كيف يتحوّل الأرز البني إلى تهديد خفي بوجود الزرنيخ؟!
في مفاجأة تزلزل ثقتنا بالخيارات الغذائية الصحية، تكشف أبحاث جديدة عن وجود مخاطر في الأرز البني قد تشكّل تهديداً خفياً لصحة الأطفال بشكلٍ خاص.
-
مستويات الزرنيخ في الأرز البني لا ينبغي أن تسبّب مشكلات صحية طويلة الأمد (الطبي)
يعتبر الأرز أحد أنواع الحبوب التي يتمّ استهلاكها بكثرة حول العالم، فهو جزء مهم من النظام الغذائي لكثير من البشر، حتى أنه في بعض الدول مثل الصين، وكوريا الجنوبية يعدّ بمثابة غذاء أساسي، كما يتوفّر العديد من أنواعه التي تصل الى 7000 نوع تختلف في أشكالها وألوانها، ولها استخدامات كثيرة.
وهناك نوعان رئيسيان من الأرز، هما الأرز البني، والأرز الأبيض، وكلا النوعين يأتي من الحبوب نفسها، لكنّ الأرز الأبيض يمرّ بمراحل معالجة أكثر أثناء خطوات تنقيته، أما الأرز البني فهو نوع من الحبوب الكاملة.
في مفاجأة تزلزل ثقتنا بالخيارات الغذائية الصحية، تكشف أبحاث جديدة عن وجود مخاطر في الأرز البني قد تشكّل تهديداً خفياً لصحة الأطفال بشكلٍ خاص.
ووجدت دراسة صادمة أجراها باحثون في جامعة ميشيغان أنّ الأرز البني يحتوي على نسبة 15% أعلى من الزرنيخ السام مقارنة بنظيره الأبيض.
When applying for #Patents #KikiMilk was warned about the risks of arsenic in rice. They still created a product with rice— my 20 month old drank their Unsweetened Milk for 90days— failed to thrive. @kikimilkco remember the Charlotte S Reed article from 2018? @organiceye_org pic.twitter.com/PM3VHeHbF5
— Leading Mom On (@LeadIngMomOn) March 11, 2025
وهذه النتيجة تضع المستهلكين أمام مفارقة غذائية محيّرة: كيف يمكن لخيار يعتبره الجميع صحياً أن يحمل مثل هذه المخاطر؟.
أشكال الزرنيخ
لكنّ القصة لا تنتهي عند هذا الحد. فالمشكلة تكمن في التفاصيل الدقيقة لطبيعة الزرنيخ وطريقة امتصاص الأرز له. والزرنيخ الموجود في الأرز يأتي في شكلين:
- الزرنيخ العضوي (الأقل سمّية، ويوجد بشكل طبيعي في بعض المأكولات البحرية، بما في ذلك الأسماك والمحار والأعشاب البحرية).
- الزرنيخ غير العضوي (النوع الخطير المرتبط بالسرطان ومشكلات النمو والتوحّد وغيرها).
ويمثّل الزرنيخ غير العضوي (ما يعني أنّ هذه المادة السامّة اتحدت مع عناصر أخرى مثل الأوكسجين والكلور والكبريت) نسبة 48% في الأرز البني مقابل 33% فقط في الأرز الأبيض. وهذه الفجوة الكبيرة في النسب تثير القلق الحقيقي.
وبحسب الدراسة، فإنّ الأطفال الصغار هم الفئة الأكثر عرضة للخطر، حيث إنّ أدمغتهم التي لا تزال في طور النمو حساسة بشكل خاص لتأثيرات الزرنيخ.
ووجدت الدراسة أنّ الرضّع والأطفال بين 6 أشهر وسنتين الذين يتناولون الأرز البني يتعرّضون لضعف كمية الزرنيخ مقارنة بمن يستهلكون الأرز الأبيض.
Did you know? New research from @michiganstateu published in the journal Risk Analysis finds that brown rice contains higher levels of inorganic arsenic compared to white rice in the US.
— SRA - Society for Risk Analysis (@SocRiskAnalysis) April 10, 2025
Read more on the study: https://t.co/wmSmnBTCrY pic.twitter.com/YJEZKHB222
وهذا التعرّض المبكر يرتبط بمشكلات عصبية خطيرة تتراوح بين صعوبات التعلّم وانخفاض معدّل الذكاء وصولاً إلى اضطرابات أكثر تعقيداً مثل التوحّد وفرط الحركة.
التركيزات العالية للزرنيخ
يكمن الخطر في التركيزات العالية من الزرنيخ التي يحتوي عليها الأرز البني، والتي تعود إلى طبيعة زراعته الفريدة. إذ تُغمر حقول الأرز بالماء، ما يخلق بيئة مثالية لامتصاص الزرنيخ من التربة. والمدهش أن الأرز قادر على امتصاص كميات من الزرنيخ تزيد بعشرة أضعاف عمّا تمتصه المحاصيل الزراعية الأخرى. وتتركّز هذه المادة السامة تحديداً في النخالة - الطبقة الخارجية الغنية بالعناصر الغذائية والتي تعطي الأرز البني قيمته الغذائية ولونه المميّز.
وبحسب الخبراء، فإنّ التعرّض المزمن للزرنيخ غير العضوي - حتى بكميات ضئيلة - يفتح الباب أمام سلسلة من المشكلات الصحية التي تبدأ باضطرابات جلدية وتصل إلى زيادة مخاطر الإصابة بسرطانات الجلد والمثانة والرئة. الأكثر إثارة للقلق هو تلك الصلة الوثيقة بين التعرّض للزرنيخ وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى تأثيره السلبي على الوظائف الإدراكية الذي يظهر في صورة صعوبات تعلّم واضحة وانخفاض ملحوظ في معدلات الذكاء، خاصة عند التعرّض في مراحل النمو المبكرة.
I love rice as an easily digestible carb.
— Carnivore Aurelius ©🥩 ☀️🦙 (@AlpacaAurelius) March 29, 2025
But unfortunately white rice today is very high in arsenic. When I was consuming large amounts of it, I had lots of brain fog and even developed some white lines on my nails, signs of arsenic toxicity.
Be very careful if you're eating… pic.twitter.com/hK2a8Cjz4y
رغم هذه النتائج، يطمئن الخبراء بأنّ الخطر الفعلي لا يظهر إلا مع الاستهلاك المفرط والمستمر على المدى الطويل. وتوضح البروفيسورة فيليشيا وو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، إلى أن "مستويات الزرنيخ في الأرز البني لا ينبغي أن تسبّب مشكلات صحية طويلة الأمد إلا إذا تناول الشخص كميات هائلة يومياً على مدار سنوات".
اقرأ أيضاً: أيهما أكثر فائدة.. الأرز الأبيض أم البني؟
وبالنظر إلى نتائج الدراسة الجديدة تبرز الحاجة إلى استراتيجيات عملية للحدّ من التعرّض للزرنيخ. وينصح الخبراء، للأطفال تحديداً، بالتقليل من استهلاك الأرز البني والاتجاه نحو بدائل غذائية أكثر أماناً مثل الكينوا والشوفان التي توفّر قيمة غذائية مماثلة مع تجنّب مخاطر التسمّم بالزرنيخ. أما بالنسبة لعامّة المستهلكين، فتوصي الدراسات بضرورة غسل الأرز جيداً قبل الطهي، مع استخدام كميات وفيرة من الماء أثناء الطبخ، وهي خطوات بسيطة لكنها فعّالة في تقليل محتوى الزرنيخ بشكل ملحوظ.