تونس: "24 ساعة مسرح" يهتم بالحراك السياسي

20 سنة مرت على انطلاق مهرجان "24 ساعة مسرح دون انقطاع". ماذا يقدم في هذه الدورة؟ وكيف يعبر المسرح عن تردي الوضع السياسي والاجتماعي في تونس؟

من جبال مدينة الكاف الشامخة، ومن أرض المسرح والفنون الدرامية، ينطلق "مهرجان 24 ساعة مسرح دون انقطاع" في دورته العشرين من 23 إلى 27 آذار/مارس الجاري على خشبة مسرح "مركز الفنون الركحية والدرامية" و"المركز الثقافي الدولي يوغرطة"، إضافة إلى  تأمين عروض في المدارس الابتدائية والأحياء الشعبية. 

في حواره مع "الميادين الثقافية"، قال مدير المهرجان عماد المديوني إن: "المسرح ليس جمالية شكلية فقط وإنما هو من صلب الواقع وملتزم بقضاياه ويعبر عنه، خاصة في ظل هذا الوضع الاجتماعي والسياسي في تونس، فهو يعالج المسائل الاجتماعية والسياسية ويقدم نقدا وبدائل لها". 

وورد في ورقة عمل المائدة المستديرة "المسرحي والحراك السياسي" أن: "الغريب أن المسرح التونسي بعد الثورة لم يواكب ما حصل من تغيير في المسار التاريخي، ولم يساعد على مواجهة الأحداث ونقل الحالات الاجتماعية البائسة…ولم تؤثر لا الحرية الجديدة ولا المناخ الديمقراطي في نشأة مسرح مغاير".

ويتضمن برنامج المهرجان في دورته العشرين مشاركة 50 عرضاً من 14 بلداً من مختلف القارات وهي الجزائر وليبيا وفلسطين ومصر والأردن والعراق وإيران والسنغال وغينيا وكردستان وفرنسا ورومانيا وإيطاليا وإسبانيا، اعتبره مدير المهرجان "رقماً قياسياً اعتمدنا في تحصيله على العلاقات الخاصة وذلك أمام صعوبة الحصول على التأشيرات والبيروقراطية في تونس".

  • عماد المديوني

وأضاف المديوني أن المهرجان: "بلغ مرحلة من النضج جعلته يتبوء مكانة مهمة وطنياً ودولياً"، مشيراً إلى أن "التظاهرة تحتفي بالتنوع الثقافي إيماناً بأن المسرح أب الفنون وانبنى في شكله ومضامينه على التنوع وقبول الآخر والاختلاف وكذلك على الأخذ من تعابير فنية أخرى".

وأمام زخم التظاهرات الثقافية وخاصة المسرحية منها والتي تتالى زمنياً كــ "مهرجان فن العرائس"/ و"مهرجان 4/4" وغيرها، قال مدير المهرجان إنه وعلى الرغم من أهمية وضرورة وتنوع التظاهرات إلا أنه "وجب مراجعة مواعيدها خاصة"، معتبراً أن معظمها "لا يقدم إضافة المرجوة وتستنسخ دورات مهرجانات أخرى مشابهة".

وتتخلل أيام المهرجان مجموعة من الندوات منها ندوة "المسرح والتنوع الثقافي" و"المسرحي والحراك السياسي" التي تناقش كما يشير عنوانها علاقة المسرح والمسرحي بالفعل السياسي والتغيرات الحاصلة فيه، إلى جانب ورش تدريبية عديدة مثل ورشة فن الممثل و du jeu au bouffon.

وتترجم العروض ثراء وتنوعاً في المضمون حيث لم تكتف بالمسرح وتجاوزته نحو العروض الموسيقية والرقص والمعارض وورشات الفنون التشكيلية والغرافيتي وتواقيع الكتب، حيث يوقّع مجدي فارح كتاب "الامبراطورية والهجنة الثقافية"، ويوقع العراقي كاظم النصار "عكس لارج"، ويوسف مارس كتابه "حول الكتابة المسرحية الموجهة للطفل" حتى أضحى المهرجان مزيجاً من مختلف الفنون.

  • عماد المديوني

ومن بين المسرحيات المشاركة من تونس مسرحية "وحدانية" لغسان حفصية، ومسرحية "قلب الرحى" لدليلة مفتاحي، ومسرحية "نموت عليك" للمين النهدي. أما من ليبيا فمسرحية "بكاء الموناليزا" لشرح البال عبد الهادي، ومن إيران مسرحية "ترانه هاي تلخ تارا" لفتوحي ميرالي، ومسرحية "عندما تنتهي تسقط" لعبد الهادي الجرف، ومن سوريا مسرحية "سكّر مرّ" لهشام غزال، ومن فلسطين عرض حكواتي للاطفال بعنوان "حكاية نص نصيص" للمخرج فادي الغول، إلى جانب مشاركات أخرى من إيطاليا ورومانيا ومصر.      

ويكرم المهرجان هذا العام مسرحيين تونسيين هم: عبد الحميد قياس، ومحمد السياري، والفاضل الخنوسي، وعثمان الجزيري، ومنير عوادي، وليلى الشابي، ووليد الزيدي.

واعتماداً على مبدأ ثقافة القرب، كان اختيار أماكن العروض من شوارع ومدارس سعياً للوصول إلى الجمهور العريض، الذي قد لا تتسنى له فرصة حضور فعاليات المهرجان.

يذكر أن لمدينة الكاف تاريخ حافل بالإبداع والفن واللقاءات بين مسرحيين من مختلف دول العالم، حيث تأسست "فرقة الكاف المسرحية" فيها عام 1967، برزت في هذه الفرقة أسماء فنية لمعت لاحقاً على غرار لمين النهدي، وناجية الورغي وعيسى حراث، وخديجة السويسي، والمنصف السويسي وسعاد محاسن وغيرهم.