السِباق الانتخابي في إيران.. لمن ستفتح بوابات قصر باستور الرئاسي؟

الواضح أن كلا التيّارين نجحا حتى الآن من خلال ما يتمتّعان به من خبرة طويلة، ومايمتلكانه من أدوات وأذرع داخل مؤسسات نظام الحُكم من إثبات وجودهما القويّ لدى مساحة واسعة من المجتمع الإيراني، وجود عكسته التجمّعات الشعبية الكبيرة التي حظي بها المُرشّحون الثلاثة الأوائل خلال الأسابيع القليلة الماضية.

حالة الاصطفاف السياسي تبدأ بفرض نفسها مع اقتراب موعد الاستحقاق الإنتخابي
مع اقتراب موعد الاستحقاق الإنتخابي بدأت حالة الاصطفاف السياسي تفرض نفسها بشكلٍ مُتسارِع في الشارع الإيراني. ووسط شعارات ووعود المُرشّحين، يجد هذا الشارع نفسه مندفعاً نحو تيّارين، أحدهما "أصولي"، يعتقد أنه الوريث الشرعي لمبادىء وقِيَم الثورة ونظامها الإسلامي، ويُمثّله في المرحلة الحالية المُرشّحان رئيسي وقاليباف، وآخر يحمل عنوان "الإصلاح والاعتدال"، ومرشّحه الرئيس روحاني.

والواضح أن كلا التيّارين نجحا حتى الآن من خلال ما يتمتّعان به من خبرة طويلة، ومايمتلكانه من أدوات وأذرع داخل مؤسسات نظام الحُكم من إثبات وجودهما القويّ لدى مساحة واسعة من المجتمع الإيراني، وجود عكسته التجمّعات الشعبية الكبيرة التي حظي بها المُرشّحون الثلاثة الأوائل خلال الأسابيع القليلة الماضية، سواء في العاصمة طهران أو المدن والمحافظات الأخرى، فضلاً عن مواقف وبيانات الدعم التي بات يحظى بها كل منهم لدى أحزاب ومؤسسات ورموز سياسية ودينية هامة. 

في مدينة قم التي تمثّل مرجعيّاتها الدينية ثقلاً كبيراً في تحديد خيارات الناخب الإيراني حسمت "جامعة مدرّسي الحوزة العلمية" موقفها لصالح سادن الحضرة الرضوية ابراهيم رئيسي، بإعتباره "المرشّح الأصلح"، بينما أعلن "مجمع المدرّسين" ذو الأصول الإصلاحية دعمه للرئيس روحاني، الذي حظي كذلك بتأييد قوي من جمعية رجال الدين المناضلين "مجمع روحانيون مبارز" التي يتزعمها مهدي كروبي الخاضع تحت الإقامة الجبرية، بينما لم تعلن رابطة علماء طهران "جامعة روحانيت" التي ينتمي إليها روحاني نفسه عن مرشّحها الأصلح، بسبب انقسام أعضائها بين مؤيّد لروحاني ومؤيّد لرئيسي، إلا أن ناطق نوري وهو أحد أبرز أعضائها أعلن دعمه لروحاني.

حال الاستقطاب هذه انسحبت على المؤسسة التشريعية التي قرّر فيها  أكثر من 160 نائباً إصلاحياً وأصولياً معتدلاً من مجموع 290 نائباً في البرلمان وقوفهم مع روحاني لولاية رئاسية ثانية، بينما يتوقّع أن يعلن باقي نواب البرلمان عن دعمهم لأحد المرشّحين الأصوليين قاليباف أو رئيسي، بعد التأكّد من حظوظ كل منهما في مواصلة السباق الانتخابي، وحسب مراقبين فإن هذه الحظوظ لن تعرف قبل انتهاء المناظرة الثالثة، أو الانتظار لمعرفة نتائج الجولة الأولى من الانتخابات.

 

 

من هي أبرز الكتل الانتخابية ؟

يؤكّد المتابعون للشأن الإيراني أن أي مرشّح رئاسي لايمكنه ضمان فوزه من دون أن يضع في حسابه ثلاث كتل انتخابية أساسية هي: 

أولاً: الطلبة الجامعيين، ويبلغ عددهم وفق آخر إحصاء زهاء 4،5 مليون طالب جامعي، وعنصر القوة في هذه الكتلة يكمن في كونهم يشكّلون أحد الشرايين الرئيسة للحراك والنشاط السياسي في الداخل الإيراني، ورغم ضخامة عددهم في الأساس، إلا أن تأثيرهم الاجتماعي في توجيه بوصلة وخيارات الناخب الإيراني نحو هذا المرشّح الرئاسي أو ذاك كبير جداً ولايمكن إغفاله إطلاقاً، علما أن القوى الإصلاحية والأصولية تتقاسم النفوذ في الجامعات الإيرانية التي يبلغ عددها زهاء 3 آلاف جامعة.

 

ثانياً : قوات الحرس الثوري والتعبئة الشعبية التي لاتتوافر إحصاءات دقيقة حول أعدادها، لكن معظم التقديرات تشير إلى أن عديد هذه القوات هو بالملايين أيضاً، ووفقاً لمعلومات غير رسمية، فإن الأجواء العامة لهذه الكتلة الانتخابية تميل لصالح سادن الحضرة الرضوية إبراهيم رئيسي، خاصة على مستوى قواعد هذه المؤسسة العسكرية، رغم مايُقال عن دعم عدد من قيادات الحرس الثوري للمرشّح قاليباف الذي كان أحد هذه القيادات إلى ماقبل عام 2000.  

ثالثاً: الشريحة المُتردّدة أو الرمادية، والتي تتراوح نسبتها عادة بين ثلث ونصف الناخبين "أكثر من عشرين مليون ناخب من مجموع 56 مليون مواطن يحقّ لهم المشاركة في الانتخابات الحالية"، والمعروف أن المُتردّدين عادة ما يتّخذون قرارهم بالمشاركة أوعدم المشاركة خلال الأيام أو الساعات الأخيرة، اعتماداً على مدى سخونة الأجواء الانتخابية، ودرجة الاستقطاب السياسي للشارع الإيراني.
ويبذل المرشّحون الثلاثة "روحاني، رئيسي، قاليباف" قُصارى جهدهم لضمان كسب أكبر عدد ممكن من هذه الشريحة الاجتماعية التي أثبتت في تجارب سابقة قدرتها على تغيير المعادلة الانتخابية بشكل كبير، وبالتالي يمكن القول أن أياً من هؤلاء المرشّحين سيكون مُطالباً بإقناع هذه الكتل الانتخابية بأنه الرئيس الأصلح لها إذا أراد أن تُفتح له بوابات  قصر باستور الرئاسي في طهران للسنوات الأربع المقبلة.  

اخترنا لك