"وول ستريت جورنال" توضح أسباب غضّ أوروبا الطرف عن حملة إردوغان على المعارضة
صحيفة "وول ستريت جورنال" تكشف أن الأزمة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين بشأن أوكرانيا أبرزت أهمية صناعة الدفاع التركية لأمن القارة.
-
تظاهرة في تركيا احتجاجاً على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لاتهامه بالفساد يوم 29 مارس 2025
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الأزمة بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين بشأن أوكرانيا أبرزت أهمية صناعة الدفاع التركية لأمن القارة.
ولفتت الصحيفة إلى أن قمع تركيا للمعارضة الديمقراطية كان ليُثير احتجاجاتٍ قويةً من أوروبا في الماضي، لكن "الآن يتغلب أسوأ صدعٍ في العلاقات عبر الأطلسي منذ أجيال والتهديد المتزايد من روسيا على هذه المخاوف".
وأكّدت أن تركيا تعدّ عنصراً بالغ الأهمية للأمن الأوروبي، بامتلاكها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وصناعة دفاعية قوية، في وقتٍ تسعى فيه إدارة الرئيس ترامب إلى تسويةٍ شاملة مع الكرملين، وتُعامل حلفائها الأوروبيين بعداءٍ علني.
ومع بدء القادة الأوروبيين التخطيط للتعاون الأمني دون مشاركة الولايات المتحدة، عقب الاجتماع الكارثي في البيت الأبيض بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، تبوأ كبار المسؤولين الأتراك مكانةً بارزةً.
وقد حدّد الكتاب الأبيض الجديد للاتحاد الأوروبي بشأن الدفاع، والذي يُحدّد مساعي إعادة التسلح الهائلة في أوروبا، تركيا - إلى جانب المملكة المتحدة والنرويج وكندا - كشريكٍ رئيسي في ضمان الأمن الأوروبي.
وفي خضمّ هذا التقارب، سجنت تركيا هذا الشهر أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول، المنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في منتصف مارس/آذار، بتهمٍ وصفتها المعارضة بدوافع سياسية. وتستمر الاحتجاجات الحاشدة في جميع أنحاء تركيا، فضلًا عن اعتقالات واسعة النطاق لسياسيين معارضين وصحافيين ونشطاء حقوق إنسان.
انتقادات غربية "خافتة" للحملة على المعارضة التركية
في حين أعربت بعض الدول الأوروبية، وأبرزها فرنسا، عن "قلقها العميق" إزاء اعتقال إمام أوغلو، إلا أن الانتقادات كانت خافتة نسبياً، ولم تربط السياسة الداخلية التركية بتوسيع التعاون الأمني. كما أعرب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عن "قلقه" لنظيره التركي، مضيفاً: "لا نريد أن نرى حالة من عدم الاستقرار كهذه في حكم أي دولة حليفة لنا".
قال نيكو لانج، المسؤول الدفاعي الألماني السابق والزميل البارز في مؤتمر ميونيخ للأمن، إن الدول الأوروبية ببساطة لا تملك رفاهية التركيز بشكل وثيق على وضع تركيا في الداخل، في ظل التهديد الوجودي من روسيا وتزايد عدائية واشنطن.
وأضاف لانج: "يتحدر الأوروبيون من تقليد يتصورون فيه أنفسهم أصحاب المبادئ الأخلاقية العالية، الذين لا يفعلون الصواب إلا مع الشريك المناسب، على أساس الديمقراطية والنظام القائم على القواعد، لكن الآن، يتطلب النهج الجيوسياسي الراشد للأمن النظر في التنازلات. من مصلحتنا العمل مع تركيا في المجال الأمني".
وقال إيغور يانكي، مدير معهد الحرية للأبحاث في وارسو، إن على الدول الأوروبية، مثل بولندا، التركيز بشكل كامل على أمنها المباشر الآن بعدما لم يعد بإمكانها اعتبار الحماية الأميركية أمراً مفروغاً منه.
وأضاف يانكي: "في ظل الوضع الراهن، ومع الإدارة الأميركية الجديدة والتهديد الروسي، لن تُشكّل المشاكل الديمقراطية داخل الدول الأخرى أهمية كبيرة".
وقال: "من وجهة النظر البولندية، من المهم لنا شراء معدات عسكرية جيدة والحفاظ على أمن بلدنا. إذا كان هناك تهديد بالحرب، ولم يكن حليفنا القوي بالثبات نفسه الذي كنا نعتقده سابقاً، فبالطبع نحتاج إلى البحث عن شركاء جدد".
وقالت غونول تول، مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، إن هذا النمط يعود إلى اتفاق عام 2015 بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، عندما منحت بروكسل مليارات الدولارات كمساعدات لأنقرة مقابل وقف تدفق اللاجئين السوريين وغيرهم.
وأضافت: "يتجاهل الاتحاد الأوروبي كل ما يفعله إردوغان لأسباب جيوسياسية، وسيواصلون تعزيز العلاقات الدفاعية الوثيقة معه".