تقرير: تاريخ الولايات المتحدة حافل برفض خطط السلام وإبدالها بالحروب

موقع "Antiwar" الأميركي يشير، في تقرير نشره، أمس الإثنين، إلى نمطٍ تاريخي واضح ومتواصل لتخلي الولايات المتحدة عن خطط السلام، في سعيها لتحقيق أهداف أكبر.

  • رفضت الولايات المتحدة تنفيذ عدة مبادرات سلام أو خطط تسوية لنزاعات عديدة حول العالم، واستبدلتها بالحروب وإطالة أمد النزاعات.
    رفضت واشنطن تنفيذ عدة مبادرات سلام أو تسويات لنزاعات حول العالم، وبدّلتها بالحروب وإطالة أمد النزاعات

نشر موقع "Antiwar" الأميركي، التابع لمعهد "راندولف بورن" المناهض للإمبريالية والحروب، تقريراً بعنوان "هل تعتقد أن الولايات المتحدة لن تفوّت خطة سلام؟"، للكاتب تيد سنايدر، الذي قدّم طرحاً كاملاً لسلوكٍ أميركي طويل من التخلي عن خطط السلام وإبدالها بالحروب.

ولفت الموقع إلى نشر الصين موقفها بشأن "التسوية السياسية للأزمة في أوكرانيا"، في 24 شباط/فبراير الماضي، مُشيراً إلى أنّه بدلاً من قبول شريك قوي، له نفوذ وسجل حافلان باتفاقات الوساطة، فإنّ الولايات المتحدة رفضت بصورة قاطعة جهود بكين.

وأكّد الموقع أنّه على الرغم من أنّه يبدو من غير المعقول أن ترفض الولايات المتحدة خطة سلام محتملة، فإنّ لها تاريخاً حافلاً بذلك، بحيث تخلّت عن خطط السلام منذ أيامها الأولى حتى الأمس القريب.

تاريخٌ حافل برفض خطط السلام

حاول تاكومسيه، زعيم قبيلة شاوني، وهي قبيلة للهنود الأميركيين، عام 1811، التفاوض مع حاكم ولاية إنديانا آنذاك، ويليام هنري هاريسون. وبينما كان تاكومسيه بعيداً عن موطنه لمتابعة المفاوضات، استغلّ هاريسون الفرصة، وأرسل جيشه من أجل سحق أتباع تاكومسيه وإحراق بلدتهم، وطردهم إلى كندا.

ويؤكد كاتب التقرير أنّه لم يتغير شيء بعد 200 عام من أفعال هاريسون. ففي كل حروب الولايات المتحدة الأخيرة، كانت هناك فرصة حقيقية في تسوية تفاوضية، لكنّها تخلّت عنها في كل حرب.

وأضاء سنايدر على دفع الولايات المتحدة الاتحاد السوفياتي، عن عمد، إلى غزو أفغانستان، عام 1979، أو على حد تعبير مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، زبيغنيو بريجنسكي، فإنّ الولايات المتحدة "زادت في احتمالات التدخل".

واعترف بريجنسكي، في مقابلة عام 1998، بأنّ الهدف من "العملية السرية" هو "قيادة الروس إلى الفخ الأفغاني"، بحيث أخبر الرئيس كارتر بأنّ "هذه هي فرصتنا في منح روسيا فيتنام الخاصة بها".

وبعد عقد من الزمان، عرض الرئيس السوفياتي آنذاك، ميخائيل غورباتشوف، على الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأب، وقف إطلاق النار، واقترح خطة سلام تتضمن وقف كِلا البلدين إرسال شحنات الأسلحة إلى أفغانستان، والانتقال إلى حكومة ائتلافية، وإجراء انتخابات ديمقراطية بإشراف الأمم المتحدة،قبِل بوش خطة السلام، ولكنّه أبقى الأسلحة تتدفق إلى أفغانستان.

وتخلّت الولايات المتحدة، للمرة الثانية، عن احتمالات السلام في أفغانستان، بعد عقدين من الزمان، ويقول الفيلسوف الأميركي، نعوم تشومسكي، في كتابه المشترك مع فيجاي براشاد، الإنسحاب، في هذا الصدد: "إنّ طالبان أوضحت، في عدة مناسبات، أنّها مستعدة لتسليم زعيم تنظيم القاعدة آنذاك، أسامة بن لادن، وشبكة التنظيم، إلى دولة ثالثة".

اقرأ أيضاً: تشومسكي: الولايات المتحدة آخر دولة يحق لها الحديث عن أخطار الحروب

ويضيف تشومسكي أنّه "بعد أسبوعين من الغزو الأميركي لأفغانستان، عرضت طالبان استسلاماً كاملاً، لكنّ الولايات المتحدة رفضت مرة أخرى اقتراح سلام".

وعندما حاول أختر محمد منصور، زعيم "طالبان"، التفاوض مع الولايات المتحدة، عام 2016، لمحاولة إيجاد طريقة لإنهاء الاحتلال الأميركي لبلاده سلمياً، اغتالته الولايات المتحدة.

ووفقاً لتشومسكي أيضاً، فإنّ حكومة الرئيس العراقي الأسبق، صدام حسين، أرادت، في حرب العراق الأولى، عقد صفقة مع الولايات المتحدة للخروج من الكويت من دون إذلال كامل، لكنّ كل محاولات العراقيين للتفاوض على انسحابهم قوبلت بازدراء من جانب الولايات المتحدة".

وذكر تشومسكي حرب العراق الثانية، مؤكداً أنّ "صدام حسين كان حريصاً على تقديم كل التنازلات التي تسمح بوجود مزيد من مفتشي الأمم المتحدة، لكنّ واشنطن تخلّت مجدداً عن سلام محتمل".

وذكر سنايدر الأزمة الليبية. ففي عام 2011، كانت الحكومة الليبية حريصةً على قبول خطة السلام التي وضعها الاتحاد الأفريقي. وأشار حينها مفوض الاتحاد الأفريقي للسلام والأمن، رمتان لامورا، إلى أنّ "السعي وراء أجندات أخرى في ليبيا من جانب جهات غير أفريقية، منعَ تنفيذ خريطة طريق الاتحاد الأفريقي". فالأجندة الأميركية الأخرى في ليبيا كانت تغيير النظام بالقوة و"رفض تغيير النظام من دون حرب".

وبعد عام واحد فقط، كانت هناك خطة سلام أخرى في سوريا، وموافقة أميركية أخرى على خطة سلام، في نيسان/أبريل 2012، فلقد سافرت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك، هيلاري كلينتون، إلى اسطنبول من أجل حضور اجتماع للدول التي دعمت "المعارضة السورية"، التي شكّلت "أصدقاء سوريا". وكان على الطاولة عرض للأمم المتحدة من أمينها العام، كوفي عنان، يقوم على جهود وساطة سبق أن وافق عليها الرئيس السوري، بشار الأسد، لكن كلينتون رفض العرض مجدّداً.

أوكرانيا مؤخراً.. ستتخلى أميركا عن أي فرصة في التسوية

يتابع التقرير الحديث عن مبادرات السلام الأخرى، التي رفضتها الولايات المتحدة في أوكرانيا، مع تفجّر الأوضاع هناك، وتحديداً مبادرة "إسرائيلية" وأخرى تركية، رفضتهما "بإصرار"، لتمنع إمكان وجود خطط سلام في أوكرانيا.

وكشف رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" الأسبق، نفتالي بينيت، أنّه توسط في مفاوضات بين الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في آذار/مارس 2022. وهذه المفاوضات، كانت لديها، بحسب بينيت، "فرصة جيدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار"، لكنّ الولايات المتحدة رفضت مرةً أخرى خطة سلام محتملة، ليقول بينيت إنّ الغرب "منعه".

وألمح نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، نعمان كورتولموس، إلى العرقلة الأميركية نفسها، والساعية لـ"أهداف أكبر". وقال لشبكة "CNN TURK": "نحن نعلم بأن رئيسنا يتحدث إلى زعيمَي البلدَين. في بعض الأمور تمّ إحراز تقدم، ووصل إلى النقطة الحاسمة، ثمّ فجأة نرى أن الحرب تتسارع. ثمة شخص ما يحاول عدم إنهاء الحرب، فالولايات المتحدة ترى أن مصلحتها تكمن في إطالة أمد الحرب".

ويُظهر رفض الولايات المتحدة اقتراح التسوية الصيني الأخير، أنّها مستمرة في سلوكها النمطي، القائم على رفض خطط السلام.

وعندما بدا الحل الدبلوماسي ممكناً، في الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا، رفضت وزارة الخارجية الأميركية إنهاء الحرب، حتى لو كانت التسوية التفاوضية تلبي أهداف أوكرانيا، لأنّ "هذه حربٌ أكبر من روسيا، في نواحٍِ كثيرة، إنّها أكبر من أوكرانيا".

واختتم الكاتب تقريره بالقول إن "هناك نمطاً تاريخياً واضحاً ومتواصلاً، يقوم على تخلي الولايات المتحدة عن خطط السلام، في سعيها لتحقيق أهداف أكبر".

اقرأ أيضاً: تقرير: الحرب مشروع ضخم لكسب المال وواشنطن أكبر المستثمرين

اخترنا لك