دراسة: التلوث السبب الرئيس لتطور مرض الانسداد الرئوي المزمن

دراسة جديدة تكشف أنّ خلايا رئة مرضى الانسداد الرئوي المزمن تحتوي على كميات من الكربون تفوق بثلاثة أضعاف ما لدى المدخنين الأصحاء.. ما دور التلوث في تطور هذا المرض؟

  • تلوث الهواء يزيد من خطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن ويسرّع عملية الشيخوخة
    تلوث الهواء يزيد من خطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن ويسرّع عملية الشيخوخة

في كشف علمي جديد قد يغيّر فهمنا لمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD)، توصل فريق بحثي من جامعة "مانشستر" البريطانية، إلى أنّ رئات المصابين بهذا المرض تحتوي على خلايا مملوءة بكميات غير عادية من الكربون الشبيه بالسُخام، تفوق بثلاثة أضعاف تلك الموجودة في رئات المدخنين الذين لا يعانون من المرض.

وأشار الفريق البحثي إلى أنّ هذا التراكم المفرط يبدو أنه يؤدي إلى تضخم الخلايا، وإطلاق بروتينات مسببة للالتهاب، ما يساهم في تدهور وظائف الرئة، لافتاً إلى دور أكثر خطورة بسبب التلوّث في نشأة المرض.

الانسداد الرئوي المزمن.. مرض خطير يهدد حياة مرضى الرئة

نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة ERJ Open Research  بتاريخ 10 جزيران/يونيو الجاري، وشارك في إعدادها كل من الدكتور جيمس بيكر، والدكتور سايمون ليا. وقد ركزت الدراسة على خلايا مناعية تُعرف باسم "البلعميات السنخية" (alveolar macrophages)، وهي خلايا تقوم عادةً بحماية الرئة من الجزيئات الضارة والميكروبات عن طريق ابتلاعها. إلّا أنّ الباحثين وجدوا أنّ هذه الخلايا، عند امتلائها بالكربون، تصبح أكبر حجماً وأكثر احتواءً على البروتينات الالتهابية.

شملت الدراسة فحص أنسجة رئة مأخوذة من عمليات جراحية أُجريت لأسباب أخرى، مثل الاشتباه في وجود أورام. وقام الباحثون بتحليل خلايا من 28 مريضاً بالانسداد الرئوي المزمن و15 مدخناً لا يعانون من المرض. وأظهرت النتائج أنّ خلايا البلعميات في مرضى COPD تحتوي على أكثر من ثلاثة أضعاف كمية الكربون مقارنة بخلايا المدخنين الأصحاء، وأنّ هذه الخلايا تكون أكبر حجماً عندما تحتوي على الكربون.

الأهم من ذلك، أظهرت الدراسة أنّ المرضى الذين كان لديهم تراكم أكبر من الكربون في رئاتهم سجلوا نتائج أسوأ في اختبارات وظائف الرئة، وخصوصاً في مقياس يُعرف باسم FEV1%، وهو مؤشر على القدرة على الزفير القسري.

وفي تجارب مخبرية لاحقة، قام الباحثون بتعريض خلايا البلعميات لجزيئات كربون، لاحظوا أنها أصبحت أكبر وبدأت بإنتاج كميات كبيرة من البروتينات الالتهابية.

  •  تراكم الكربون في الرئتين ليس فقط نتيجة للتدخين بل للتلوث الناتج عن المدن الحضارية
    تراكم الكربون في الرئتين ليس فقط نتيجة للتدخين بل للتلوث الناتج عن المدن الحضارية

وأوضح الدكتور ليا في هذا السياق: "هذا يدل على أنّ تراكم الكربون ليس فقط نتيجة للتدخين، بل ربما ناتج عن ضعف قدرة مرضى COPD على التخلّص من الجزيئات الدقيقة أو نتيجة لتعرضهم المزمن لتلوّث الهواء".

بدوره علّق البروفيسور فابيو ريتشارديولو، رئيس مجموعة رصد أمراض الجهاز التنفسي في الجمعية الأوروبية لأمراض التنفس، قائلاً: "هذا البحث يقدّم أدلّة قوية على أنّ تلوث الهواء قد يلعب دوراً رئيسياً في تفاقم أو حتى التسبب في مرض COPD، إلى جانب التدخين المعروف كعامل خطر أساسي. لذلك من الضروري العمل على خفض معدلات تلوث الهواء وتشجيع الناس على الإقلاع عن التدخين".

هذه النتائج التي توصلت إليها الدراسة تفتح الباب أمام أبحاث مستقبلية لفهم كيفية تراكم الكربون داخل الرئة مع مرور الزمن، وإيجاد طرق جديدة للوقاية، والعلاج من أمراض الانسداد الرئوي المزمن المزمنة، خصوصاً في المناطق الحضرية التي تشهد تلوثاً كبيراً.

اقرأ أيضاً: علماء روس يبتكرون غشاءً من الكولاجين لإغلاق أنسجة الرئة بعد جراحة الصدر