تقرير: روبيو وعد رئيس السلفادور بتسليم مخبرين تحت حماية واشنطن مقابل صفقة.. ما هي؟
صحيفة "واشنطن بوست" تكشف أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو وعد الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي بتسليم مخبرين من عصابة "MS-13" محميين من قبل الحكومة الأميركية مقابل اتفاق يتيح لواشنطن الوصول إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور.
-
مجموعة من المحتجزين في "مركز احتجاز الإرهابيين" في السلفادور. 15 آذار/مارس 2025 (جيتي امج)
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قدّم عرضاً استثنائياً للرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي، تمثّل في تسليم مخبرين محميين من الحكومة الأميركية من عصابة "إم إس-13" (MS-13) مقابل إتمام صفقة أمنيّة تتيح لواشنطن الوصول إلى أحد أسوأ السجون سمعة في السلفادور.
ووفقًا لمسؤولين مطلعين على المحادثة، جاءت هذه الوعود في مكالمة هاتفية أجراها روبيو في 13 آذار/مارس الماضي مع بوكيلي، في الأيام التي سبقت ترحيل إدارة الرئيس دونالد ترامب مئات المهاجرين الفنزويليين إلى السجن المسمّى "مركز احتجاز الإرهابيين" (CECOT).
وخلال المكالمة، طلب بوكيلي من روبيو إعادة 9 من قادة عصابة "إم إس-13" المحتجزين لدى الولايات المتحدة، بينهم عدد من المتعاونين مع وزارة العدل الأميركية. ولكن كانت هناك عقبة واحدة إذ أخبره روبيو أن بعض أعضاء العصابة الذين أرادهم بوكيلي كانوا "مخبرين" تحت حماية الحكومة الأميركية،لكنه وعد بإنهاء هذه الترتيبات عبر المدعية العامة بام بوندي تمهيداً لترحيلهم.
إدارة ترامب سعت لإرضاء بوكيلي
وبحسب الصحيفة، فإن التعهد الاستثنائي يعكس مدى استعداد إدارة ترامب لتلبية مطالب بوكيلي أثناء التفاوض على ما أصبح لاحقاً أحد أهم الاتفاقات الأمنية في الأشهر الأولى من ولاية ترامب، إذ سمحت الصفقة للإدارة الأميركية حق الوصول إلى سجن "مركز احتجاز الإرهابيين" واسع النطاق الذي يضم أخطر المجرمين في أميركا الوسطى، في إطار تنفيذ ما وصفه ترامب بـ "أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أن الاتفاق منح بوكيلي تسلم بعض الأشخاص الذين هددوا بكشف الصفقات المزعومة التي أبرمتها حكومته مع عصابة "إم إس-13"، للمساعدة في تحقيق انخفاض تاريخي في العنف في السلفادور. واعتُبر تسليم هؤلاء المخبرين خطوة أساسية من بوكيلي للحفاظ على سمعته كرئيس صارم في مكافحة الجريمة، ولعرقلة تحقيق أميركي حول علاقاته المفترضة بالعصابة.
لكنّ مسؤولين سابقين وحاليين في وزارة العدل الأميركية حذّروا من أن إنهاء اتفاقات الحماية مع المخبرين يُهدد بتقويض سنوات من العمل الذي بذلته أجهزة إنفاذ القانون الأميركية للقبض على أعضاء رفيعي المستوى في إحدى أخطر العصابات في العالم وضمان تعاونهم.
تحذيرات من "خيانة لأجهزة إنفاذ القانون"
وقال دوغلاس فراه، وهو متعاقد أميركي شارك في تحقيقات تتعلق بعصابة "إم إس-13": "هذه الصفقة خيانة عظمى لأجهزة إنفاذ القانون الأميركية، التي خاطر عملاؤها بحياتهم للقبض على أعضاء العصابة"، مضيفاً: "من سيثق بكلام جهات إنفاذ القانون أو النيابة العامة الأميركية مرة أخرى؟".
ووفق مسؤولون، فإن ثلاثة من قادة العصابة الذين طلبهم بوكيلي كانوا قد قدّموا معلومات تُدين مسؤولين في حكومته. أحدهم، سيزار لوبيز لاريوس، الذي تتهمه الولايات المتحدة بتوجيه أنشطة العصابة على أراضيها، أُعيد إلى السلفادور بعد يومين فقط من المكالمة بين روبيو وبوكيلي، فيما لا يزال الآخرون محتجزين بانتظار القرار بشأن مصيرهم.
الخارجية الأميركية تدافع عن الصفقة وصمت رسمي في السلفادور
في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الأميركية الانتقادات، معتبرةً أن جهود روبيو الدبلوماسية أتاحت ترحيل مئات من عناصر عصابة "ترين دي أراغوا" (TdA) إلى السلفادور ومن ثم إلى فنزويلا. وقال المتحدث باسم الوزارة تومي بيغوت إن "نتائج إدارة ترامب تتحدث عن نفسها... الأميركيون أصبحوا أكثر أماناً بفضل هذه الجهود الجبارة".
أما وزارة العدل الأميركية، فأكدت عبر المتحدث غيتس ماكجافيك أنها "فخورة" بالتعاون مع الخارجية لتفكيك "إم إس-13"، مشيرةً إلى أن الإدارة "حققت مع إرهابيين أجانب رئيسيين، ولاحقتهم قضائياً، واحتجزتهم بنجاح غير مسبوق".
في المقابل، لم تُعلّق حكومة السلفادور على التقرير، بينما دافع أحد اللوبيات المؤيدة لبوكيلي، داميان ميرلو، عن الخطوة قائلاً إن "هؤلاء إرهابيون سلفادوريون، ومكانهم الطبيعي هو مركز مكافحة الإرهاب في بلادهم، لا سجون أميركية مريحة".
يُذكر أن صحيفة "واشنطن بوست" استندت في تقريرها إلى شهادات عشرات المسؤولين الأميركيين والسلفادوريين، ومحامين ومدعين عامين ودبلوماسيين، معظمهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لحساسية المعلومات المتعلقة بإنفاذ القانون.