"جزر الكنائس" في تونس: محمية طبيعية مصنّفة عالمياً

يعود تاريخ أرخبيل "جزر الكنائس" في تونس إلى القرن الخامس ميلادي، يعانق فيه الطابع الإسلامي، الطابع المسيحي، حيث يؤرخ الجانب التاريخي، أنه يحتوي على الولي الصالح "سيدي صالح"، كما يُحكى أن الكاهن "سان ديلجونس"، كان يتعبد في كنيسة في "جزر الكنائس"، وهي جزيرة اللبوة البعيدة عن الأنظار.
وتمتد "جزر الكنائس"، وفق ما أفادت به منسقة هذا الموقع الأثري، صابرين كسكاس، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، على مساحة 5850 هكتاراً.

يتضمن الأرخبيل 4 جزر وهي: (البصيلة، واللبوة، والحجر، والغريبة)، التي تم بمفعول ارتفاع منسوب المياه، تقسيمها إلى الغريبة الشمالية، والغريبة الجنوبية، نظراً للتغيرات المناخية وتأثيراتها على ديمومة الجزر.
وأوضحت كسكاس، أن "جزر الكنائس، تعد من أهم المناطق الرطبة في العالم نظراً لتنوعها البيولوجي إذ تشكّل ملاذاً لآلاف الطيور المعششة، فضلاً عن أهميتها كمحمية بحرية ونباتية ثرية ومتنوعة واحتضانها لمواقع أثرية، ما أهلّها لتكون محمية طبيعية منذ سنة 1993.

تشرف على المحمية إدارة الغابات، ومنطقة مصنفة "زيكو" منذ سنة 2003 وهي مرسّمة على قائمة "رامسار" منذ سنة 2007".

وذكرت، أنه "يتم السعي حالياً، على مستوى وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، إلى تقنينها، وتصنيفها كمنطقة محمية بحرية وساحلية، تمسح أكثر من 29 هكتاراً، وتشمل مساحة بحرية، ومساحة برية، والمساحة البحرية أكبر من البرية، باعتبارها محمية بحرية ساحلية، وإعادة تصنيفها كمنطقة متمتعة بحماية خاصة في المتوسط". 

محمية بحرية وساحلية

وأشارت إلى أنّ "نظرا لأهميتها، فإن جزر الكنائس، مصنفة على المستوى الوطني والعالمي، باعتبارها محمية بحرية وساحلية".
وتكمن الصعوبات التي تعوق سهولة الولوج إلى "جزر الكنائس"، وفق ما أفادت به منسقة هذا الموقع، صابرين كسكاس، في "النظام البيئي الخاص بها، والمتمثل أساساً في المد والجزر، حيث لا يتم الدخول إلى البحر في كل الأوقات، والتراخيص التي تتطلب وقتا كبيرا لزيارة الجزر".

وأوضحت أن وجود الصيد العشوائي، والصيد بالكيس، وصيد القفالة، وبطء تفاعل السلط المعنية عند الإبلاغ عنه، فضلا عن صعوبة التعامل مع المجتمع المحلي بخصوص منظومة الحماية، إشكاليات تسبب في أغلب الأوقات في عدم القدرة على المحافظة على استدامة الموارد الطبيعية التي تزخر بها تلك الجزر، سيما منها الثروة السمكية، وأصناف الطيور المعششة".

ملاذ للطيور وكنوز طبيعية

من جهته، روى الخبير في الطيور، ومصوّر الطبيعة، الحبيب الدلنسي، الذي تربطه علاقة بـ"جزر الكنائس" منذ 1990، قائلا: "تعد جزر الكنائس من أهم المناطق في المتوسط وفي شمال إفريقيا، حيث تمتد مساحتها على 5850 هكتاراً، بداية من شمال خليج قابس بعد صفاقس، حتى بحيرة بوغرارة في مدنين، كما تتميز بالنظام البيئي المتمثل في المد والجزر".
وأوضح قوله: "هنا في جزر الكنائس، حيث يبعد البحر، وقت الجزر، 11 كلم عن البر، يجد الإنسان رغد عيشه، بفضل تهوئة البحر عبر مفعول النظام البيئي الذي تتميز به الجزر، والمتمثل في المد والجزر، والذي يؤدي إلى نوعية جيدة من الماء، ونكهة فريدة للأسماك، وتواجد مجموعات وأنواع كبيرة من الطيور المعششة في فصل الشتاء، خاصة منها النوارس، وأنواع أخرى من الطيور في جزيرة البصيلة". 

 من كنوز تونس الهامة

وتابع: "هذه الطيور المعششة، تجد ملاذها في الراحة والأمان بالجزر غير المأهولة مثل جزيرة البصيلة، التي تُقدّر مساحتها ب380 هكتاراً، و 4 جزر أخرى، وذلك هروبا من عديد المشاكل التي باتت موجودة في البر، على غرار الخنازير، والكلاب السائبة، كما تربط البحارة بالطيور في جزر الكنائس علاقة ودية جداً، حيث تجرؤ العصافير على أكل الدفعة القرفاء التي تقتل الفئران ولا تضر البحار".

"جزر الكنائس" ... محمية طبيعية تابعة لمعتمدية الغريبة مصنفة وطنيا وعالميا منذ
https://t.co/0OEquO8iHz

— Babnet (@babnet_Tunisie) August 30, 2025

وخلص الدلنسي، إلى القول إن "تونس تتضمن كنوزا طبيعية، غير موجودة في المدن، على غرار محمية جزر الكنائس، وجربة، وملاحات قرقنة ... وغيرها"، داعيا إلى ضرورة "زيارة هذه الكنوز الطبيعية، والاستمتاع بها، والمحافظة عليها، باعتبارها تمنح زوارها الشعور بالراحة والأمن والأمان".

يذكر أن جمعية تواصل الأجيال بصفاقس، التي تعمل على تحقيق التصرف المستديم في جزر الكنائس، اتفقت منذ أيلول / سبتمبر 2021 مع جمعية "أزرقنا الكبير" التي تعمل على تحقيق الهدف ذاته في جزيرة قوريا (أرخبيل المنستير)، بالشراكة مع وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي.

اقرأ أيضاً: جزيرة جربة التونسية على لائحة التراث العالمي

وتم الاتفاق على تعزيز التعاون والتشبيك بينهما في مجالات المحافظة على التنوع البيولوجي، ومقاومة التلوث وتعزيز الأنشطة السياحية الإيكولوجية في هذه الجزر وتطوير الاستراتيجية الاتصالية المرافقة لهذا البرنامج.