ثمانينية سورية تحافظ على فن حياكة وصباغة الحرير

بالرغم من تقدّم عمرها والآثار التي تركها الزمن على جسدها من أسنان متفرقة في فمها وكسر في ذراعها، إلا أنها مازالت تحافظ على الفن السوري التقليدي المتمثل في حياكة الحرير وصبغه طالما بقيت على قيد الحياة.

  • ثمانينية سورية تحافظ على فن حياكة وصباغة الحرير
    شمسة بلال تحافظ على فن الحياكة 

8 عقود لم تثنِ السيدة شمسة بلال عن  صناعة الحرير وإنتاجه موثقة بتصاميمها تراث مدينتها حماة عبر نسج الثوب الخاص بأهالي المدينة وتدريب العديد من الراغبات على هذه الحرفة التراثية للحفاظ عليها من الاندثار.

وتجلس السيدة البالغة من العمر 80 عاماً، على أريكة في منزلها الكائن في مدينة (وسط سوريا)، وهي تحمل بيديها قطعة من الحرير تقوم بحياكتها ، وتعمل بشغفٍ كبير في هذه الحرفة المهددة بالاندثار بالرغم مع التقدم الحاصل على تلك الصناعة.

وبالرغم من تقدّم عمرها والآثار التي تركها الزمن على جسدها من أسنان متفرقة في فمها وكسر في ذراعها، إلا أنها مازالت تحافظ على الفن السوري التقليدي المتمثل في حياكة الحرير وصبغه طالما بقيت على قيد الحياة.

حرف يدوية محترفة

والسيدة شمسة بلال هي آخر شخص في سوريا يمارس هذه الحرفة اليدوية كمحترفة، فإن أملها الوحيد اليوم هو تعليم الناس هذا الشكل المعقّد من الفن، وهو ليس أسهل من رسم لوحة أو تأليف لحن جميل.

ولا تقتصر هذه المهارة على ربط العقد الحريرية على اللون فحسب، بل تحتاج إلى تصميم رائع، والذي يكون عادة تلقائياً من بناة أفكارها، وهنا تأتي موهبة الحرفي، والتي تتطلب ربط العقد أيضاً من خلال استخدام الأسنان واليدين.

بعد أن عملت شمسة بلال لمدة 60 عاماً، فقدت جميع أسنانها باستثناء سن واحدة، وهي التي تتشبث بها لممارسة تنفيذ حرفة تقليدية بأكملها.

  • ثمانينية سورية تحافظ على فن حياكة وصباغة الحرير
    شرانق  الحرير

في الماضي، كان أهالي حماة يشترون فساتين من الحرير لعرائسهم كشكل من أشكال البذخ والترف، ومع ذلك ومع تسارع وتيرة الحياة والوضع الاقتصادي الصعب، كادت هذه الحرفة أن تموت، حيث بدأ الناس في البحث عن خيارات أرخص وأكثر حداثة.

"حرفة ممتعة"

لكن بالنسبة لشمسة بلال، فإن الحفاظ على هذه الحرفة على قيد الحياة يمنحها سبباً للاستمرار على الرغم من كبرها في السن.

وتعرب شمسة عن أسفها على موت هذا الفن المعقد، قائلة إنه يجب على الناس تعلمه.

وقالت السيدة شمسة "أشعر بالحزن لأنني أريد أن يتعلم المزيد من الناس هذه الحرفة لأنها مصدر رزق ويستطيع من يعمل بها أن يكسب مالا، بالإضافة إلى أنها حرفة ممتعة "، مؤكدة أن الوضع الاقتصادي الصعب وغلاء الأسعار جعل الناس تحجم عن شراء تلك المشغولات.

وأضافت أنها شاركت في العديد من الدورات التدريبية لتعليم الشباب والشابات هذه الحرفة على أمل أن يتمكن أحدهم من تعلمها والبقاء مخلصا لها في القادم من الأيام.

وهذا العمل ألهم زوجة ابنها سمر نعسان على تعلّم هذه المهارة في صناعة الحرير، لتكون الوريث لهذه الصنعة في المستقبل.

ولا تزال سمر نعسان تتعلم، وهي في الوقت الحاضر تساعد السيدة العجوز في بعض الأعمال، خاصة وأن أسنانها قوية.

وقالت سمر نعسان البالغة من العمر (30 عاما)  إنها تشعر بمسؤولية كبيرة في تعلم حياكة وصباغة الحرير لإبقائه حيا، والمحافظة على هذا التراث التقليدي.

جزء من التاريخ

وأضافت "أنني انجذبت لهذه الحرفة لأنها تعد جزءاً من التاريخ وأعتقد أن مثل هذه الحرفة لا ينبغي أن تنقرض وحبي لها دفعني لتعلمها"، مبينة أنها سوف تقوم بإعداد فساتين لزوجة ابنها وبناتها مستقبلا عندما يتزوجن، وقالت "أحاول إقناع بناتي بتعلم هذه الحرفة، لكنهم يخشون على أسنانهم ".

في الوقت الحالي، تعمل شمسة بلال وزوجة ابنها على جزء واحد من هذه الحرفة، وهو الخياطة، بينما يتولى أحمد دبيك، وهو تاجر من تجار الحرير، عملية الصباغة.

وقال دبيك في محله بسوق المهن اليديوية في حماة إنه والسيدة شمسة بلال يحاولان تحديث الفن باختيار تركيبات لونية جديدة، مشيراً إلى أن هذه الحرفة لا يمكن تغييرها أو استخدامها على الآلات.