بعد توبيخ ترامب لزيلينسكي.. هل يمكن إصلاح العلاقات الأميركية الأوكرانية؟
صحيفة "بوليتيكو" الأميركية تشير إلى أنّ اللقاء المشحون الذي وقع في البيت الأبيض بين الرئيسين الأميركي والأوكراني فتح الباب أمام مستقبل العلاقات بين البلدين.
-
(من اليمين) نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (الغارديان)
قالت صحيفة "بوليتيكو" الأميركية إنّ مغادرة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البيت الأبيض خالي الوفاض وتدهور العلاقات بين واشنطن وكييف، أسعد أنصار "جعل أميركا عظيمةً مرّةً أخرى".
وأشارت في هذا السياق إلى إشادة المستشار الاستراتيجي السابق للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ستيف بانون، بـما أسماه "النتيجة المثاليّة" التي خرج بها الاجتماع بعد المواجهة الكلامية المحتدمة بين ترامب وزيلينسكي، معقّباً بقوله: "الآن يمكننا أن نغسل أيدينا منه".
"هل وقع زيلينسكي في الفخّ؟"
وأشارت الصحيفة إلى أنّه في كييف يلقون باللوم على الشجار السريالي العاصف الذي حصل في المكتب البيضاوي على نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، الذي ينتقد بشكل دائم التدخّل الأميركي في أوكرانيا، كما أنّه متهم باستفزاز زيلينسكي عمداً بهدف إفشال صفقة المعادن.
بدوره، يرى أحد خبراء السياسة الخارجية وهو من الجمهوريين الذي تحدّث لـ"بوليتيكو" شريطة عدم الكشف عن هويته بأنّ دي فانس أراد إفشال صفقة المعادن مدركاً أنّها "ستعزّز من قوّة الضغط المؤيّدة لأوكرانيا في الإدارة الأميركية. لكن زيلينسكي ابتلع الطعم".
وأشار إلى أنّ "زيلينسكي كان مخطئاً لعدم التركيز على صفقة المعادن فقط"، متابعاً أنّ "زيلينسكي فشل قبل مناقشاته في البيت الأبيض في إدراك أهمية صفقة المعادن لترامب، فهي مهمة ليس بسبب المعادن بل تتعلّق بمنح ترامب فوزاً سياسياً".
وفي سؤال حول ما إذا كان الضرر غير قابل للإصلاح، قال الخبير الأميركي إنّ ترامب لم يكن غاضباً بعد إنهاء اللقاء مع زيلينسكي، مشيراً إلى أنّ الرئيس الأميركي يدرك أنّ زيلينسكي ليس في حالة نفسية مواتية بسبب الضغوط التي تعرّض لها على مدار السنوات الـ3 الماضية.
وشدّد على أنّه "من دون اتفاقية المعادن لن يكون هناك أيّ احتمال لأن يذهب ترامب إلى الكونغرس لطلب المزيد من الأموال لأوكرانيا. ومن دونها، فإنّ احتمالية حدوث ذلك صفر".
زيلينسكي فشل في إظهار نفسه كـ"حلّ" للأزمة
من ناحيته، قال زعيم المعارضة الروسية، ميخائيل خودوركوفسكي، لـ"بوليتيكو": "أنا أفهم ألم زيلينسكي فهو محبط وعاجز عن مواجهة ترامب"، مضيفاً أنّ ما جرى في البيت الأبيض يعلّم درساً قاسياً هو "مشكلاتك هي مشكلاتك".
وأوضح خودوركوفسكي أنّه "إذا كنت تريد من الطرف الآخر أن يتفاعل معك، فانسَ مشكلاتك وركّز على مشكلاته"، مردفاً أنّ " زيلينسكي فشل في هذا الأمر، إذ تحدّث خلال اللقاء عن العدالة وأوروبا، متجاهلاً كيف ينظر ناخبو ترامب إلى الوضع".
"زيلينسكي ركّز على الخلافات"
ففي حديثه إلى مجموعة من المشرّعين الجمهوريين والديمقراطيين في واشنطن قبل اجتماعه مع ترامب ودي فانس، أوضح الرئيس الأوكراني أنّه سيضغط على ترامب للموافقة على ضمانات أمنية لبلاده بعد الحرب.
لكن السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، من بين آخرين، طالبه بتوخّي الحذر وتجنّب التركيز على الخلافات.
كما حثّ مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أندريه يرماك، زيلينسكي على التركيز بشكل صارم على صفقة المعادن، التي من الممكن أن تتبعها ضمانات أمنية لاحقاً، غير أنّ الرئيس الأوكراني انحرف عن المسار بسبب انزعاجه من دي فانس، ما أدّى إلى ما وصفه النائب المعارض الأوكراني، أوليكسي جونشارينكو بكلمة واحدة بسيطة إلى "الكارثة".
حراك أوروبي داعم لأوكرانيا
وفي أعقاب ذلك اليوم المشحون، تُبذل جهود شاقة لمحاولة إصلاح بعض الأضرار وإجراء مكالمة هاتفية بين زيلينسكي وترامب لمحاولة إنقاذ العلاقة. كما يحثّ القادة الأوروبيون ويسعون إلى تنسيق مكالمة هاتفية بين الرجلين.
وكتب الباحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية، جوناثان ايال أنّ رحلة زيلينسكي إلى واشنطن كانت الأولى منذ تولى الرئيس ترامب منصبه، وكانت "مهمة صعبة للغاية".
وأشار إيال إلى أنّه "لا تزال هناك آمال في أن تسير الأمور على ما يرام".
وعلى الرغم من حالة عدم اليقين، يحظى الرئيس الأوكراني بدعم واسع النطاق في الداخل لتمسّكه بموقفه.
وقالت النائبة المعارضة ليسيا فاسيلنكو: "لقد كان الأمر في الواقع بمثابة هجوم على رجل واحد من قبل زعيم دولة أكبر بكثير - دولة يُفترض أنها صديقة. لقد كان ذلك بمثابة تنمّر. لقد خرج زيلينسكي قوياً جداً".
وفي السياق، أعرب النائب ميكولا كنياجيتسكي عن أسفه للحادث. وقال لصحيفة "بوليتيكو": "كان ينبغي ألا يفشل الاجتماع بين زيلينسكي وترامب. نحن ملتزمون بالتعاون مع أميركا ونأمل أن تهدأ المشاعر، مما يسمح للحوار بالعودة إلى مسار بنّاء".