"شبابيك" سامر برقاوي ترفع التلفزيون إلى مصاف النخبة

نعاني في تعاطينا مع مسلسلاتنا العربية من نمطية مهلكة في الشكل كما في المضمون، كسرها من وقت لآخر كتاب حيناً ومخرجون حيناً آخر، من هؤلاء المخرج السوري "سامر برقاوي" الذي يكفيه سلسلة الأعمال التي أبدعها مع المنتج الفنان "صادق الصباح" وبينها "الهيبة"، لكن "سامر" لا ينام على نجاح واحد أو عدد محدود، فقد لفتنا أن هناك حلقات منفصلة أخرجها منذ سنوات قليلة ووضع بعض أفكارها بعنوان "شبابيك" تعرضها تباعاً شاشة "الجديد".

نفس فني مختلف، مناخ درامي في غاية الرصانة والعمق يدخل إلى الحياة الإجتماعية العربية، إستناداً إلى نصوص شبابية يشرف عليها الكاتب "بشار عباس" بينما يتولى الإخراج "برقاوي" بروحية العمل الجماعي نفسها، مع شخصيات محددة مضبوطة وآلية إخراج مختلفة عن السائد، حيث التمثيل عنصر محسوم في عملية هضم الممثلين لشخصياتهم وأدائها بعفوبة وواقعية جاذبة جداً، خصوصاً وأن على اللائحة المعتمدة في الحلقات أسماء لها تاريخها ووزنها (بسام كوسا، سلافة معمار، كاريس بشار، ديمة قندلفت، عبد المنعم عمايري، محمود نصر، نسرين طافش، كندة حنا، ميسون أبو أسعد، صفاء سلطان، محمد حداقي، أحمد الأحمد، ميلاد يوسف، معتصم النهار، فادي صبيح، أيمن عبد السلام، جيفرا يونس، منى واصف، ضحى الدبس، مرح جبر، وسمر سامي).

الحلقة التي أثارت إهتمامنا ودفعتنا للإتصال بالمخرج "برقاوي" وتهنئته على هذا النهج في الأعمال التلفزيونية، جمعت الثالوث الجميل (بسام، سلافة، وكاريس)، الفكرة للمخرج وهي تتمحور حول زوجين: كاتب (بسام) ودكتورة (كاريس) يعيشان حياة هادئة وسعيدة، تدخل عليها فجأة إمرأة جميلة تغوي الزوج من باب الإعجاب برواياته وشخصياته وتدخل منزله في غياب الزوجة، وحين ينتبه إلى الإحراج الذي هو فيه طردها لكنها ظلّت تسكنه، وحكى الحاذثة لزوجته على أساس أنها حلم ثقيل راوده، وكان الإخفاق الذي كشف النفاق، وصْفه المرأة الزائرة بدقة متناهية إستوقفت الزوجة التي لم يطل إنتظارها حتى قرع باب المنزل وكانت الوافدة المرأة نفسها، وقد عرفتها الزوجة سريعاً من توصيف الزوج لها.

على هذا المشهد تُقفل الحلقة. في مناخ قليل الكلام، كثير الصور عن صورة الحب بين الأزواج ومتى تنزع الأقنعة وتتكشف المسائل والنواياالمبيتة على حقيقتها. قصة كبيرة جرى التعبير عنها في سياق عفوي متدفق، وأدّى كل من الممثلين الثلاثة دوره بواقعية شديدة جعلت من الحلقة نموذجية في تقديم هذه الصورة عن سقوط الحب. لقد شعرنا أننا إزاء عمل غير عربي، قادر على رفع منسوب متعة المشاهدة إلى أعلى الدرجات دونما الحاجة لإستجداء الجمهور من خلال بعض المشاهد أو التعابير.