المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية للميادين: نفاوض لرفع العقوبات.. ونملك وثائق تدين "إسرائيل" نووياً

المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني تؤكد للميادين استمرار التفاوض رغم تناقضات واشنطن، وتكشف عن وثائق سرية تدين "إسرائيل" بجرائم نووية وإنسانية.

  • المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهجراني في مقابلة مع الميادين في 10 حزيران/يونيو 2025.
    المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهجراني في مقابلة مع الميادين في 10 حزيران/يونيو 2025.

أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن موضوع المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية ليس جديداً، بل يعود إلى فترة زمنية سابقة، مشيرة إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه هذا المسار هو "التناقض في التصريحات الصادرة عن الإدارة الأميركية".

وشددت مهاجراني في مقابلة مع الميادين، يوم الثلاثاء، على أن طهران تريد أن تتركّز المفاوضات على محور رفع العقوبات، إلى جانب الاعتراف ببرنامجها النووي السلمي، معتبرة أن هذا الملف "غير قابل للتفاوض".

وأضافت: "على الإدارة الأميركية أن توضح مواقفها حيال هذا الموضوع، فالتباينات في خطابها تعقّد مهماتنا، لكننا نواصل التفاوض بصبر واحترافية"، كاشفة أن تحديد موعد الجولة السادسة من المفاوضات جارٍ حاليًا.

كذلك أوضحت أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومنذ انطلاق ثورتها عام 1979، أثبتت تمسكها بحقوق شعبها، ولن تتوانى عن بذل أي جهد في سبيل تحقيق هذه الحقوق، مضيفة: "ليس من حق الولايات المتحدة أن تملي علينا ما يجب امتلاكه. نحن سنسعى إلى امتلاك كل ما نحتاج إليه لتحقيق مصالحنا القومية، وسنتخذ خطواتنا في هذا السياق بناءً على أولوياتنا الوطنية".

وفي ما يخص المفاوضات النووية غير المباشرة، أشارت مهاجراني إلى أن طهران بدأت بالتوازي مفاوضات مع الدول الأوروبية، معربة عن أملها في أن "تعتمد هذه الدول مواقف منطقية وتبتعد عن النهج العدائي".

وأكدت للميادين أن إيران لا تسعى إلى حالة عداء مع أي دولة في العالم، باستثناء كيان الاحتلال، وقالت: "مواقفنا من إسرائيل واضحة وأعلناها مراراً، ونرغب في إقامة علاقات طبيعية وبنّاءة مع جميع دول العالم، لكن ذلك يبقى مرتبطًا بمدى وضوح مواقف تلك الدول واستعدادها للتخلي عن سياسات العداء تجاه إيران".

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، إنّ طهران تتوقع من المؤسسات الدولية ذات الطابع الفني، وفي مقدمتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن تتصرف بمهنية تامة، ووفقاً لمهامها الفنية والقانونية، بعيداً عن أي أجندات سياسية.

وأشارت مهاجراني إلى أن أكثر من 20% من عمليات التفتيش التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول العالم، جرت في المنشآت النووية الإيرانية، وهو ما يعكس "التعاون الكامل والشفاف الذي أبدته الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا الملف".

وأضافت: "نحن ملتزمون بالشفافية، وليس لدينا ما نخفيه. أما في ما يخصّ قدراتنا الصاروخية، فقد أعلنا بوضوح أننا نصنّع الصواريخ، وسنواصل ذلك بكل تأكيد، ونعتبره إنجازاً وطنياً".

كما لفتت إلى أنّ طهران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، مشددة على أن "القيادة الدينية في إيران، ممثلة بسماحة قائد الثورة، أفتت بحرمة هذا النوع من الأسلحة، ولذلك فإن الجمهورية الإسلامية لا تنوي تصنيعها إطلاقاً".

وأضافت مهاجراني: "ما نطالب به من المؤسسات الدولية هو التعاطي المهني، بعيداً عن التسييس، والاعتراف بحقوق الشعب الإيراني".

وفي ما يتعلّق بالدور الإسرائيلي، حذّرت مهاجراني من سعي الكيان لعرقلة مسار المفاوضات، مؤكدة أن طهران سبق أن أبلغت الجانب الأميركي بهذا الأمر منذ انطلاق المحادثات. وقالت: "لقد أدركت واشنطن خلال مسار التفاوض أن العداء الإسرائيلي يُلقي بظلال سلبية على طبيعة المفاوضات".

"لدينا أدلة دامغة على جرائم إسرائيل النووية والإنسانية"

وكشفت مهاجراني، للميادين، أن إيران باتت تمتلك وثائق سرية نووية وعسكرية خاصة بـ"إسرائيل"، حصلت عليها "بجهود وتضحيات جنود الإمام المهدي (ع)".

وتابعت أن هذه الوثائق تُظهر بوضوح تورّط الكيان في ممارسات "إجرامية" في قطاع غزة، إلى جانب انتهاكاته في المجالات العسكرية والنووية، مضيفة: "هذه الحقائق لن تبقى مخفية عن الرأي العام العالمي، ولا عن الجانب الأميركي الذي سيدرك تبعات الاصطفاف خلف كيان هشّ ليس إلا بيتاً من ورق".

وفي هذا السياق، شدّدت مهاجراني على أن الحجم والخطورة في المعلومات التي جُمعت "كبيران وعميقان للغاية"، وأن الأجهزة الأمنية الإيرانية ستكشف عنها في الوقت المناسب، مشيرة إلى أن جزءاً منها سيُعرض عبر وسائل الإعلام.

وأضافت: "حين يطّلع العالم على هذه الأسرار، إلى جانب المجازر المستمرة بحق النساء والأطفال في غزة، فسيدرك أن الكيان الإسرائيلي لا يمتلك أي هوية سوى كونه كيانًا معاديًا للبشرية".

"خططنا الاقتصادية جاهزة ونعوّل على تعاون الجوار"

وفي الشأن الاقتصادي، أكدت مهاجراني أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية بلد غني بالفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، وقالت: "نرحّب بالمستثمرين من جميع أنحاء العالم، لكننا ـ مثل أي دولة أخرى ـ نضع شروطاً وقوانين، ولدينا ملاحظات تتعلق بقبول الاستثمارات، بما يضمن حماية مصالح شعبنا ومصالحنا القومية".

وختمت بالتأكيد أن جميع طلبات الاستثمار ستُدرس وفقاً لطبيعة كل مشروع، وبما ينسجم مع السياسات الاقتصادية السيادية للبلاد.

فاطمة مهاجراني، أوضحت أن طهران أعدّت كل البرامج والخطط اللازمة للتعامل مع مختلف السيناريوهات المحتملة، سواء في حال التوصل إلى اتفاق وانفراج اقتصادي، أم في حال فشل المفاوضات وازدياد الضغوط والعقوبات.

وشددت على أن إيران تتعرّض للعقوبات منذ عقود طويلة، موضحة أن هذه العقوبات "لا تستهدف الدولة الإيرانية فقط، بل تمسّ حياة المواطنين مباشرة، من خلال التأثير على الأدوية، والحليب الجاف، وسائر المستلزمات الطبية الضرورية للمستشفيات".

وأضافت: "إيران بلد مقتدر، وقد أثبت شبّانها خلال السنوات الماضية قدرتهم على تجاوز الأزمات بعزمهم وطاقاتهم العلمية. ونحن إذ نرحّب بأي انفتاح اقتصادي، فإننا في الوقت نفسه مستعدون تمامًا للتعامل مع الظروف الصعبة، وقد جرى تجهيز كل البرامج والخطط لمواجهة مختلف الاحتمالات".

كما أكدت مهاجراني جاهزية إيران على المستويات كافة، قائلة: "نحن جاهزون في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية، ونملك الاستعداد الكامل للتعامل مع أي سيناريو قد يُفرض علينا".

وفي ما يخص السياسة الإقليمية، شددت المتحدثة باسم الحكومة على أن أولوية إيران الاستراتيجية تتمثل في تعزيز التعاون مع دول الجوار. وقالت: "نعتقد أن منطقتنا تمتلك كل المقومات اللازمة لتكون قطباً اقتصادياً عالمياً، لما فيها من ثروات طبيعية، وإرث ثقافي وحضاري غني وعريق".

وأشارت إلى أن هذه الرؤية تنطلق من نهج الحكومة الإيرانية الرابعة عشرة، والتي تضع "تعزيز الشراكات مع الدول المتشاطئة ومع جيراننا عبر الحدود البرية في مقدمة أولوياتها الإقليمية"، مؤكدة أن هذه المقاربة تمثّل "خياراً جادّاً واستراتيجياً في السياسة الخارجية الإيرانية".

"الاحتلال الإسرائيلي يقتل لكنه لا ينتصر"

وقالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، للميادين، إنّه "إذا كان هدف الاحتلال الإسرائيلي هو قتل الإنسان، فإنه قد حقق ذلك بكل وضوح. لكن إذا كانت غايته إخماد صوت الإنسانية، فقد فشل فشلًا ذريعاً. لأن صوت الله هو الأعلى، ولأن الحقّ، كما وعد، منتصرٌ على الباطل".

أشارت مهاجراني، إلى أن ما يحدث في غزة اليوم ليس سوى تأكيدٍ جديدٍ لدروس كربلاء: قد يُستشهَد الأحرار، لكن صوتهم لا يُخرس، ونداؤهم لا يموت. غزة اليوم هي كربلاء هذا الزمن، ومقاومتها امتدادٌ لملحمة كربلاء التي لم ينطفئ وهجها أبداً".

وأضافت فاطمة مهاجراني أنّ الحرب على غزة لم تعد مجرد صراع عسكري، بل أصبحت عدواناً سافراً على أبسط المفاهيم الإنسانية. أطفال يُجوَّعون ثم يُطلق الرصاص عليهم في طوابير الغذاء. نساء يُحرمن الدواء والمأوى ثم يُدفنّ تحت الركام. فهل بقي لمعاني "الإنسانية" و"الضمير" أي وجود في قاموس هذا العالم؟

كما أكّدت أنّ هذا المشروع الإجرامي ليس سوى حلقة جديدة في سلسلة من الأفعال المخزية التي ينفذها الكيان الإسرائيلي، بدعم مباشر وواضح من الولايات المتحدة. وكما لم ينسَ الوجدان البشري مجزرة صبرا وشاتيلا، لن تُمحى هذه الجرائم من ذاكرة الإنسانية. وستظل أسماء الجناة، كما أولئك "القصّابين"، محفورة في سجل العار الأبدي.

وفي ختام المقابلة، لفتت مهاجراني إلى أنّ "الاحتلال يظن أن بوسعه إنهاء وجود الفلسطيني الأخير، لكنه ينسى أن الشهادة في ثقافة الشعوب الحرة، هي ولادة جديدة لا موت. وأن صوت الحرية، كما في غزة اليوم، يعلو كلّما ازداد الجرح عمقًا، وكلّما فاض الدم زهراً".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك