تقرير: لماذا تواجه أذربيجان ضغطاً لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل"؟
أصوات مناهضة للدبلوماسية، تعمل جاهدة لإيجاد سبل جديدة لحصر الولايات المتحدة وإيران في عداوة أبدية. كيف يتمّ ذلك؟ وما علاقة أذربيجان؟
-
الأسابيع الماضية شهدت حملةً متصاعدةً في الولايات المتحدة و"إسرائيل" لضمّ أذربيجان إلى ما يسمّى بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية"
كشف موقع "Responsible statecraft" أنّ أصواتاً مناهضة للدبلوماسية، تعمل جاهدة لإيجاد سبل جديدة لحصر الولايات المتحدة وإيران في عداوة أبدية، مع إرسال الرئيس دونالد ترامب رسائل متضاربة بشأن إيران.
وأشار الموقع إلى أنّ الأسابيع الماضية شهدت حملةً متصاعدةً في كلٍّ من الولايات المتحدة و"إسرائيل"، لضمّ أذربيجان، الجارة الشمالية لإيران، إلى ما يسمّى بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية"، ورأى مركز بيغن-السادات، وهو مركز أبحاث إسرائيلي، أنّ باكو ستكون إضافةً مثاليةً إلى القائمة.
وبحسب قوله، أرسل عدد من الحاخامات المؤثّرين، وعلى رأسهم مؤسّس مركز "سيمون فيزنتال"، في لوس أنجلوس مارفن هير، والحاخام الرئيسي لدولة الإمارات إيلي عبادي، رسالة إلى ترامب للترويج لضمّ باكو، وضخّمت صحيفتا "وول ستريت جورنال" و"فوربس" هذه الرسائل في مقالات الرأي الخاصة بهما.
ورأى الموقع أنّ هذا النشاط يبدو محيّراً للوهلة الأولى؛ فأذربيجان، من الناحية العملية، حليف وثيق لـ"إسرائيل" - إلى حدّ أكبر بكثير من أيّ من الدول العربية الموقّعة على الاتفاقيات... ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، شكّلت "إسرائيل" ما يصل إلى 70% من واردات أذربيجان من الأسلحة المتطوّرة.
بدورها، كانت أذربيجان المورد الرئيسي للنفط لـ"إسرائيل"، إذ تمثّل ما يصل إلى 40% من إجمالي واردات النفط.... وفي إشارة إلى المزيد من تطوير العلاقات، استحوذت شركة النفط الحكومية الأذربيجانية "سوكار" مؤخّراً على حصة 10% في حقل غاز "تمار" البحري الإسرائيلي.
وبالتالي، فإنّ القيمة المضافة لانضمام أذربيجان إلى "الاتفاقيات الإبراهيمية"، ليست واضحة من حيث مزاياها، وفقاً للموقع، ويبدو أنّ الأجندة الحقيقية هنا هي إضافة الولايات المتحدة إلى التحالف الثنائي القائم.
في الواقع، أعلن مكتب نتنياهو أنّ "إسرائيل" تسعى إلى "إرساء أساس متين للتعاون الثلاثي" مع الولايات المتحدة وأذربيجان. وقد أوضح سيث كروبسي وجوزيف إبستاين، هدف هذا التحالف في مقال رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال" بتاريخ 14 مارس/آذار: "زيادة الضغط بشكل كبير على الحدود الشمالية لإيران".
ومع ذلك، بحسب الموقع، ثمّة عقبة أمام التنفيذ الكامل لهذا المخطط: المادة 907 من قانون دعم الحرية، الذي سنّه الكونغرس في سياق حرب ناغورنو كاراباخ الأولى في مطلع التسعينيات بناءً على إلحاح اللوبي الأميركي الأرمني المؤثّر، تحظر المساعدات الأميركية ومبيعات الأسلحة لأذربيجان.
ومنذ بداية الحرب العالمية على الإرهاب، تنازل الرؤساء المتعاقبون عن هذا البند، إذ وُجد أنّ أذربيجان شريك مفيد. وفي هذا السياق، قدّمت باكو نفسها كحليف رئيسي ضدّ طهران، بما في ذلك من خلال الضغط غير المشروع على أعضاء الكونغرس.
ويزعم داعمو أذربيجان، الإسرائيليون والأميركيون، أن الإعلان عن "اتفاقية سلام" وشيكة بين أرمينيا وأذربيجان يُقدّم مبرّراً وجيهاً لإلغاء المادة 907 كلياً.
ومع ذلك، لم تُوقّع الاتفاقية بعد، إذ تُغيّر باكو موقفها باستمرار. والأدهى من ذلك، أنّ باكو كثّفت رسائلها بأنّ أرمينيا تُحضّر لحرب انتقامية لتعويض خسائرها.
وتبدو هذه الادّعاءات مُخالفة للمنطق السليم، إذ يُشير توازن القوى في المنطقة بقوة إلى أنّ يريفان ليست في وضع يسمح لها بمواجهة أذربيجان المدعومة من تركيا و"إسرائيل" عسكرياً.
وأشار الموقع إلى أنه يمكن تفسير تكتيكات باكو المُماطلة برغبتها في تعظيم نفوذها الحالي لانتزاع المزيد من التنازلات الإقليمية من يريفان، ثم إلقاء اللوم على أرمينيا في فشل محادثات السلام.
من جانبها، أكدت إيران، بوضوحٍ تامٍّ أنّ أيّ تغيير في الحدود في جنوب القوقاز أمرٌ غير مقبول. وتخشى طهران أن يؤدّي فقدان الحدود مع أرمينيا إلى عزلها عن المنطقة، وتمكين منافستها تركيا وعدوها اللدود "إسرائيل" من ترسيخ وجودهما في ساحتها الخلفيّة.
ولمنع ذلك، أجرت طهران مناورات عسكرية واسعة النطاق على طول حدودها مع أذربيجان، وحذّرت من أنها ستتدخّل عسكرياً، إذا لزم الأمر.
حتى الآن، كان ذلك كافياً لردع خطط باكو التوسّعية. وقد حقّقت هذه التحذيرات أهدافها المرجوّة. فمنذ ذلك الحين، اتخذت كلّ من باكو وطهران خطوات لتهدئة التوترات.
وأضاف الموقع: "يبدو أنّ السعي لإضافة أذربيجان إلى لاتفاقيات الابراهيمية التي يعتبرها ترامب إنجازه الأبرز في السياسة الخارجية خلال ولايته الأولى، يهدف إلى تعزيز علاقة باكو بواشنطن، وبالتالي تشجيع أذربيجان على اتخاذ موقف أكثر حزماً تجاه إيران. كما يهدف وضع أذربيجان في طليعة التحالف المناهض لإيران، إلى حشد الجالية الأذرية الكبيرة في إيران (التي تصل نسبتها إلى 20% من إجمالي السكان)".
وتابع: "لا شكّ في أنّ إسرائيل وأذربيجان سترحّبان بـ (التعاون الثلاثي) مع الولايات المتحدة الذي يفضّله مكتب نتنياهو، لكن من الصعب تصوّر كيف سيخدم هذا المصالح الأميركية طويلة الأجل، ولا سيما مصلحتها في تجنّب التزامات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط الكبير، قد تُورّط واشنطن في تحالفات قد تجرّها إلى حروب جديدة هناك، سواء بشكل مباشر أو بالوكالة".