إلى جانب ماكرون.. كيف تكون أوكرانيا الخاسر الأكبر بالانتخابات الأوروبية في فرنسا؟

موقع "Responsible Statecraft" يشرح تداعيات نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي التي خسر فيها الرئيس الفرنسي على الدعم الذي تقدّمه باريس إلى كييف ضدّ موسكو، خصوصاً أنّ ماكرون يُعدُّ أحد أقوى المؤيّدين الأوروبيين لأوكرانيا.

  • الرئيس الأوكراني والرئيس الفرنسي خلال اجتماع ثنائي خلال قمة المجموعة السياسية الأوروبية
    الرئيس الأوكراني والرئيس الفرنسي في اجتماع ثنائي خلال قمة "المجموعة السياسية الأوروبية" في بولبواكا في مولدوفا، العام الماضي (أ ف ب)

تحدّث موقع "Responsible Statecraft" الأميركي عن تأثير نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، التي تقدّمت فيها أحزاب أقصى اليمين على حساب تلك التي تنتمي إلى الوسط، على الدعم الأوروبي الذي تحظى به أوكرانيا ضدّ روسيا حالياً.

وفي مقال بعنوان "الانتخابات الأوروبية: هل كانت حرب أوكرانيا هي الخاسر الأكبر الآخر؟"، تناول الموقع تأثير هذه النتائج في فرنسا بصورة خاصة، حيث خسر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، و"حزب النهضة" الذي يتزعّمه.

وأوضح الموقع أنّ هذه النتائج لها آثار كبيرة في السياسة الخارجية الفرنسية، ولا سيما بالنسبة لأوكرانيا، إذ إنّ ماكرون يُعدُّ أحد أقوى المؤيدين الأوروبيين لكييف.

ولدى تبيانه هذا الدعم، أشار الموقع إلى أنّ ماكرون أعرب عن استعداده لإرسال مدرّبين عسكريين غربيين إلى أوكرانيا، ودعا إلى السماح لكييف بضرب أهداف داخل روسيا باستخدام الأسلحة الغربية، في خطوة وصفها الموقع بأنّها تمثّل "تحوّلاً جذرياً في السياسة".

بعد حلّه الجمعية الوطنية.. ماكرون يخاطر بـ"مقامرة ضخمة"

الموقع أشار إلى الخطوة التي أخذها الرئيس الفرنسي بحلّ الجمعية الوطنية، مدفوعاً إلى ذلك بـ"الهزيمة المذلّة" التي مُني بها في انتخابات البرلمان الأوروبي.

وفي هذه الانتخابات، شارك 50% من الناخبين الفرنسيين، ووجّهوا "توبيخاً صادماً" للمؤسسة الحاكمة، على حدّ وصف الموقع، إذ ذهب 37% من الأصوات إلى أحزاب أقصى اليمين، بينها حزب "التجمّع الوطني" بزعامة مارين لوبان، بينما ذهب 10% من الناخبين إلى حزب "فرنسا الأبية" بزعامة جان لوك - ميلانشون، الذي ينتمي إلى التيار اليساري.

في المقابل، حصلت قائمة ماكرون الليبرالية الوسطية على 14.6% فقط من الأصوات، أي أقل من نصف أصوات "التجمّع الوطني".

وبعد حلّ البرلمان، دعا ماكرون إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، ستجرى دورتها الأولى في الـ30 من حزيران/يونيو الحالي، والثانية في الـ7 من تموز/يوليو المقبل.

ورجّح "Responsible Statecraft" أنّ خطوة الرئيس الفرنسي ستخلّف "عواقب ضخمةً على سياسات باريس الداخلية والخارجية"، وخصوصاً فيما يتعلّق بدعمها لكييف.

وقدّم الموقع تفسيرين محتملين للخطوة التي اتخذها ماكرون. الأول هو أنّه يريد أن يحشد الناخبين الليبراليين والوسطيين واليساريين ضدّ لوبان متذرّعاً بـ"شبح الفاشية"، على نحو يحقق له النصر ضدّها.

أما الاحتمال الثاني، وفقاً للموقع، فهو أنّ ماكرون يقوم بإعداد "التجمع الوطني" لتحقيق النصر التشريعي ومنصب رئيس الحكومة، ما من شأنه أن "يظهر عدم خبرة أقصى اليمين، وعدم كفاءة أفراده في الحكم، ما يستنزفهم قبل الانتخابات الرئاسية في عام 2027".

وأيّاً كانت حسابات ماكرون، فإنّ دعوته إلى إجراء انتخابات هي "مقامرة ضخمة" قد تأتي بنتائج عكسية مذهلة، وفقاً لما أوضحه "Responsible Statecraft".

وفي هذا الإطار، أضاف الموقع أنّ الحجم الهائل لانتصار لوبان في انتخابات البرلمان الأوروبي، حيث فازت بنسبة بلغت 93% من البلديات الفرنسية، يضع حزبها، "التجمّع الوطني"، في موقف قوي للفوز بأغلبية الأصوات في الجمعية الوطنية، كما تابع الموقع.

وعلى الرغم من أنّ الانتخابات الوشيكة، مهما كانت نتائجها، لن تؤثّر بالضرورة في السياسات الخارجية الفرنسية الحالية، لأنّها من صلاحيات الرئيس، فإنّ التعقيد الهائل وخطورة سياسات الحرب التي يروّج لها ماكرون وتداعياتها من المفترض "أن تتطلّب اهتمامه الكامل".

وبدلاً من أن يولي ماكرون كلّ اهتمامه لهذه السياسات، من المرجّح أن يتشتّت انتباهه بسبب الانتخابات التي دعا إليها، بحسب الموقع.

وجود أقصى اليمين في حكومة فرنسا يعرقل خطط الدفاع الأوروبي المشتركة 

أمام ذلك، فإنّ الرئيس الفرنسي في وضع صعب، وكذلك محاولاته الساعية لتعزيز دور باريس في الصراع، والدفاع الأوروبي أيضاً، وفقاً لـ"Responsible Statecraft".

وفيما يتعلّق بالآثار بعيدة المدى لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في فرنسا، أوضح الموقع أنّ وجود القوى التي تنتمي إلى أقصى اليمين في البرلمان والحكومة "قد يؤدي إلى عرقلة خطط تعزيز سياسة أمنية ودفاعية مشتركة للاتحاد الأوروبي"، وهي أولوية طويلة الأمد بالنسبة لكلّ من ماكرون ورئيسة المفوضيّة الأوروبية المنتهية ولايتها، أورسولا فون دير لاين.

وبما أنّ فرنسا تُعَدُّ القوة العسكرية الرئيسة في الاتحاد الأوروبي، فإنّ "تعاون باريس لا غنى عنه من أجل إنجاح هذه الجهود"،  وفقاً للموقع، الذي أوضح أنّ تعزيز الخطط "لن يتطلّب الدعم الدبلوماسي فحسب، بل القوة المالية أيضاً". 

وبخصوص "القوة المالية" المطلوبة، أشار الموقع إلى أنّ ماكرون يُعدُّ "أحد المؤيدين الرئيسيين لخطة الاقتراض المشتركة للاتحاد الأوروبي، التي تهدف إلى تعزيز الإنفاق الدفاعي"، في ظلّ الحرب في أوكرانيا.

وأضاف الموقع أنّ هذا الإنفاق من جانب فرنسا يجب أن يخضع لموافقة البرلمان، بينما "قد لا يكون مجلسا النواب والوزراء الفرنسيين، اللذان يهيمن عليهما المنتمون إلى أقصى اليمين (في المستقبل)، جاهزَين بالكامل لمنح الموافقة".

وحتى لو حظيت أوكرانيا بدعم مستقرّ في الوقت الحالي، فإنّ المدة التي قد تستمرّ فيها هذه الحالة، وما إذا كانت ستمتدّ إلى مرحلة ما بعد الحرب تظلّ "غير مؤكدة"، ولا سيما في ضوء إحجام لوبان في الماضي عن دعم كييف، وفقاً لما ذكره الموقع.

إلى جانب ذلك، من بين الآثار الأخرى طويلة الأمد للانتخابات الأوروبية بالنسبة لأوكرانيا هو حالة "عدم اليقين المتزايدة التي سيجلبها صعود لوبان لتطلّعات أوكرانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي"، كما أضاف "Responsible Statecraft".

ويشكّل الدستور الفرنسي "في حدّ ذاته عقبةً أمام ذلك"، بحسب الموقع، إذ إنّ أي توسّع جديد للاتحاد الأوروبي يجب أن تتمّ الموافقة عليه من خلال استفتاء، أو من قِبل ثلاثة أخماس مجلسي البرلمان، أي مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

علاوة على كلّ ما سبق، ونظراً لوضع فرنسا كقوة نووية واكتفائها الذاتي من حيث دفاعها عن نفسها، فإنّ خطاب ماكرون بشأن "المخاطر الوجودية التي تنطوي عليها الحرب في أوكرانيا قد يبدو أجوف بالنسبة لجزء كبير من الناخبين الفرنسيين، وبالتأكيد الجزء الأكثر قومية منهم"، الذي يميل نحو أقصى اليمين، وفقاً للموقع.

اقرأ أيضاً: موقع أميركي: "حماقة" ماكرون قد تقود "الناتو" نحو صراع نووي مع روسيا

اخترنا لك