدية في النص الشعري والروائي" للمؤلف قحطان جاسم، مجموعة من القراءات النقدية لنصوص شعرية وسردية لعدد من الأدباء والشعراء العرب. يقر الكاتب بأنه لم يلتزم بمنهج معيّن، بل بمجموعة معارف متراكمة لديه، وأن قراءته للنصوص لم تعتمد على أسس الخبرة الأدبية للشاعر أو الأديب، بل على اعتبار النص مخلوقاً حياً يمتلك مقوماته الخاصة.

يبدأ الكاتب عمله النقدي بديوان "طفولة آدم" للشاعر خالد خشان فيقول إن الشاعر سعى بذكاء لتهيئة القارئ نفسياً لدخول ثنائية "الطفولة والحرب" فيصف الطفولة في قصيدته تشبثاً عنيداً بنضارة الحياة التي ثقبتها الحرب كرصاصة :

يا لروعة روحي

طفولة بعيدة

يلفها قوس قزح

تمازحها الفراشات

ولأن ديوان "طفولة آدم" تمثل فيه الطفولة استعادة للحياة في مقابل الحرب التي ترمز الى الموت، فيصير استذكار الحبيبة تطابقاً مع مرور شظايا حية من الحرب:

وجهي ألِف الحروب

وجهك ألِف العصافير

تمرين على قامتي أسوة الشظايا

يقول الكاتب إن الشاعر مارس محاولات متكررة للهروب من هول الحرب التي غيبت الطفولة عبر التمسك بعالم الطفولة.

أما عن الجزء الآخر من الثنائية وهي الحرب فيقول المؤلف إن الشاعر خشان لا يدخل الحرب من بابها الملموس فيرسم لنا المعارك والجثث، بل يكتفي للحفاظ على تلك الغنائية الشفافة، في قصيدة قال فيها:

صباحات الجنود

حيث صوتك المتساقط

بين قلبي وتراب الملاجئ

وبين المدن المضيئة والخنادق

ينأى هذا الصباح مبكراً

مع البريد الذي لا يجيء

يمكن القول حسب المؤلف إن الشاعر خشان تمكن من إضفاء عواطف منضطبة على قصائده وضبط لغته وصورته الشعرية عبر تكثيف للغة والمشاهد والأفكار.

في قراءة لديوان "أرافق المجانين الى عقولهم" للشاعرة اللبنانية فيوليت أبو الجلد الصادر عن دار فضاءات –عمان، يقول الكاتب عن عنوان ديوان أبو الجلد بأنه يوحي بدلالة احتفالية عبارة عن كرنفال. ويضيف المؤلف قحطان جاسم: "في سياق هذه المغامرة الشعرية أن نلمح امرأة – الشاعرة، وهي تكثف في روحها ومشاعرها النسوة، معاناتهن، أحلامهن وشهواتهن"، طارحة على نفسها سؤالاً غير محايد ينفتح على مسؤولية لا مهرب منها: "ماذا أفعل بكل النساء اللواتي يتراقصن الآن في جسدي؟".

قصائد "أرافق المجانين البى عقولهم" التي يشكلها جوهرها: الحب، الإيروتيكية الحسية، مواحهة الآخر أو الفردي، تنفتح على فضاءات جمالية وفكرية حيث يكون جسد المرأة فضاء يرنو إليه الجميع.

في فصل ديوان "هواء طويل الأجنحة" للشاعرة المغربية علية الإدريسي البوزيدي الصادر في المغرب عن دار التوحيدي، يشير المؤلف جاسم "الى أن القاموس الشعري للشاعرة ما زال يقتصر على عدد محدود من التعابير، التي تكررت في القصائد كالشجرة، الصفصافة.. وهو أمر يمكن للشاعرة أن تتجاوزه في إصداراتها القادمة. ورغم ما قيل فإن التجربة الشعرية لعلية الإدريسي تستحق الاهتمام والتتبع لأنها تملك فرادتها الخاصة".

واعتبر جاسم أن ديوان "جلجلة الرماد" للشاعر إحسان السماوي الصادر عن دار دمشق. يمتلك ثراء لغوياً وخزيناً من الصور الشعرية وأضاء العديد من الموضوعات كالحب والحرب والموت.

في ديوان "خارطة اللون .. قبعة السماء" للشاعرة المصرية سمية العسقلاني، الذي صدر عن دار الأدهم . يلمس جاسم "الشد والجذب بين الشعر والحكمة" فالشاعرة درست الفلسفة وهي أساتذة جامعية حيث كانت تحدوها رغبة خوض غمار تجربة استخدام الحكمة، مما أدى الى تحميل الشاعرة عبئاً جمالياً، وهذا واضح من "الارتباك الحاصل في توزعها دون بوصلة توجهها شعرياً".

تقييم الكاتب لديوان "حين استيقظت ميتاً" لمؤلفه الشاعر علي رياض، وهو ديوانه الأول- منشورات بلدنا- بغداد، "إنه تمكن من الارتهان الى فكرة واحدة وهي نقل فكرة الموت شعرياً من دون الحاجة أن نسبح في بحر من الدماء أو نتسخ في دخان القنابل".

حول فكرة وفضاء الصمت في ديوان "مكان ما في اللانهائي" للشاعرة المغربية رجاء طالبي، يرى المؤلف أن "الشاعرة بقيت محصورة في تكرار بعض الصور والصياغات الشعرية وربما يعود الى صعوبة تناول ثيمة حساسة كالصمت تتضمن معنى فلسفياً".

في قراءته لديوان "متحف النوم" للشاعر العراقي عبد الجابري الصادر عن دار فضاءات –عمان، يشبّه المؤلف يشبه الشاعر بالطفل فكلاهما لا يحاكي الواقع. ويرى جاسم أن الشاعر عبود قدم لنا في ديوانه تجرب جمالية شعرية سعت للحفاظ على مسافة متجاورة بين وعي الشاعر وانضباطه وبين لاوعي شاعرية طفولية تستمد مصادرها من رؤاها الخاصة".

يبدأ الكاتب جاسم نقده لرواية "قشور بحجم الوطن" بقول للفيلسوف أرثر شوبنهاور: المؤلفون نوعان: نوع أول يكتب كم أجّل الموضوع الذي يتناوله ونوع يسود الورق من أجل الكتابة ذاتها".

يعتبر الكاتب السرد عن الغربة الذي أتقنه مؤلف رواية "قشور بحجم الوطن" القصيرة الصادرة عن دار فضاءات –عمان التي لا تتجاوز عدد صفحاتها 84 صفحة، بأنها "كتبت بعناية فائقة وبلغة سردية موجزة". تعرض الرواية تشظي هوية محمد منذ أن كان مقيماً في العراق ففي الوطن حياته كانت مليئة بالممنوعات، بعد هروبه من العراق الى كندا. ويعبّر عن ذلك بقوله: "لم أكن أصدق أن كندا ستضاعف من تلكؤ مسيرتي". ويصل به الأمر الى محاولة الانتحار. في النهاية يسافر إلى العراق في محاولة جديدة للبحث عن هويته المتمثلة في نبش قبر أخيه المدفون في غرفة نومه، إلا أنه يتفاجأ بالبيت مدمراً بصاروخ "مجهول المصدر". يقول الناقد جاسم: "يشير مرة ثانية على استمرارية حالة اغتراب بطله وتوزعه الذاتي".

أما رواية "صورة في ماء ساخن" للروائية العراقية سلوى الجراح، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، فيقول جاسم عن الرواية: "يرصد القارئ من خلال الأسيرة الذاتية للشخصية الرئيسية في الرواية بديعة عبد الرحمن كيال تاريخ العراق السياسي ونسيجه الاجتماعي منذ خمسينات القرن الماضي الى ما بعد سقوط النظام العراقي بسنوات."

ينتقل الكاتب بنا إلى رواية رواية "مشرحة بغداد" للروائي العراقي برهان شاوي الصادرة عن دار العربية للعلوم –بيروت والتي يعتبرها الكاتب  ضمن ما يطلق علية رواية الجريمة. الرواية هي "عالم مصغر لما كان يجري وجرى في العراق منذ سقوطه عام 2003 ".

أما رواية "وردة الفجر" للكاتب التونسي السيد التوي التي صدرت عام 2015 عن دار زينب في تونس، فيرى جاسم أنه لم يحظَ أدب الجريمة الا باستثناءات قليلة باهتمام الأدباء العرب، وأنه يمكن قراءتها باعتبارها محاولة تجريب في هذا الشكل الأدبي، إذ أن حصيلة كتابنا في هذا المضمار بقيت محدودة جداً.

رواية "اللقلق" للروائي زهير الجبوري الصادرة عن دار فضاءات –عمان، تتمحور حول التاريخ السياسي والاجتماعي في نهاية الحكم العثماني والاحتلال البريطاني، حيث يستخدم الروائي اللهجة العامية في الحورات باقتصاد شديد، لإضفاء مسحة واقعية وتفادي إغراق النص بلغة عامية تضعف من سردية النص.

يقول قحطان جاسم عن هذه الرواية إنها "تمكنت من تحقيق إنجاز أدبي، وتحسب خطوة باتجاه ولادة أعمال أدبية ذات مستوى عال في العراق".

رواية "هسيس اليمام" للروائي العراقي سعيد سعيد تمكنت من كشف الحياة السرية للنساء في مجتمع مقموع ظاهرياً ولكنه غارق في علاقات سرية من الإغواء. الروالية ترمي الى الكشف عن المواقف والسلوك الذكوري السائد في المجتمع.