"الغارديان": من كندا إلى أوروبا.. حركة مقاطعة البضائع الأميركية تنتشر وتتوسع
تتراجع مبيعات "تسلا"، وتنتشر تطبيقات ومجموعات عبر الإنترنت لمساعدة المستهلكين في اختيار المنتجات غير الأميركية في عدد من الدول.
-
"الغارديان": من كندا إلى أوروبا.. حركة مقاطعة البضائع الأميركية تنتشر وتتوسع
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً يطرح تأثير سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخارجية على مستوى عالمي، ويعرض ردود فعل متزايدة من قبل الأفراد والشركات في مختلف دول العالم، بما في ذلك المقاطعة الثقافية والتجارية للولايات المتحدة.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
كان عازف الكمان الكلاسيكي الألماني الشهير كريستيان تيتزلاف صريحاً في شرح سبب إلغاء جولته الصيفية في الولايات المتحدة مع فرقته الرباعية. قال تيتزلاف، واصفاً رعبه من سياسات دونالد ترامب الاستبدادية ورد فعل النخب الأميركية على الأزمة الديمقراطية المتفاقمة في البلاد: "يبدو أنّ هناك صمتاً أو إنكاراً لما يحدث".
"أشعر بغضب شديد. لا أستطيع الاستمرار بهذا الشعور في داخلي. لا أستطيع الذهاب وعزف جولة حفلات موسيقية رائعة".
تيتزلاف ليس الوحيد الذي يعبّر عن قلقه. تنتشر حملة دولية متنامية لمقاطعة الولايات المتحدة من الدول الاسكندنافية إلى كندا والمملكة المتحدة وغيرها، مع تحول المستهلكين ضد البضائع الأميركية.
كان أبرز ما حدث حتى الآن هو رفض مشتري السيارات الأوروبيين لسيارات "تيسلا" التي ينتجها إيلون ماسك، الذي أصبح الآن شخصية بارزة في إدارة ترامب بصفته رئيساً لـ"دائرة كفاءة الحكومة"، وهي مجموعة خاصة أنشأها ترامب وساهمت في الانخفاض الحاد في سعر سهم "تيسلا". فقد خسر السهم نحو 15% من قيمته يوم الاثنين وحده.
وُثّق انخفاض مبيعات "تيسلا" في أوروبا بشكل جيد، وكذلك مقاطعة المستهلكين الكنديين رداً على الرسوم الجمركية ودعوات ترامب لأن تصبح كندا الولاية رقم 51 في أميركا، إلا أنّ الأسبوع الماضي شهد تقارير يومية عن مقاطعات ثقافية وغيرها من أشكال المقاطعة وسحب الاستثمارات.
في كندا، حيث استُهجن النشيد الوطني الأميركي خلال مباريات الهوكي مع الفرق الأميركية، ظهرت مجموعة من التطبيقات بأسماء مثل "buy beaver", "maple scan" and "is this Canadian"، للسماح للمتسوقين بمسح رموز الاستجابة السريعة ورفض المنتجات الأميركية من الكحول إلى إضافات البيتزا.
أشارت الأرقام الصادرة هذا الأسبوع إلى أنّ عدد الكنديين الذين يقومون برحلات برّية إلى الولايات المتحدة، وهم غالبية الكنديين الذين يزورونها عادةً، قد انخفض بنسبة 23% مقارنة بشهر شباط/فبراير 2024، وفقاً لهيئة الإحصاء الكندية.
في حين كانت كندا والمكسيك في طليعة حرب ترامب التجارية، فإنّ حركة المقاطعة واضحةٌ أبعد بكثير من الدول التي استُهدفت اقتصاداتها.
في السويد، انضم نحو 40 ألف مستخدم إلى مجموعة على فيسبوك تدعو إلى مقاطعة الشركات الأميركية وتعرض بدائل للمنتجات الاستهلاكية الأميركية. كتب أحد أعضاء المجموعة: "سأستبدل أكبر قدر ممكن من البضائع الأميركية، وإذا فعل الكثيرون ذلك، فسيؤثر ذلك بوضوح على العرض في المتاجر".
في الدنمارك، حيث ساد غضب واسع النطاق إزاء تهديد ترامب بوضع إقليم غرينلاند المتمتع بالحكم الذاتي تحت السيطرة الأميركية، أعلنت مجموعة "Salling"، أكبر شركة بقالة، أنّها ستضع علامة نجمة سوداء على البضائع الأوروبية الصنع للسماح للمستهلكين باختيارها بدلاً من المنتجات المصنوعة في الولايات المتحدة. وكتب أندرس هاغ، الرئيس التنفيذي للشركة، على تطبيق "لينكدإن": "نحن نسهّل شراء العلامات التجارية الأوروبية".
وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو قرار الشركات قطع علاقاتها مع الولايات المتحدة. فقد أعلنت شركة "Haltbakk"، أكبر شركة لتزويد السفن بالوقود في النرويج، مؤخراً عن مقاطعة إمداداتها العرضية بالوقود لسفن البحرية الأميركية. في إشارة إلى الاجتماع الناري في البيت الأبيض بين فولوديمير زيلينسكي وترامب الشهر الماضي، نشرت الشركة على فيسبوك: "لقد شهدنا اليوم أكبر عرض سخيف تم تقديمه على الإطلاق مباشرة على شاشة التلفزيون" من قبل الرئيس الأميركي الحالي ونائبه. وأضافت: "نتيجةً لذلك، قررنا التوقف عن تزويد القوات الأميركية في النرويج وسفنها المتوجهة إلى الموانئ النرويجية بالوقود.. نشجع جميع النرويجيين والأوروبيين على أن يحذوا حذونا".
في حين أنّ المقاطعة كانت تكتيكاً مألوفاً في الماضي، مستهدفةً جنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، إلا أنّ اللافت للنظر هو السرعة التي أصبحت بها إدارة ترامب الثانية هدفاً لغضب المستهلكين والشركات ذات التوجه الأخلاقي.
علّق ترامب هذا الأسبوع على هذه القضية لأول مرة، مُبدياً أسفه لتأثير مقاطعة عملاء "تسلا" والمظاهرات. وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "إلى الجمهوريين والمحافظين وجميع الأميركيين العظماء، يُخاطر إيلون ماسك بكل شيء من أجل مساعدة أمتنا، وهو يقوم بعمل رائع!" لكن متطرفي اليسار، كما يفعلون غالباً، يحاولون مقاطعة تسلا، إحدى أكبر شركات صناعة السيارات في العالم، ووليدة إيلون ماسك، بشكل غير قانوني ومتواطئ".
كتبت إليزابيث براو، الزميلة البارزة في المجلس الأطلسي، لمركز تحليل السياسات الأوروبية هذا الأسبوع: "لم يكن أحد.. لا أحد.. ليتصور أن الشركات أو المستهلكين الغربيين سيستخدمون مثل هذه الأدوات ضد أميركا".
بالنسبة إلى ابعض، كان رد الفعل متوقعاً تماماً. عندما هدد ترامب لأول مرة بفرض رسوم جمركية شاملة هذا العام، صرّح تاكيشي نينامي، الرئيس التنفيذي لمجموعة "سنتوري" القابضة اليابانية متعددة الجنسيات لتخمير وتقطير الخمور، والتي تمتلك العديد من العلامات التجارية الأميركية الكبرى، لصحيفة "فايننشال تايمز" بأنّ المستهلكين الدوليين من المرجح أن يتجنبوا العلامات التجارية الأميركية في حالة نشوب حرب تجارية.
وقال نينامي: "لقد وضعنا الخطة الاستراتيجية والميزانية لعام 2025 متوقعين أنّ المنتجات الأميركية، بما في ذلك الويسكي الأميركي، ستكون أقل قبولاً من قبل الدول خارج الولايات المتحدة بسبب الرسوم الجمركية أولاً، وثانياً، العواطف".
وترى زوي غاردنر، من منظمي تحالف "أوقفوا ترامب" في المملكة المتحدة، أنّ حملات المقاطعة من المرجح أن تنتشر أكثر. وقالت إنّ "الكثير مما نراه يحدث تلقائياً، حيث ينشر الناس محتوى على تيك توك، ويعبرون عن غضبهم. لقد شهدنا بالفعل في جميع أنحاء أوروبا انخفاضاً حاداً في مبيعات تيسلا لأنّ ماسك يجسد الكثير من المشكلات التي تعاني منها إدارة ترامب، سواء ثقافة العنصرية الرهيبة أو الجانب الاقتصادي".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.