خاص الميادين نت: رسالة مؤثرة من غرفة عمليات جراحية في بيروت إلى مستشفيات غزة (فيديو)

رسالة إنسانية طبية يوجّهها الجسم الطبي في مستشفى الزهراء اللبناني الجامعي لمستشفيات غزة حيث لا كهرباء، ولا دواء، ولا معدات طبية، وبالتالي لا معقّمات ولا أدوات تخدير، وفي زاوية مظلمة على ضوء هواتف الحاضرين تتم عملية بتر لأطراف أحد الأطفال!

  •  (مونتاج: علي سليم - تصوير: حسين عقيل - غرافيك: علي شميس)

راقب الملايين من الناس بحنقٍ وبعروقٍ متهدّجة ومآقٍ باكية ما ترتكبه قوات الاحتلال من فظائع وجرائم على الهواء مباشرة.

المشاهد مروّعة، قنوات التلفزة تنقل حال مستشفيات غزة المزري، الدفق الفطري الإنساني يطفو على ما عداه، دموع مضمّخة بغضبٍ متدفّق عارم: "يا ناس وين العرب وين الأمم وين الإنسانية؟"

سؤال حيّر العالم... ماذا وجد الاحتلال في مستشفيات غزة؟ بعد تعنّتٍ وصلَف وقصف وحصار لها، اقتحمها ليجد ما صعق العالم ووضعه في حرج فعرّى حججه الواهية وتخرّصاته التي تبنّاها بعض الغرب، قبل أن تتكشّف جليةً: 

وهذه هي الحقيقة التي شاهدها العالم:

-جرحى بالعشرات يفترشون الأرض،أطفال يبكون، يزيد في وجعهم واضطرابهم النفسي سؤالهم عن ذويهم.. دماء دماء دماء.. أشلاء أشلاء أشلاء!

-لا كهرباء، لا دواء، لا معدات طبية، وبالتالي لا معقِّمات ولا أدوات تخدير وبنج، وفي زاوية مظلمة على ضوء الهواتف تتم عملية بتر لأطراف أحد الأطفال...!

- قوات الاحتلال نفّذت ، كما تدّعي "عملية دقيقة وموجّهة" في مستشفى الشفاء، واستقدمت الإعلام الذي "يحلو لها" بناقلات الجند! ولكن صحافتها فضحتها، فما عرضته من "عيّنات" لأجهزة حاسوب محمولة وقطع سلاح خفيف، وخرائط ومنشورات كان هزيلاً ولم يقنع أحداً، وكان بإمكانها وضعه في المكان بكل سهولة...

- نعم دمّرت الآلة الحربية ما تبقّى من غرف حضانة وإسعاف أولي، لا بل دمرّت بقصد، بحسب الإعلام الفلسطيني، ما تبقّى من ماكينات طبية... وهنا لفت مدير عام وزارة الصحة منير البرش إلى أنّ "الاحتلال خرّب مجمّع الشفاء ودمّر أجهزة ليست موجودة في القطاع إلا في المجمّع". 

نعم وجدت قوات العدو  أيضاً، ماكينة التصوير الطبقي الوحيدة في المستشفى الإندونيسي وغيره فدمّرتها!

اقرأ أيضاً: الاحتلال يدمّر أجهزة طبية في "الشفاء" ليست موجودة إلا فيه 

-وفضلاً عن إثارة الهلع في نفوس المرضى والجرحى، وإصابة الكثيرين بجروح خلال الاقتحام، عمدت هذه القوات إلى خطف جثامين شهداء فلسطينيين وأخذتها إلى جهة مجهولة (وهذا ما سنحاول الحديث عنه في تقريرٍ قادم). 

طفل يتلو الفاتحة في عملية بتر من دون بنج!

الطفل الموجوع يتلو "الفاتحة" بملء الصوت للتغلّب على آلام المبضع وأدوات الجراحة خلال عملية جراحية صعبة في العظم، هنا لا تسلوا كيف فاضت مآقي الحاضرين من الجسم طبيّ والمصوّرين والأهالي بالدموع.

هل شهد التاريخ يوماً اقتحام دبابات لقسم أطفال خدّج؟ هل حوصر وقصف مستشفى لمرضى السرطان يحتاج فيه كل نزيل إلى قطرة دماء وحبة دواء ندر وجودها بسبب الحصار  المزمن ومنع وصول الإغاثات عبر معبرٍ مغلول، فإذا بالإسرائيلي يمطرهم بالرصاص والقذائف!!

"جيش" عدو يقتُل ولا يقاتِل... يهرب من جبروت المقاومين ليرتكب المجازر وأبشع الموبقات بحقّ الإنسانية.

"الشاش" المعقّم في الفم لتخفيف الألم!

"إنه الجحيم" فما حصل في مستشفيات غزة يستحق التوثيق سينمائياً وتلفزيونياً، ليعرف العالم والأجيال القادمة مدى الإجرام الوحشي الذي لم تعرفه الإنسانية.

فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الكثير من الجرحى في قطاع غزة خضعوا لعمليات بتر للأطراف من دون تخدير بسبب نقص الأدوية وصعوبة الوصول إلى المستشفيات.

 

اقرأ أيضاً: ها هم الأطفال الخدّج الذين قطع الاحتلال عنهم الأوكسجين؟

جاء ذلك على لسان المتحدث باسم المنظمة كريستيان ليندماير في مؤتمر صحافي بجنيف، وأضاف: "الجرحى في غزة يخضعون لعمليات بتر من دون تخدير. لا أعرف النسبة، ولكن حتى لو حدث ذلك مرة واحدة، فهو غير مقبول".

نستحضر تصريح أحد المسعفين "نعطي للطفل المصاب الشاش المعقّم لكي يقوم بالعضّ عليه لتخفيف الألم الذي يشعر به، ونحن نعلم أن الألم الذي يشعر به هو أعلى ممّا يتصوّر أو أعلى مما يفوق عمره في هذا السن المبكرة".

مدير مستشفى الشفاء محمد أبو سلمية، كان قد أعلن  أن العمليات التي أجرتها الأطقم الطبية  في مثل هذه الظروف شملت بتر أطراف وأصابع وخياطة جروح وعلاج حروق خطرة.

رسالة إنسانية- طبية من مستشفى الزهراء الجامعي في بيروت

"الميادين نت" حاول ملامسة الواقع في غرف عمليات المستشفيات، لنكون أقرب إلى ما تتطلّبه العمليات الجراحية والطبية من مستلزمات بديهية.

حرصنا على التصوير من غرفة العمليات والحوادث الطارئة، فكانت مستشفى "الزهراء" الجامعي في بيروت أولى المرحبين بالفكرة، لا بل حرصت إدارتها  بشخص السيدة زينب شعيتو على متابعة طلبنا والاهتمام بكلّ التفاصيل، خاصة وأنّ التصوير في غرف الطوارئ واستخدام الأجهزة الدقيقة فيها له شروطه وتعليماته.

والجدير ذكره هنا، أن مراعاة التعقيم في ارتداء الملابس الطبية الخاصة من الرأس إلى أخمص القدمين أجراءٌ هام كان علينا اتباعه قبيل ولوجنا إلى قاعة العمليات للتصوير وأجراء مقابلات مع الأطباء والممرضين.

* هي رسالة أردناها مع أطباء وممرضي ومسعفي "الزهراء"، تظهر مدى الفرق بين ما يجري هنا، وبين ما يعانيه الجرحى والمرضى والجسم الطبي في مستشفيات غزة.

* هي رسالة من أطباء وممرضين ومسعفين لبنانيين، بألسنةٍ تلهج بصدقٍ إنساني وواجبٍ طبيّ منقطع النظير:

يبقى أن المشاركين في التقرير بالفيديو المرفق أعلاه هم: د. هاشم نور الدين/رئيس قسم التخدير والإنعاش في مستشفى الزهراء الجامعي، منال خزعل/مديرة قسم العمليات، د. علي اللقيس رئيس قسم العمليات، د. روبير كاشي طبيب تخدير، كمال زهوي/ رئيس تقنيي التخدير والإنعاش، إيمان عثمان/ مساعدة طبيب مخدّر وهي من مدينة حيفا الفلسطينية.

  • فريق أطباء وممرضي العمليات في مستشفى الزهراء الجامعي
    فريق أطباء وممرضي العمليات خلال التصوير
  • فريق أطباء وممرضي العمليات في مستشفى الزهراء الجامعي
    فريق أطباء وممرضي العمليات

"قاسٍ مخاضك يا غزة، أنتِ تلدين لنا العزّة، الألم لكِ وحدكِ والمولود لنا جميعا، النزف لكِ وحدكِ والعزف لنا جميعا، الآه لكِ وحدكِ، والله عبركِ لنا جميعا"، كلمات للدكتور الشاعر هاشم نور الدين، ختم به الفيديو المؤثّر الذي احتوى على مشاهد  مؤثّرة تحاكي ما جرى في مستشفيات غزة.