تقرير: حجم الدين العالمي يشكل قنبلة موقوتة.. ونهاية الدولار ستكون من داخل الولايات المتحدة

معهد أميركي يتناول تأثير تفاقم الديون العالمية على الاقتصاد الأميركي، محذّراً من أنّ العواقب المترتّبة عن هذا الأمر كبيرة، ومن أنّ نهاية الدولار الأميركي مصدرها التصرفات غير المسؤولة للحكومة الأميركية.

  • أزمة الديون العالمية: هل تقوّض الدولار الأميركي؟
    نهاية الدولار الأميركي لن تأتي من التهديدات الخارجية، بل من التصرفات غير المسؤولة لحكومته (صورة أرشيفية - الميادين نت) 

أكّد معهد "مايسس" الأميركي أنّ الزيادة المستمرة في الديون العالمية تمثّل مشكلةً هائلةً للاقتصاد الأميركي، موضحاً أنّ الدين العام المتضخّم يشكّل عبئاً عليه، ما يؤدي إلى توقّف الإنتاجية، وزيادة الضرائب، ومزاحمة التمويل للقطاع الخاص. 

ومع مرور كلّ عام، ترتفع أرقام الديون العالمية، وتتزايد الأعباء، وتلوح المخاطر في الأفق، إذ تجاهلت الأسواق المالية العالمية الزيادة غير المسبوقة في مستويات الديون العالمية، حتى بلغت "مستوى مذهلاً" في عام 2023، قدره 313 تريليون دولار، وهو ما يمثّل "معلماً آخر مثيراً للقلق"، وفقاً للمعهد.

وتشير أحدث البيانات الصادرة عن معهد التمويل الدولي إلى تسارع الاتجاه الخطير المتمثّل في ارتفاع الديون، بحسب ما أضاف المعهد، الذي أوضح أنّ ارتفاع الديون بمقدار 15 تريليون دولار، خلال عام واحد فقط، كان سبباً في تسليط الضوء على "الوتيرة المثيرة للقلق"، التي يتصاعد بها عبء الديون.

وبحسب ما تابع معهد "مايسس"، تقود اقتصادات دول العالم الجنوب هذا المسار التصاعدي للمستويات غير المسبوقة للديون، إذ تتبع الأسواق الناشئة اتجاه دول الشمال، ما "يضيف تحدّياتٍ هيكليةً ونقاط ضعف"، حيث يؤدي تراكم الديون إلى تدمير العملات المحلية، وتناقص الثقة في الأنظمة النقدية للدول.

وأمام ذلك، حذّر المعهد من أنّ العواقب المترتّبة عن هذا الإفراط في الديون كبيرة، وهي تشمل ضعف النمو الاقتصادي، إلى جانب الخطر الذي يهدّد الاستقرار المالي.

في السياق نفسه، أوضح المعهد أنّ ارتفاع الدين العالمي "يمثّل في جوهره خللاً جوهرياً في التوازن" بين الاستهلاك الحالي والالتزامات المستقبلية، وبين الإنفاق القصير الأجل والاستدامة الطويلة الأجل.

وفي حين تَعِد الديون الحكومية الرخيصة بـ"نمو أعلى وفرص أفضل للمواطنين"، إلا أنّها في الواقع تؤدي إلى نمو أضعف، وعدم استقرار أكبر، إضافةً إلى فقدان العملات قيمتها بصورة متزايدة، بحسب ما أورده المعهد أيضاً.

وبهذا الإطار، تابع المعهد بأنّ طباعة النقود والدين العام هما السبب وراء تأكّل القوة الشرائية للمدّخَرات والأجور، في ظلّ "الوعد الكاذب بالنمو والأمن، الذي لا يتحقق أبداً".

ووفقاً له، فإنّ الخسارة المفاجئة لثقة السوق أو أزمة السيولة في أحد أركان العالم يمكن أن تتفاقم بسرعة، لتتحوّل إلى أزمة مالية شاملة، ذات آثار بعيدة المدى.

"نهاية الدولار الأميركي مصدرها سلوك واشنطن غير المسؤول"

معهد "مايسس" تحدّث أيضاً عن أزمة الديون التي تواجهها الولايات المتحدة، متناولاً توقّعات مكتب الميزانية في الكونغرس، التي تفيد بأنّ العجز الاقتصادي الأميركي سوف يتقلّب على مدى السنوات الأربع المقبلة، ليصل في المتوسط ​​إلى 5.8% من الناتج المحلي الإجمالي، "من دون التفكير حتى في الركود".

أما بحلول عام 2033، يتوقّعون في الولايات المتحدة حدوث فجوة في ميزانية الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.9%، بحسب المعهد، الذي تحدّث عن "احتمال تعثّر الاقتصاد، حتى عند استخدام السيناريوهات المتفائلة".

وفي حين يقول بعض المحللين إنّ هذه الفوضى برمّتها يمكن أن تُحلّ عبر زيادة الضرائب، فإنّ الواقع يظهر أنّه لا يمكن لأي مقياس للإيرادات أن يملأ فجوةً ماليةً سنويةً، قدرها 2 تريليون دولار، بإيرادات سنوية إضافية، وفقاً لما أضافه "مايسس".

وبحسبه، يأتي هذا التصوّر مع "سيناريو متفائل"، بعدم حدوث ركود أو تأثير اقتصادي ناجم عن ارتفاع العبء الضريبي، في حين أنّ "العجز هو دائماً في مشكلة الإنفاق".

وأوضح المعهد أيضاً أنّ الأسواق لا تتفاعل مع المخاطر المتزايدة أبداً، "حتى تظهر الحقيقة"، إذ إنّ المخاطر تتراكم ببطء، و"لكنها تحدث بسرعة". 

ولهذا السبب، تشعر الحكومات بـ"راحة شديدة" في إضافة المزيد من الدين العام، حيث يعتقد السياسيون أنّ الأسواق الصاعدة وعوائد السندات المنخفضة هي بمنزلة "تأكيد لسياساتهم". وحتى عندما ترتفع نفقات الفائدة إلى مستويات مثيرة للقلق، فإنّهم "ينقلون العبء إلى الإدارة التالية".

ونتائج هذه الممارسات تتمثّل في تأكّل النمو المحتمل، وضعف الإنتاجية، إضافةً إلى تدمير الطبقة المتوسطة، وذلك من خلال زيادة الضرائب والتضخّم المستمر، بحسب المعهد.

أما الاعتقاد بأنّ هذا لن يحدث في الولايات المتحدة، فهو اعتقاد "متهوّر وقصير النظر"، كما رأى المعهد، فالطبيعة المترابطة للاقتصاد العالمي الحديث تعني أنّه "لا توجد دولة في عزلة"، وأنّ تداعيات أزمة الديون في منطقة واحدة يمكن أن يتردّد صداها عبر النظام البيئي المالي كله.

وأمام كل ذلك، خلص معهد "مايسس" بأنّ نهاية الدولار الأميركي لن تأتي من التهديدات الخارجية، بل من التصرفات غير المسؤولة لحكومته، فـ"الديون الرخيصة دائماً ما تكون باهظة الثمن".

اقرأ أيضاً: أزمة الاقتصاد الأميركي تتصاعد.. الديون تقفز 100 مليار دولار أسبوعياً

اخترنا لك