الحب روّض وحشيْن آدميين فإستجابا لنداء قلبيهما

بعد 4 سنوات على مسرحيته الجاذبة والرائعة "فينوس" أطلق المخرج "جاك مارون" بدءاً من 14 شباط /فبراير الماضي عمله الجديد "الوحش" على خشبة مختبره المسرحي في الأشرفية " black box Beirut"، والذي يتسع لـ 50 مقعداً، كانت على مدى أيام العرض ممتلئة عن آخرها، بسبب قوة أداء بطلي العرض "كارول عبود" و "دوري السمراني"، اللذين أزاحا الإنتباه عن صغر مساحة الصالة ليبدو الفضاء المسرحي أرحب وأجمل.

خرجنا من العرض في غاية السعادة والرضى، عرفتا أن المسرح بألف خير، فـ "مارون" الذي درس في تكساس ونيويورك، لم ينتظر توفر الخشبة التي تريحه في تقديم أعماله فعمد إلى إختراع محترف تتوفر فيه كل مقومات الفن المسرحي وبالتالي ما عاد ينتظر دوره على الخشبات القليلة في بيروت. وما جعلنا أكثر إعجاباً بالتجربة أن ضيق المكان تم إستغلاله بديكورات ملائمة وهو ما جعل "الوحش" المأخوذ عن نص لـ "جون باتريك شانيللي" ترجمته "أرزة خضر"، يكتفي بديكوريْن كانا كافييْن للتعبير عن مضمن المسرحية التي تعرض علاقة تمت بالصدفة بين طرفين تائهين يائسين في الأربعينات، هو صاحب مشاكل ومواجهات تتسبب في جرحى وربما قتلى، وهي مطلقة وتعيش مع وحيدها الشاب وذويها العجوزيْن، ولا مورد مادياً ثابتاً لها.

لا موضوع يتحدث به سوى ضحاياه الذين ضربهم بقسوة حتى سالت دماؤهم رخيصة، وهي لا مبالية بشيء لكنها رغبت في صحبة أنيسة معه رغم أنه يتكلم بأسلوب  الشجار، لا كلمة رقيقة، لا تعبير هادئاً بل توتر دائم لا يعرف الإستقرار، تواجها فهددها بإيذائها، وإذا بها تلكمه ثم تصفعه وبعد ذلك تمارس ألاعيب الأنثى، تتقرب منه، تتغزل بعينيه بشعره وتطلب منه أن يكون منطقياً في تعاطيه معها. وبدا أن كثرة المناكفات والصدامات وكثرة العبارات التي تحمل تحدياً، إنقلبت إيجاباً لمصلحة التقارب بين الطرفين، وإذا به بعد سلسلة من عبارات اللا مبالاة وعدم الإكتراث يفاجئها بطلب يدها للزواج، وافقت ثم تراجعت ثم توسل إليها أن تقول نعم لأنها لا تضمن العثور على رجل من بعده يُجيد الإصغاء إلى كلامها وتقديره حق قدره.

وافقت أخيراً على الزواج منه، على أن تكون غرفتها بعيداً فوق سطح المبنى الذي يشغل إبنها ووالداها إحدى شققه، ورغم أنهما مفلسان إلاّ أن ذلك لم يمنعهما من تصوّر ليلة الفرح والفستان الأبيض والزغاريد، على أساس أن تعاونهما سيثمر نجاحات وإيرادات أعلى, وهكذا نجد أن المخرج "مارون" يواصل مشاريعه المميزة بعد (الأقدام الحافية، who is your daddy كيفا إمك، أسباب لتكوني جميلة، ثم كعب عالي)، وصولاً إلى "الوحش".