في ذكرى النكبة.. التطبيع إلى أين؟

إن نهضة الشعوب العربية وقواها الثورية كفيلة بإسقاط مؤامرات التطبيع وصفقة القرن وتبعاتها.

  • في ذكرى النكبة.. التطبيع إلى أين؟
    اتفاقية أوسلو لم تكن إلا بداية للتنازُل والتطبيع مع العدو المُحتل

 

شهدت سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي وبعد نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 مدّاً ثورياً وخصوصاً في عهد الرئيس والزعيم المصري جمال عبد الناصر وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية وانطلاق الثورة الفلسطينية المُعاصِرة بزعامة فتح عام 1965 بقيادة الشهيد ياسر عرفات، والتي أعقبتها نكسة حزيران عام 1967 والتي تكلَّلت باحتلال "إسرائيل" للضفة الغربية، وقطاع غزَّة، والجولان السوري، وسيناء المصرية. النكسة لم تكن إلا مرحلة امتداد للمدّ الثوري والتي عزَّزت من الكِفاح المُسلّح لفصائل الثورة الفلسطينية والذي شهد تطوّراً ملحوظاً في سبيل تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية، والتي كان لها أصداء عالمية واسعة وأدَّت إلى اعتراف العالم ب (م.ت.ف) كمُمثّلٍ شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. 

منذ طفولتي وفي بداية الاحتلال، كانت إسرائيل بحاجةٍ للأيدي العامٍلة الرخيصة، ففتحت حدود الهدنة على مصراعيها لاستقبال الأيدي العاملة الفلسطينية، عندها كانت التنظيمات الفلسطينية، وعلى رأسها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تعتبر العمل في إسرائيل كنوعٍ من العَمالة، والخيانة، فتصدَّت له بعمليات إحراق للحافلات الإسرائيلية التي تقلّ العمّال إلى الداخل الفلسطيني. 

ولكن وفي أعقاب اتفاقية أوسلو سيّئة الصيت عام 1993 والتي أدَّت إلى قيام السلطة الفلسطينية، أصبح العمل في إسرائيل مطلباً فلسطينياً وخصوصاً أنه بعد اندلاع انتفاضة الحجارة وفَرْض الإغلاق الكامل على الضفة الغربية وغزَّة وعدم قُدرة العمّال العمل هناك أدَّى إلى فُقدان الكثيرين لرزقهم ما دفعهم إلى الرجوع وفلاحة أراضيهم والتوجّه نحو الاقتصاد المنزلي كأحد أوجه مقاومة الاحتلال.

اتفاقية أوسلو لم تكن إلا بداية للتنازُل والتطبيع مع العدو المُحتل، فبعد أن كانت م.ت.ف تدعو في برنامجها لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني من النهر إلى البحر، أصبح التنازُل والتخاذُل نوعاً من التطبيع والمُطالبة بدولةٍ مستقلةٍ على حدود عام 1967 وخصوصاً بعد اعتراف م.ت.ف بدولة إسرائيل وبالتالي التنازُل عن أراضي 48.

وهنا لابدّ من التذكير بمقولةٍ للشهيدين غسان كنفاني وأبو إياد: "الخيانة أصبحت وجهة نظر" خاصة مع تهافُت الدول العربية للتطبيع والاعتراف بدولة الاحتلال وإنكار الأحقيّة التاريخية غير القابلة للشكّ للشعب الفلسطيني على فلسطين التاريخية، فبعد أن كانت العلاقات التطبيعية سرّية، أخذت تخرج إلى العَلَن بوقاحةٍ من خلال بثّ المُسلسلات التي تُنادي للتطبيع مع الاحتلال، وتُدافِع عن حقّ اليهود بفلسطين كمُسلسل "أمّ هارون" و"مخرج 7"، ومن خلال بثّ مُغالطات تاريخية تنكر على الشعب الفلسطيني حقّه التاريخي في الأرض، وأن الفلسطينيين قاموا ببيع أراضيهم لليهود وأن تلك الدول ضحَّت كثيراً من أجل فلسطين ناسين أو مُتناسين أنهم بتخاذُلهم وتآمُرهم كانوا سبباً في نكبة فلسطين وبقيام دولة الكيان الصهيوني.

ومن أجل الخروج من أوهام التطبيع ونحن سنُحيي الذكرى 72 للنكبة الفلسطينية لا بدّ من استنهاض الشعوب العربية، وقواها الثورية، لتقود الساحة من جديد، وأن تخرج بمسيراتٍ في الدول العربية، والعالم رفضاً للتطبيع، ودعماً لحقوق الشعب الفلسطيني في قيام دولته على ترابه الوطني، وأن يتمّ رفض اتفاقية أوسلو ونتائجها المُدمِّرة، وأن نعود إلى جَذْرِ الثورة ألا وهو الكفاح المُسلَّح، بالإضافة إلى النضال الجماهيري لتحرير فلسطين. وقد استغلّ الاحتلال الإسرائيلي جائِحة الكورونا، وانشغال العالم بتبعاتها، وفتح باب الودّ والتطبيع مع دول الخليج إلى المزيد من المُصادرات، وهَدْم البيوت، وضمّ الأراضي بعد إطلاق صفقة القرن المرفوضة إقليمياً ودولياً.

إن نهضة الشعوب العربية وقواها الثورية كفيلة بإسقاط مؤامرات التطبيع وصفقة القرن وتبعاتها.

اغتصبت فلسطين في يوم النكبة، وفي يوم القدس العالمي إحياء لقضية فلسطين في نفوس كل المقاومين، وبين اليومين تاريخ نضال وتضحيات.. في زمن القدس، تغطية خاصة حول فلسطين والقدس، ومحاولات التطبيع المستمرة، التي بدأت تأخذ بعداً أكثر مباشرة ووقاحة.