"الغارديان": كيف تختبر الصين ترامب؟

تستعرض الصين قوتها البحرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وهي خطوات تُشكّل تحدياً للرئيس الأميركي.

0:00
  • الرئيس الصيني
    الرئيس الصيني

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً والنص يعرض تصعيد التوترات العسكرية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين، مع التركيز على تأثير سياسة ترامب غير المستقرة تجاه الصين، وحالة القلق المتزايد لدى الحلفاء الأميركيين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

في غضون خمسة أسابيع فقط، أجرت الصين تدريبات بالذخيرة الحيّة على أعتاب أستراليا وتايوان وفيتنام. واختبرت زوارق إنزال جديدة على متن سفن يمكنها تسهيل هجوم برمائي على تايوان. وكشفت عن قواطع كابلات بحرية عميقة قادرة على قطع اتصال الإنترنت عن دولة أخرى - وهي أداة لا تعترف أي دولة أخرى بامتلاكها.

يقول الخبراء إنّ الصين تستعرض قوتها البحرية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لإرسال رسالة تفوّق إلى جيرانها الإقليميين. لكنها تختبر أيضاً تفكير منافس أكبر في أماكن أبعد: دونالد ترامب.

منذ تولّي ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير، ركّز هو وأعضاء حكومته استراتيجيتهم تجاه الصين على التعريفات الجمركية، وشنّوا حرباً تجارية متصاعدة مع بكين. وقد التزموا الصمت إلى حدّ كبير إزاء الأعمال الصينية المتزايدة في بحار المحيطين الهندي والهادئ.

بدأ هذا الوضع يتغيّر.

في الأول من نيسان/أبريل أدانت وزارة الخارجية الأميركية "الأنشطة العسكرية والخطابات العدائية" لبكين فيما يتعلق بالتدريبات العسكرية غير المعلنة في مضيق تايوان، والتي ازداد نطاقها في الأشهر الأخيرة، وباتت تُشبه بشكل متزايد الغزو الفعلي. جاء ذلك في أعقاب زيارة وزير الدفاع الأميركي بيت هيجسيث إلى المنطقة، حيث أكد لليابان والفلبين أنّ أميركا ستواصل الدفاع عنهما ضد الصين. وأوضح أنّ الولايات المتحدة لم تُغيّر موقفها من الوضع الراهن تجاه تايوان، وأكد البنتاغون مجدداً أنّ الصين لا تزال تُمثّل التهديد الأكبر للولايات المتحدة.

لكنّ حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ سيرغبون في سماع هذه التطمينات من ترامب، الذي لم يُظهر أوراقه في قضايا مثل تايوان. عندما سأله صحافي في شباط/فبراير عن موقفه، رفض ترامب الانجرار ولم يُدلِ بتصريحات بشأن تايوان منذ ذلك الحين.

إنّ ترامب لا يخشى الانحراف عن كبار مستشاريه، ونهجه العشوائي تجاه محادثات وقف إطلاق النار في أوكرانيا، والتعريفات الجمركية، لا يُعطي ثقة تُذكر في أنّ الرئيس لديه استراتيجية متسقة وطويلة الأجل تجاه أي قضية عالمية.

قال مالكولم ديفيس، كبير المحللين في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية: "يراقب الصينيون ما يحدث مع إدارة ترامب، وينظرون إلى أي مدى يمكنهم دفع الأمور".

وقال ديفيس إنّه في اختبارهم لترامب، من المرجحّ أن تصبح البحار المحيطة بالصين أكثر اضطراباً، مضيفاً أنّ الصين ستواصل تكثيف تدريباتها في مضيق تايوان.

إن مدى التدخّل العسكري الأميركي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وإلى أيّ مدى يجب أن تذهب الولايات المتحدة لحماية تايوان من الصين، هما قضيتان أحدثتا انقساماً بين كبار مسؤولي ترامب، وفقاً لموظف سابق في وزارة الخارجية عمل في الأسابيع الأولى لترامب في منصبه.

وقال الموظف السابق: "هناك بالتأكيد معسكرات متنافسة مختلفة يمكن تشبيهها بالبلاط الملكي، تتنافس جميعها على الكلمة الفصل والنفوذ مع ترامب. هناك بالتأكيد انقسام حول سياسة تايوان بين أعضاء مجلس الأمن القومي التقليديين مقابل مؤيّدي ماغا".

لكن من غير الواضح إلى أي جانب يقف ترامب.

صرّح سام روغيفين، مدير برنامج الأمن الدولي في معهد لوي، بأنه من المعروف أنّ "فصيلاً في إدارة ترامب يريد الابتعاد عن أوروبا. وأضاف: "لكن ليس من الواضح إطلاقًا أنه يوافق على الجزء الثاني منه، أي زيادة الجهود في آسيا".

يتضح من موقف ترامب في محادثات أوكرانيا أنه منفتح على طرح اتفاقيات التجارة والقضايا الجيوسياسية الرئيسية على طاولة واحدة. كما أنه يميل إلى تغيير موقفه من أي موضوع في غضون أيام.

ستراقب بكين كيف سيتغيّر موقف ترامب. فإذا استطاع فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، إبرام صفقة كبرى مع ترامب باستخدام حوافز اقتصادية مقابل أراضٍ أوكرانية، فقد تسعى بكين إلى فعل الشيء نفسه مع تايوان.

وصرّحت جيني شوش-بيج، المديرة الرئيسية لشؤون الطاقة والاستدامة في مجموعة آسيا ومقرها واشنطن، بأن هذا الأمر يُثير قلق أقرب حلفاء الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وأضافت: "حتى احتمال إبرام صفقة كبرى مع الصين سيجعل دول جنوب شرق آسيا حذرة بشأن أدائها".

ولم يُعلّق ليو بينغيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، على ما إذا كانت بكين تسعى إلى مثل هذه الصفقة، لكنه قال إنّ الصين "تأسف" لانتقادات الولايات المتحدة لتدريباتها بالقرب من تايوان، واصفاً إياها بأنها "تحريف للحقائق وتدخّل في الشؤون الداخلية للصين".

ومن المرجّح أن يركّز ترامب على الحفاظ على قدرته التنافسية مع الصين، التي تتقدّم في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والمركبات الكهربائية، وإنترنت الجيل السادس.

وفقاً لداني راسل، الدبلوماسي الأميركي السابق ونائب رئيس الأمن الدولي والدبلوماسية في معهد سياسات جمعية آسيا في واشنطن، فإن غياب استراتيجية طويلة الأمد تجاه الصين يُمثّل مشكلة.

ويشير إلى عمليات الفصل الجماعي في أجهزة الاستخبارات في البلاد، والتي شملت تسريح باحثين متخصصين في الشؤون الصينية من وكالة المخابرات المركزية، باعتبارها خطوة خطيرة من حيث الأمن وموقف الولايات المتحدة التفاوضي في محادثات التجارة. وقال إن الصين ستحاول على الأرجح تجنيد أولئك الذين تمّ تسريحهم لجمع معلومات استخباراتية خاصة بها عن الولايات المتحدة. ويشير تقرير لرويترز إلى أنها تفعل ذلك بالفعل.

وأضاف راسل أنّ وقف تمويل إذاعة آسيا الحرة، وهي مؤسسة شقيقة لإذاعة صوت أميركا، هو هدف آخر في اتجاه معاكس، حيث يقطع مصدراً قيّماً للمعلومات من الصين ودول أخرى يصعب الإبلاغ عنها، مثل كوريا الشمالية. وسأل: "لماذا نتخلى طواعيةً عن أفضل أدواتنا للمنافسة؟ هناك فرقٌ كبير بين التقشّف والتخريب الذاتي".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.