سقوط الفيل ليس كسقوط الحمار.. أميركا بعد ترامب

يشهد الحزب الجمهوري انقساماً واضحاً غذّته الأحداث الأخيرة، لكن النقمة تتصاعد أيضاً في أوساط الديموقراطيين. أي مستقبل ينتظر أميركا؟ ربما علينا أن نستعد لأربع سنوات من الإثارة والأحداث الدرامية التي ستشهدها بلاد العم سام ومعها العالم.

  • منذ أحداث الكابيتول، فُتحت أعين المتابعين على أميركا جديدة.
    منذ أحداث الكابيتول، فُتحت أعين المتابعين على أميركا جديدة.

أسدل دونالد ترامب الستارة على ولايته، لكنه باليد الأخرى فتح الستارة على مشهد جديد، مؤذناً بعهد "الترامبية" خارج الحكم. في كلمته الوداعية، قال: "الآن وأنا أسلم السلطة لإدارة جديدة، فإن الحركة التي أطلقناها بدأت للتو وستصبح أقوى". عبارة تنبئ بأنه سيكون أمام جو بايدن فترة حكم عصيبة، وأنه سيتعيّن عليه الانشغال بتطورات الأزمة الداخلية، أقلّه حتى الانتخابات النصفية للكونغرس بعد عامين.

تشير كلمة ترامب إلى أنه لن يدع ساكن البيت الأبيض الجديد يرتاح في مكتبه البيضاوي. في العادة، يأتي هذا التهديد بشكل متوقع من الحزب الآخر، المنافس الخاسر في الانتخابات، وذلك عبر تفعيل المعارضة وعرقلة مشاريع الرئيس داخل الكونغرس، وخصوصاً إذا كان يمتلك أغلبية في إحدى غرفتيه.

لم تأتِ كلمة ترامب إلا تتويجاً لمسار تصاعدي من أزمة متراكمة وتناقضات داخل النظام الأميركي، انفجرت على صورة الأحداث التي تابعها العالم مذهولاً. مشاهد تُوجت بأحداث اقتحام مبنى الكابيتول، ليعتاد العالم بعدها على حال الفوضى والريبة اللتين تعمّان أميركا؛ الدولة الإمبراطورية المنكفئة.

 

ترامب لم ينته.. بداية جديدة

  • ينبئ خطاب ترامب الوداعي بأن الشعبوية التي أطلقها لن تعود قريباً إلى القمقم.
    ينبئ خطاب ترامب الوداعي بأن الشعبوية التي أطلقها لن تعود قريباً إلى القمقم.

 

بدت أحداث الكابيتول كأنها صدمة نفسية للرأي العام العالمي، لا المحلي الأميركي فقط. أي مفاجأة ستحدث لاحقاً سيتقبلها مشاهدو قنوات التلفزة، بل ستكون ربما متوقعة. 

منذ أحداث الكابيتول، فُتحت أعين المتابعين على أميركا جديدة. الصور الحيّة والمواكبة الإعلامية لما يجري ولخلفياته بدّدت الصورة النمطية عن أميركا العظمى، التي تحوّلت من أرض الفرص إلى أرض الاحتمالات المفتوحة على الهواجس.

ينبئ خطاب ترامب الوداعي بأن الشعبوية التي أطلقها لن تعود قريباً إلى القمقم، لكن القلق والمشاغلة لن يحلا فقط على إدارة الرئيس الجديد. ثمة ترقّب لما سيؤول إليه حال الحزب الجمهوري، بعدما دلّت استطلاعات الرأي على احتفاظ ترامب بقاعدة مؤيدة ووازنة بين أوساطه، الأمر الذي يفتح الباب على جملة من الاحتمالات. 

الانشقاق وتأليف حزب جديد لم يعد مستبعداً. تؤكد "وول ستريت جورنال" في هذا الإطار أن ترامب بحث مع مساعديه الأسبوع الماضي تشكيل حزب سياسي جديد.

الاحتمال الآخر أن يبقى ترامب في الحزب الجمهوري، ويسيطر تياره على قواعده عبر دعم مرشحين إلى انتخابات الكونغرس، أو أن يتجاذب الحزب الجمهوري مراكز قوى متعددة. 

هذا لا يلغي سائر الاحتمالات، ومن ضمنها محاولة إقصاء ترامب تدريجياً وإضعاف تياره، بغية تحجيم دوره من قبل المتضررين. هذه المحاولة لن تقضي في أحسن الأحوال على ما بدأ، ولا على الانقسام العميق داخل المجتمعات الأميركية، وسوف يكون ترامب محمياً إلى حد كبير بامتداده الشعبوي والميول العنفية لدى بعض المؤيدين. تلك الشرائح المسلحة والمؤطرة، وبعضها منظّم، لن تتسامح تجاه أي استهداف لترامب، سواء كان سياسياً أو قضائياً أو أمنياً. إن القاعدة الصلبة التي تؤمن بأن الانتخابات كانت مزورة (تؤيدها استطلاعات الرأي)، وأن هناك مؤامرة حيكت ضد ترامب، سيكون من الصعب إقناعها بعكس ذلك في حال اتجهت الأمور نحو الأسوأ، كما سيصبح أكثر صعوبة احتواء غضبها. 

 

دلالات استطلاعات الرأي

كشف استطلاع رأي مشترك أجرته صحيفة "واشنطن بوست" و"إي بي سي" منذ أيام أن 50 في المئة ممن جرى استجوابهم من الأميركيين لا يثقون بقدرة بايدن على أن يتخذ القرارات الأفضل لمستقبل البلاد. وفق الاستطلاع، فإن 7 من بين كل 10 في أوساط الجمهوريين، يرون أن بايدن لم يجر انتخابه بشكل شرعي، وهو ما يظهر أن الاتهامات التي وجهها ترامب تحظى بتأييد وسط فئة عريضة من أنصار الحزب المحافظ.

في المقابل، أشار استطلاع آخر للرأي أعده معهد "بيو" يوم الجمعة الماضي إلى تراجع تأييد دونالد ترامب إلى مستوى قياسي. وذكر المعهد أنه بعد اقتحام أنصار ترامب مبنى الكابيتول، أعطى ما لا يزيد على 29% فقط ممن شملهم الاستطلاع أصواتهم لإدارة ترامب.

طبعاً، لا يمكن الركون إلى استطلاع رأي واحد لتحديد توجهات الرأي العام في أميركا، فمن الشائع أن يجري "تصنيع" الاستطلاعات من أجل إسباغ شرعية أو توجيه الرأي العام. أبرز مثال على ذلك هو استطلاعات الرأي التي أظهرت تقدماً ملحوظاً لجو بايدن على ترامب خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كذلك استطلاعات الرأي خلال انتخابات 2016، والتي كانت تظهر تقدم هيلاري كلينتون على ترامب، لتأتي نتائج الانتخابات بخلاف ذلك.

وكدليل على تصنيع استطلاعات الرأي، نشر معهد "غالوب" يوم الإثنين الماضي استطلاعاً يشير إلى تراجع شعبية ترامب إلى مستوى غير مسبوق، مع إبداء 34% فقط من الأميركيين رضاهم عن أدائه في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض، لكن التدقيق في العنوان يظهر أن أعلى نسبة حازها ترامب خلال ولايته وصلت إلى 49% فقط، عدا أن السؤال شمل جميع الأميركيين، لكن ماذا عن الجمهوريين، حيث تتركز هنا الدلالة السياسية التي تحمل مؤشرات يعتدّ بها؟

 أظهر الاستطلاع أنّ 82% من الجمهوريين أبدوا رضاهم عن أداء رئيسهم. وكان استطلاع أجرته شركة "YouGov" أظهر أن 45 في المئة من أنصار الحزب الجمهوري يؤيدون مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول، فيما كشفت استطلاعات أخرى عن رفض واسع لعزل ترامب ومحاكمته.

مهما تراجعت شعبية ترامب، تبقى هناك نسبة وازنة عدادها بالملايين ما زالت تؤيده. بعض هؤلاء منظمون ومؤطرون ضمن جماعات وميليشيات مسلحة، وهذا الأمر لا يُقاس من حيث خطورته بالنسب المئوية والأعداد فقط. مسلح واحد في هذه الحالة أقوى من عشرة أشخاص سلميين.

 

الانقسام داخل الجمهوريين

الانقسام داخل الحزب الجمهوري تجلى بعد حادثة الكابيتول من خلال الأصوات التي تمردت على رغبة ترامب. لم ينصَع نائب الرئيس مايك بنس لتوجهات رئيسه، فيما قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، إن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/يناير "حرضهم الرئيس دونالد ترامب وشخصيات نافذة أخرى حاولوا استخدام الخوف والعنف لوقف عملية المصادقة على نتائج الانتخابات".

الانقسام بين الجمهوريين ربما يضع النظام برمته أمام ديناميات جديدة في بلاد لطالما عرفت بـ"نظام الحزبين". النخبة الجمهورية استفادت طيلة السنوات الأربع من شعبية ترامب في أوساط الحزب، لكنها باتت أمام مراجعة خلال الفترة الأخيرة، ولا سيما بعد تصاعد العنف السياسي. 

تحت عنوان "فوضى ترامب تقسم الإنجيليين"، كتبت "نيويورك تايمز" منذ أيام أنه بعد أسبوع من هجوم الكابيتول، ينقسم الإنجيليون البيض بشأن الواقع الفوضوي الذي وضعهم ترامب فيه، وأشارت إلى "صراع داخل كل عائلة، داخل كل مجتمع كنسي، وقد يستغرق التعافي أجيالاً".

وفيما يسأل كاتب المقال ديفيد بروكس: كيف يمكنك الشروع في إعادة ربط الناس بالواقع؟ فإنه يخلص إلى القول إنّ الأميركيين رأوا "الأحداث اللامعقولة وحشاً شرهاً. وإذا لم تتم مواجهته، فإنه سيلتهم ليس حزبك فقط، ولكن كذلك أمتك وكنيستك".

وفي مقال يعكس الواقع الصعب الذي آل إليه الحزب الجمهوري، استعرضت السيناتور الجمهورية عن ولاية نبراسكا بين ساسي في دورية "ذا أتلانتيك" كيف تعمل مجموعة مثل "كيو آنون" على تدمير الحزب الجمهوري من الداخل. وقالت: "مهما فعل الحزب الجمهوري، فإنه يواجه معركةً بشعة. الانقسام الذي سعى العديد من السياسيين في اليمين إلى أن يتجنبوه قد يحدث قريباً".

وفي إشارة إلى انتكاسة مؤسسية كبيرة ضد ترامب والتطرف اليميني الذي ساعد في ترسيخه، تعهدت قائمة متزايدة من الشركات العملاقة وكبار المتبرعين الجمهوريين بقطع العلاقات مع السياسيين الذين دعموا جهود ترامب للطعن في نتائج الانتخابات على أساس كاذب.

 

نقمة في أوساط الديموقراطيين 

  • تعكس وسائل التواصل الاجتماعي جانباً من الامتعاض والاستياء في قواعد معتبرة من حزب الرئيس بايدن.
    تعكس وسائل التواصل الاجتماعي جانباً من الامتعاض والاستياء في قواعد معتبرة من حزب الرئيس بايدن.

 

قد يبدو أن واقع الحزب الديموقراطي أفضل حالاً من غريمه التقليدي، لكنه ليس وردياً على الإطلاق. تعكس وسائل التواصل الاجتماعي جانباً من الامتعاض والاستياء في قواعد معتبرة من حزب الرئيس بايدن. من ضمن أولئك المعترضين ما يُسمى بـ"التيار التقدمي" الذي يعبّر عنه بيرني ساندرز وأليزابيث وورن.

يميل هؤلاء إلى برامج عمل ومطالبات يسارية، من قبيل نظام صحي شامل، وتعليم جامعي مجاني في الداخل، ونظام ضرائبي عادل، إضافة إلى العدالة الاجتماعية وغيرها من الأمور التي يتمايز فيها الحزب الديموقراطي عن الجمهوري. أما على مستوى السياسة الخارجية، فتتجلى أبرز القضايا الخلافية بين عناصر ذلك التيار وتوجهات جو بايدن في غزو العراق والحرب على سوريا، التي عارضها هذا التيار في عهد الرئيس السابق باراك أوباما ونائبه بايدن.

حالة الإحباط بين صفوف هذا التيار عبّرت عنها المندوبة عن فريق المرشح الرئاسي بيرني ساندرز لمؤتمر الحزب الديموقراطي، مارسي وينوغراد، حين أوجزت المسألة قائلة: "لا نرغب في رؤية العناصر ذاتها التي ساقتنا إلى الحرب على العراق تشغل مناصب حساسة في السياسة الخارجية".

كما أن نحو 400 مندوب في المؤتمر الافتراضي للحزب الديموقراطي وجّهوا "كتاباً مفتوحاً" لبايدن، يحثونه فيه على "توظيف مستشارين جدد في السياسة الخارجية، ممن لديهم سجل واضح في ترجيح وتنفيذ الحلول الدبلوماسية، عوضاً عن أصحاب التدخلات العسكرية الكارثية التي تضمنت غزوات عسكرية واحتلالات وممارسة التعذيب والاغتيالات بواسطة الطائرات المسيّرة".

في هذا الإطار، يبرز مقال نشر في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، قال كاتبه إنه بعد مشاهدة اقتحام مبنى الكابيتول، خلص العديد من النقاد التقدميين للسياسة الخارجية الأميركية إلى أن "دجاجات" البلاد عادت أخيراً إلى الوطن لتعيش فيها. وفق الكاتب، "كان هذا ارتداداً سلبياً للعديد من التدخلات العسكرية الأميركية والحروب الدائمة ومحاولات الانقلاب، وعاد مفهوم تغيير النظام إلى واشنطن".

بالنسبة إلى هؤلاء النقاد، كان المعنى واضحاً: يتعيّن على أميركا لإنقاذ ديموقراطيتها أن تقلّص بشكل كبير طموحاتها في السياسة الخارجية.

 

خارج الحزبين.. أصوات غير محتسبة

على يسار "التقدميين"، ثمة أصوات أكثر راديكالية في تبني نهج سياسي واقتصادي يتعارض مع السياسة القائمة حالياً من كلا الحزبين. ربما يفسّر ذلك صعوبة نجاحها في حجز مقاعد معتبرة لها ضمن الأطر التمثيلية الانتخابية في النظام الديموقراطي الأميركي.

حزب ولاية فيرمونت التقدمي (يساري) الذي يمتلك سبعة مقاعد من أصل 150 في برلمان الولاية، ليس إلا استثناء في هذه الحالة. وعلى الرغم من بروز أحزاب ثالثة (غير الديموقراطي والجمهوري) في السنوات الأخيرة، فإنها لم تتمكن على قلتها من إحداث أي تغيير فعلي في النظام أو النهج القائم، فهل تؤشر السنوات المقبلة إلى بروز هذه الأحزاب بقوة أكبر على المسرح السياسي الأميركي؟

يقول فرانسيس فوكوياما في مقالته الأخيرة في مجلة "فورين أفيرز" إن "الحكومة الأميركية ما تزال في قبضة مجموعات النخبة القوية التي تشوّه السياسة لمصلحتها الخاصّة وتقوّض شرعية النظام ككل". يعتبر صاحب المؤلف الشهير "نهاية التاريخ" أن "النظام ما يزال جامداً، إلى درجة أنّه لا يستطيع إصلاح نفسه". 

هذه الخلاصة هي ما يكافح من أجلها بعض الجماعات والأحزاب التي ما زالت من دون تأثير فعلي حتى الآن، منها حزب "الخضر" الذي ترشح عنه رالف نادر مرتين. وفي مرتين أخريين، ترشح من خارجه.

هؤلاء، ومن ضمنهم شريحة من "التيار التقدمي" داخل الحزب الديموقراطي، يرون أن الحزبين الديموقراطي والجمهوري باتا وجهين لعملة واحدة في ما يتعلق بالسياسات القائمة، وبمعزل عن الفروقات "الطفيفة" بينهما في قضايا مثل الضرائب وحق الإجهاض وزواج المثليين وغيرها.

لذلك، نجد حزب "الكنبة" (التعبير مشتق من مصر) غير المبالي إطلاقاً بكل النظام السياسي وما يستتبعه من عمليات انتخابية وتمثيلية. وبالتالي، فإن بروز أصوات ضد نظام الحزبين مردّه إلى أن نخبة هذين الحزبين باتت ترتبط عضوياً بشبكة من المصالح مع اللوبيات والشركات، حيث تتقاطع مصالح الدولة العميقة بمصالح تلك الشركات.

من جملة ذلك أن وزير الدفاع الجديد لويد أوستن يرتبط بعلاقة تجارية مع شركة "رايثيون" لتصنيع الأسلحة، الأمر الذي أثار جملة تساؤلات حول التزامه بالحياد عند طرح المناقصات والتعاقد مع البنتاغون.

كما أن وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن اشترك مع المرشحة السابقة لوزارة الدفاع ميشيل فلورنوي في "مؤسسة استشارات خاصة" لمصلحة كبريات شركات التصنيع العسكري، ما أثار اعتراض العديد من قادة الحزب الديموقراطي، وأسفر عن انسحاب بلينكن من المؤسسة.

 

أميركا إلى أين؟

في ما يتعلّق بتقاطع المصالح الحزبية والمالية لا يختلف قادة الحزب الديموقراطي كثيراً عن قيادات من الحزب الجمهوري. وفي كل الأحوال، فإنّ التشابك والارتباط بين السياسة والمال هما مشكلة متأصلة في النظام الأميركي، حيث تعتبر مقوننة وشرعية، إذ يكفل التعديل الأول للدستور دعم الأحزاب أو المرشحين لمختلف المناصب، سواء بالمال أو غيره، ويعتبر حقاً من حقوق الأميركيين الأساسية، ويوضع في دائرة حق التعبير عن الرأي والممارسة السياسية.

هذا "الحقّ"، وإن كان يشترط الشفافية الكاملة، إلا أنه يمنح أصحاب رؤوس الأموال الكبرى تأثيراً كبيراً في توجهات الساسة والأحزاب، كما هو حاصل منذ أمد طويل.

من المبكر الحديث عن تغيير جذري في المشهد السياسي الأميركي، وإن كانت إرهاصات هذا التغيير قد بدأت فعلاً. قد يأتي ذلك بفعل، أو على وقع، عنف سياسي، أبرز مظاهره اليوم بروز نازية جديدة على يمين الحزب الجمهوري. هذه النازية ربما تؤدي إلى صعود تيار يخترق صفوف الفيل والحمار، وقد يمثل بداية انحدار هذه الثنائية أو أحد طرفيها، والأرجح في هذه الحالة أن ينقسم الحزب الجمهوري.

وبمعزل عن تشابه الظروف التي أدت إلى صعود النازية والفاشية في أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى وصعود اليمني المتطرف في أميركا حالياً، وخصوصاً لجهة العوامل الاقتصادية، ولكن حدثت تاريخياً انزياحات وتبدلات جذرية داخل كلا الحزبين. ورغم ذلك، كان هناك ما يكفي من المرونة لكي يستوعب النظام القائم هذه التحولات.

يبقى السؤال مفتوحاً حول أي مستقبل ينتظر أميركا الإمبراطورية. ربما علينا أن نستعد لأربع سنوات من الإثارة والأحداث الدرامية التي ستشهدها أميركا ومعها العالم. 

الاحتمالات مفتوحة أكثر من السابق، لكن يتعيّن أن نتذكر أن سقوط الفيل ليس كسقوط الحمار. لا تحمل النهايات دائماً وعوداً بالأفضل، وربما يؤدي سقوط كهذا إلى أضرار تتجاوز أميركا.