الرأسمالية المتوحشة في كتابين لـ نعومي كلاين

يتوقف الكتاب عند عشرات المحطات التي تكشف الطابع الوحشي للرأسمالية الأميركية، ابتداءً من الطابع العرقي في مواجهة السكان الأصليين من الهنود الحمر، كما في مواجهة الأفارقة وكل الشعوب التي ابتُليت بهذه الرأسمالية.

  •  تؤرّخ نعومي كلاين الرأسمالية الأميركية المتوحشة.
    تؤرّخ نعومي كلاين الرأسمالية الأميركية المتوحشة.

في كتابين مهمّين، تؤرّخ نعومي كلاين الرأسمالية الأميركية المتوحشة، وتقدّم معطيات ووقائع تؤشر على أن هذه الإمبريالية باتت تستنفد قدرتها على تجاوز أزماتها البنيوية التي تم تعد دورية فحسب، بل دخلت أيضاً في حالة استنفاد تاريخي، تدفعها إلى مزيد من التوحش وتوتير العالم كله. 

في كتابها الأول، "عقيدة الصدمة ورأسمالية الكوارث"، تُظهر كيف قامت الإمبريالية الأميركية بتكريس مهندس التوحش الرأسمالي، ملتون فريدمان، مؤسس مدرسة شيكاغو، واحداً من أبطال أميركا (قرار للكونغرس)، والذي شكل مع مواطنه سوروس، مهندس الثورات الملونة وفيلسوف البورصات (وهما يهوديان من أصول مجرية) أخطر ثنائي ضد قوى حركة التحرر في العالم كله. 

ارتبط اسم فريدمان أولاً بجامعة شيكاغو، قسم العلوم الاقتصادية، الذي تولّى إعداد موجات من خبراء الاقتصاد وصندوق النقد الدولي لفرض الخصخصة وفلسفة السوق المطلقة المتوحشة، الغابة بمعنى الداروينية الاجتماعية والاختيار الطبيعي للأقوى. كما ارتبط هو وأستاذه وشريكه، فريدريك فون هايك من المدرسة النمساوية ثانياً، بتيارات مماثلة في جامعة هارفارد، وخصوصاً دانيال بيل. 

ونالا، كلاهما، جائزة نوبل بعد عام واحد من تأييدهما المذبحة الدموية التي قادها الانقلاب العسكري عام 1978 في تشيلي، بدعم وتدبيرمن الاستخبارات الأميركية وعدد من الشركات هناك. 

كثف فريدمان أفكاره في كتابه الشهير "الرأسمالية والحرية"، الذي استُخدم كعنوان أيديولوجي في الحرب الباردة ضد الاشتراكية وضد مدرسة فك التبعية المعروفة بمدرسة التنمية، وكانت في بداياتها مزيجاً من الرهان على التصنيع كأساس للتقدم ومن الكينزية.

بدأت مدرسة التنمية نشاطاتها في تشيلي عام 1950 باسم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية في أميركا اللاتينية، وتركت تأثيرات واسعة في مشاريع وطنية، مثل مشروع بيرون في الأرجنتين، وانتهى عدد من مفكريها إلى خيارات اشتراكية جذرية، مثل جوندر فرانك. 

ساعد على انتشار مدرسة شيكاغو وأفكار فريدمان، تبني الرئيس الأميركي، آيزنهاور، لها في مواجهة الاشتراكية والكينزية معاً، وتحويلها إلى سلاح أيديولوجي في أيدي الأخوين دلاس، وزير الخارجية ومدير الاستخبارات الأميركية. 

منذ ذلك الوقت، صارت مدرسة شيكاغو عاملاً أساسياً من عوامل السياسات الأميركية، إلى درجة وصفت فيها إدارة نيكسون بأنها شيكاغوية أو فريدمانية، وهي الإدارة التي نفذت أكثر من انقلاب دموي في أميركا اللاتينية والعالم. ووفّر صعود غورباتشوف في موسكو بيئة ملائمة لتوحش السياسات الأميركية المعتمدة على مدرسة شيكاغو، ومن ذلك ما يعرف بتفاهمات واشنطن عام 1989.

وهي التفاهمات التي كرست سياسات السوق المتوحشة وأدواتها الليبرالية السياسية والاقتصادية، ممثلة بالبنك وصندوق النقد الدوليين. وليس بلا معنى أن الخطاب الذي ألقاه فوكوياما عن نهاية التاريخ، كان بحضور فريدمان نفسه وممثلي المحافظين الجدد، ومن ذلك أيضاً أنه، بحلول عام 1999، كانت لجنة قدامى شيكاغو تتضمن وزراء ومحافظين للبنوك المركزية في عشرات البلدان، منها بولندا وروسيا. 

سياسيو أميركا، رجال شركات

من المفهوم أن رجال السياسة في أغلبية البلدان الرأسمالية هم امتداد لمجتمع الشركات، تماماً كما أن السياسة امتداد للاقتصاد، كما يقول كلاوفتز. وتتأكد هذه الظاهرة في الولايات المتحدة، حيث يتجلى الاقتصاد المتوحش لفلسفة السوق – الغابة: 

- مع صعود الولايات المتحدة بعيد الحرب العالمية الثانية، صعد ممثلو الشركات إلى القمة السياسية في واشنطن، مثل الأخوين دلاس في وزارة الخارجية وإدارة الاستخبارات. وكانا يديران مكاتب محاماة كبرى لشركات، مثل النيكل ومورغان وسوليفان. 

- إذا كان كسينجر الأبرز في تاريخ الخارجية الأميركية، في ملفات الصين والتحضير لكامب ديفيد والإشراف على أكثر من انقلاب عسكري دموي، كما حدث في تشيلي، فكان، في الوقت نفسه، يملك عدداً من الشركات، مثل شركة كسينجر أسوشيتس، ويمتلك حصصاً كبيرة في شركات كوكا كولا، وفيليور لإعادة الإعمار، وتريريم للخدمات الأمنية، وآي تي تي التي شاركت في انقلاب تشيلي المذكور. 

- وزير خارجية آخر، هو جيمس بيكر، الذي يملك شركة كبرى للمحاماة وتمثيل مصالح العائلة السعودية وشركة هاليبرتون، بالإضافة إلى حصص كبيرة في مجموعة كارلايل للأنظمة والاتصالات الدفاعية. 

- الفريق الأميركي لغزو العراق من وزراء خارجية ودفاع:

o شولتز، رئيس لجنة تحرير العراق، عضو مجلس إدارة في شركة بكتل.

o ديك تشيني، رئيس مجلس إدارة هاليبرتون، التي وقعت مع الجيش الأميركي عقودا للبنية التحتية واللوجستية وتأمين الأسلحة والجنود والمرتزقة. 

o رامسفيلد، رئيس شركة بيوتكنولوجية، هي شركة جلياد ساينسز، من نتاجها براءة اختراع أدوية تسبب الهلوسة ونزعة الانتحار. كما هو معروف أن رامسفيلد هو مهندس خصخصة الجيوش لمصلحة الشركات الخاصة، حتى أنه ألغى الدعم الصحي العسكري للجيش الأميركي نفسه. 

o بول بريمر، مساعد سابق لكيسنجر، وصاحب شركات للخدمات الأمنية. 

o جيمس ستيل، قائد أكبر جماعات المرتزقة ومؤسس الخيار السلفادوري للترويع عبر القتل المعلن، وهو نائب رئيس شركة إنرون، ومساعد لبريمر. 

الصدمة والترويع

بحسب كتاب "الانقلاب"، لـ سيتفن كينزر، الصادر عام 2006، يقوم الأميركيون بالتحضير لمسرح الجريمة والصدمة والترويع، وفق سيناريو مكشوف ومعلن، عبّر عنه الفيلم الشهير "ذيل الكلب": تحويل حادث مع شركة أميركية في البلد المستهدف من موضوع اقتصادي خاص ومحدود إلى حافز سياسي (يهدد أمن الأمة الأميركية)، ويتلو ذلك شيطنة النظام المستهدف (شمولي، ديكتاتوري وجزء من محور الشر)، مع حملة إعلامية لـ"إنقاذ شعبه" من القمع والفقر. 

بعد ذلك، تأتي سياسة الصدمة الأولى مع أشكال مروعة من القصف واستخدام أقصى القوى عند التدخل العسكري، وبهدف الاستثمار في الخوف واليأس وتعميم ثقافة الاستسلام، تحضيراً للصدمة الثانية (في العراق أطلق 20 ألف صاروخ كروز في الضربة الأولى، بالإضافة إلى ما عُرف بأم القنابل: 9500 كيلوغرام). 

والأكثر بشاعة إطلاق ما يسمونه "كلاب الصيد"، المستمدة من قاموس الخيار السلفادوري: القتل البشع المعلن والتمثيل بالجثث وتركها عند قارعة الطريق.

وفي كل ذلك، تنطلق سياسة الصدمة من اختلاق الأزمات أو توظيفها وتحويلها إلى فرصة من أجل إحداث التغيير المطلوب في فلسفة التوحش الرأسمالية، بالاعتماد على فكرة ميكافيلية تقوم على ارتكاب الفظائع دفعة واحدة، وعلى إضافات لمدرسة شيكاغو وفيلسوفها فريدمان، الذي دعا إلى أن تكون الصدمة علنية ووقحة وبالتفصيل الممل. 

من أدوات الصدمة، المختبرات والتعذيب. فعبر برامج تمويل من جانب الاستخبارات الأميركية، أُجريت التجارب على أطفال ومتسولي شوارع مختطفين (يشار هنا إلى أفلام أميركية تناولت ذلك، مثل "جزيرة شاتر" للمخرج سكورسيزي).

كما طورت مجموعة من البرامج الأخرى، مثل برنامج كوبارك للصدمات الكهربائية والأصوات والإضاءة القوية واللعب في أوقات النوم والوجبات، ومثل برنامج خبير التعذيب، كاميرون، للسيطرة على الذاكرة والبيانات الحسية، التي ترد إلى الشخص باستمرار وشطبها، وكان يشمل ذلك العزل التام واستخدام العقاقير والكيميائيات ومشروع "الأرضي شوكي"، الذي عُرف أيضاً بـ "مشروع العصفور الأزرق"، أو "ألترا"، والذي استُخدم لتحطيم معنويات السجناء. 

بحسب الكتاب أيضاً، لم يقتصر التعذيب وتحويل السجناء أو المختطفين من الشوارع، من الأطفال والمتسولين، إلى فئران تجارب، بل إن الشركات الرأسمالية نفسها ساهمت في ذلك، كما حدث في البرازيل والأرجنتين بعد استيلاء جنرالات مرتبطين بالاستخبارات الأميركية على السلطة، ومن تلك الشركات: فورد، جنرال موتورز، حتى أصبحت سيارات السيدان الخضراء وفورد فالكون رمزاً للخطف وعمليات الاغتيال. 

السوق الأمنية وشركاته

من العوامل التابعة لفلسفة السوق المتوحشة وسياسات الصدمة والترويع المرتبطة بها، عالم السوق الأمنية وشركاتها وأشكال الاستجواب والقتل والتعذيب التي تخترعها أو تديرها. فمن الكاميرات وأجهزة التعقب وبرامج تحليل التقارير والدراسات المتعددة، إلى أدوات التعذيب والخطف والقتل وأساليبها، ومشاهيرها من المجرمين الكبار، أمثال جيمس ستيل، الذي خدم في السلفادور، قبل أن يصبح شريكاً في شركة إنرون ومساعداً لبريمر في العراق، وأمثال دان ميتريون، قبل أن يعتقله ثوار منظمة توباماروس وينفذون فيه حكم الإعدام.

ومن اللافت للانتباه اتساع دور المرتزقة في كل مكان، مثل شركة بلاك ووتر، التي كانت تتخذ كارولينا الشمالية مقراً لها، وتوقيع قوات الغزو الأميركية للعراق أكثر من 3500 عقد مع شركات أمنية، حتى وصلت إلى معادلة متعاقد في مقابل 10 جنود.

في هذا الحقل من العمل الأمني ودور الشركات فيه، يُلاحظ الدور الخطر والكبير للشركات "الإسرائيلية"، بحيث وصل عددها حتى عام 2006 إلى 4 آلاف شركة، بالإضافة إلى استضافة مؤتمرات دورية في "تل أبيب"، بحضور ممثلين عن شركات عالمية وتركية وعربية. 

ومن الشركات "الإسرائيلية" المذكورة: 

- شركة ماغال: تصميم أمن قصر باكينغهام في بريطانيا.

- شركة ألبت: شريكة لبوينغ في مشاريع السياجات الحدودية الأميركية وغيرها.

- نايس سيستمز: الإشراف على اتصالات شرطة لوس أنجلوس ومطار ريغان. 

- فرينت، مستخدمة في البنتاغون. 

- سوبر كوم: الإشراف على البطاقات الذكية في عديد من المدن الأميركية، مثل لوس أنجلوس.

- شك بوينت: وظيفتها حماية برامج الكمبيوتر في أكثر من مؤسسة وشركة أميركية. 

- نيو أيج سيكيوريتي سوليوشينز: دورها التعرّف إلى أنماط التصرف والسلوك لفئات مستهدفة. 

- مجموعة الجولان: شركة متعددة الأغراض، تشمل التدريب ورصد الأسلحة والمعادن، ومن زبائنها: إكسون موبايل، شل، سيتي غروب.

الرفض ليس كافياً

عنوان كتاب آخر لـ نعومي كلاين، يُعَدّ امتداداً لكتابها السابق، "عقيدة الصدمة"، لكن في زمن ترامب هذه المرة. 

يتوقف الكتاب عند عشرات المحطات التي تكشف الطابع الوحشي للرأسمالية الأميركية وتجليات مدرسة شيكاغو في كل تفاصيلها، ابتداءً من الطابع العرقي لهذه الرأسمالية في مواجهة السكان الأصليين من الهنود الحمر، كما في مواجهة الأفارقة وكل الشعوب التي ابتُليت بهذه الرأسمالية، ومن ذلك: 

- الاستحواذ على الأغلبية العظمى من الثروة العالمية، بل استحواذ نسبة ضئيلة جداً من الأميركيين على هذه الثروة، التي تقدَّر بـ 256 تريليون دولار. 

- تقسيم البلدان، التي خضعت للغزو الرأسمالي الأميركي، بين مناطق خضراء مسيجة داخل هذه العاصمة أو تلك، مثل بغداد، وبين محيط من المناطق الفقيرة والمهمشة في طول البلاد وعرضها. 

- العلاقة القوية بين عالم الشركات والحكومات والإدارات الأميركية منذ "الاستقلال"، عام 1776، بحيث استولى المزارعون الكبار وتجار العبيد على إدارة الدولة من تلك اللحظة (بالإضافة إلى المصرفيين اليهود)، حتى إن الشاعر تروديل، عندما اتُّهم بالسعي لإطاحة الحكومة، قال: لقد سبقتني الشركات بذلك منذ زمن طويل. 

- ازدراء الإنسان والطبيعة معاً، على حد قول مارتن لوثر كينغ، قبل اغتياله، حين تُعَدّ التكنولوجيا أهم من الناس، وتهيمن نزعات العسكرة والبطش والاستغلال والتمييز العنصري. 

- ويكشف الكتاب إنفاق الشركات الكبرى، الملوِّثة للبيئة والطبيعة، مبالغ طائلة على الإعلام للتقليل من ذلك، ليس عند الجمهوريين فقط، بل عند الحزب الديموقراطي أيضاً، بما في ذلك الأكثر ثرثرة ضد التلوث، مثل أوباما وهيلاري كلينتون، التي تلقت رِشىً من هذه الشركات. 

- سيطرة فلسفة العلامات التجارية في مقابل لاشيء، الأمر الذي يذكّر أيضاً بالتوريق، أو إصدار طبعات هائلة من الدولارات في الولايات المتحدة. 

- نظام الهيئة الانتخابية في أميركا، المصمَّم أصلاً لسلطة مُلّاك العبيد وتجّارهم، وبالمثل عوالم رؤساء الولايات المتحدة وكيف يُنتخبون، سواء عبر الخلفيات المعلنة والسرية للشركات الكبرى التي تدير الحزبين، أو عبر ما سماه ترامب العلامة التجارية، وخلطها بالمنصب السياسي، كما وفق رد ريغان على سؤال عن تحوله من ممثل في السينما إلى رئيس (كيف يمكن للرئيس ألّا يكون ممثلاً). 

- ليس بعيداً عن ذلك المقاربة الذكية للكتاب لعالم الرؤساء والصراعات السياسية بعالم المصارعة، وما عرف بـ تلفزيون الواقع وبرامجه، التي تحولت من نصوص معدة وشخصيات مكررة إلى نصوص حية مباشرة واستعداد البشر لإيذاء الآخرين أو تقبل ذلك وسط جو من الترفيه. ومن ذلك برنامج المتدرب، كيفية البقاء حياً في البرية (الغابة) عبر استخدام أبشع الأشكال و ولخيارات والأنانية المفرطة. 

فتحول عالم البيض الأبيض والرؤساء الجدد في كل مرة إلى عالم من الغابات المتوحشة ضد العراق وسوريا وليبيا واليمن. 

العالم السابق في عصر ترامب

- تأكيداً للعلاقة الوثيقة بين الإدارات السياسية الأميركية والشركات الكبرى، كرست إدارة ترامب (تاجر فنادق وعقارات وكازينوهات) كما غيرها العلاقة السابقة باختياره وزراء ومسؤولين من عالم الأثرياء الكبار، الذين كانوا يمثلون شركات إكسون موبيل في وزارة الخارجية، وجنرال داينمايكس وبوينغ في وزارة الدفاع، ورجال غولدمان ساسكس في أكثر من وزارة، مثل الخزانة والمجلس الاقتصادي، بالإضافة إلى نائبه مايك بينس، من رجال الأعمال المنتفعين من تداعيات العاصفة كاترينا، التي ضربت نيو اورلينانز.

كل شيء في الجحيم

تحت هذا العنوان، الذي أطلقه ترامب، خلال المناظرة مع هيلاري كلينتون، أصبحت أميركا تقترب إلى نبوءات المؤرخة الأميركية، كيم فيليبس، في كتابها "مدينة الخوف"، المكرس لمدينة نيويورك والآفاق التي تنتظرها بسبب الليبرالية المتوحشة المطلقة، وتداعيات الثورة الرابعة، وانعكاساتها على هندسة الجينات.

فالرأس الأميركي، المتضخم بالثورة التقنية ولعبة المصارف والتوريق الدولاري، راح يفقد قدميه الاصطناعيتين الثابتتين، واللتين بدأتا التحول إلى نطاقات الصدأ؛ عدد كبير ومتزايد من المصانع القديمة المهجورة. ولم يكن بلا معنى محاولة ترامب سرقة أصوات من الحزب الديموقراطي عبر تقديم وعود إلى العمال والصناعيين.

من تداعيات الجحيم ومظاهره الأخرى التفسخ المتسارع للطبقة الوسطى، والارتفاع الملحوظ في معدلات الانتحار والموت بسبب الإدمان عند البيض، وتراجع المستوى التعليمي، بل تراجع القدرة على استكمال الدراسة الجامعية، الأمر الذي يفسّر ازدياد الجماعات المعارضة المنظمة، مثل: حركة احتلوا وول ستريت؛ دريمرز؛ حياة السود مهمة. 

آفاق مسدودة

بالإضافة إلى أعمالها المنشورة، "عقيدة الصدمة" و"الرفض ليس كافياً"، إلا أنها، عبر مقاربات خجولة وذات طابع نقدي في الوقت نفسه للمحاولات المضادة المتواضعة، تؤكد موضوعياً انسداد الآفاق أمام أي إصلاح من داخل المنظومة الرأسمالية.

فلا المقاربات الكينزية (نسبة إلى عالم الاقتصاد البريطاني كينز الذي يدعو إلى أشكال من التدخل الحكومي لإنقاذ النموذج الرأسمالي)، ولا قرارات الرئيس روزفلت، خلال الحرب العالمية الثانية، والذي حاول فرض بعض السياسيات الاجتماعية، أسست خيارات مغايرة بالنظر إلى طبيعة الرأسمالية المتوحشة، بل إن ساندرز، المرشح الذي ساندته الكاتبة لمنافسة هيلاري كلينتون في ترشيح الحزب الديموقراطي، كان مثقلا بالعيوب الكثيرة، على حد قولها، ومن ذلك مواقفه تجاه النساء والسود.