"الغارديان": نقص الأدوية يترك الجرحى في غزة يتحملون الألم بصمت

تُجرى العمليات الجراحية من دون تخدير مناسب، ويتم ترشيد استخدام مسكنات الألم المتوفرة.

0:00
  • "الغارديان": نقص الأدوية يترك الجرحى في غزة يتحملون الألم بصمت

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً يتناول الوضع الإنساني والصحي الحرج في غزة نتيجة النقص الحاد في الإمدادات الطبية ومسكنات الألم، مع التركيز على معاناة المصابين خلال العدوان الإسرائيلي.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

في مستشفى ناصر بغزة، يرقد محمود مصاباً بطلق ناري في ساقه اليسرى. ركبته مكسورة والجرح ملتهب. يتلوى الصبي من الألم، لكن الأطباء لا يملكون مسكنات كافية لتخفيف معاناته. أُعطي حقنة حصار عصبي تمنعه من الشعور بأي شيء، وتسمح له بالنوم لفترة، لكن ما إن يزول مفعولها، حتى يعود الألم.

أُصيب أكثر من 167 ألف فلسطيني في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقاً لوزارة الصحة في غزة. من الحروق وجروح الانفجارات إلى بتر الأطراف وكسور العظام، غصت مستشفيات غزة بالمرضى الذين يعانون من آلام مبرحة.

لكن النقص الحاد في الأدوية يعني أنّ الأطباء لا يستطيعون فعل الكثير للمساعدة. يجب إجراء العلاج والعمليات الجراحية من دون تخدير مناسب، ويجب ترشيد استخدام مسكنات الألم المتوفرة.

وفقاً لتحليل أجراه مكتب الصحافة الاستقصائية (TBIJ)، فإن أكثر من نصف البعثات الطبية لمنظمة الصحة العالمية إلى غزة منذ كانون الثاني/يناير 2024، بما في ذلك توصيل الأدوية والوقود للمستشفيات، ونشر الموظفين، وإجلاء المرضى، قد مُنعت أو أُجّلت أو أُعيقت أو أُلغيت.

في غضون ذلك، قصفت القوات الإسرائيلية مستودعات التخزين والمستشفيات، بينما تُمنع القوافل الدولية المحملة بالإمدادات الطبية بشكل روتيني من دخول غزة أو تواجه أسابيع من التأخير على الحدود.

تحدث مكتب الصحافة الاستقصائية إلى ثمانية أطباء في غزة وصفوا النقص الحاد في مسكنات الألم، بما في ذلك المواد الأفيونية والمخدرات، وحتى الباراسيتامول.

يقول طبيب العظام عبد الكريم السلقاوي: "معظم الإصابات هي بتر أو كسور مفتوحة. هذه الإصابات مؤلمة للغاية وتتطلب مسكنات ألم على مدار 24 ساعة. لكننا الآن نقول لهم: حقنة واحدة يومياً.. استخدموها ليلاً لتتمكنوا من النوم".

في تموز/يوليو، زعم نتنياهو أنّه سيسمح بدخول "حد أدنى من الإمدادات الإنسانية" إلى غزة. إلا أنّ وكالات الإغاثة والأطباء العاملين في القطاع أفادوا بانهيار شبه كامل لسلسلة الإمدادات الطبية.

تقول الدكتورة رندا أبو ربيع، من مكتب منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة: "من الواضح جداً أننا منذ آذار/مارس أمضينا شهوراً دون السماح بدخول أي شيء. الأمر لا يقتصر على الأدوية فحسب، بل يشمل أيضاً الكواشف ووسائل التشخيص وبعض الأدوات أو المعدات".

يقول ترافيس ميلين، وهو طبيب أميركي زائر في غزة، إنه لا يفهم المنطق وراء القيود المفروضة على الأدوية. ويضيف: "المواد المخدرة ذات دوافع إنسانية بحتة، وليس لها أي غرض سوى تقديم الرعاية الإنسانية. إنها لا تُطيل العمر، ولا تزيد من فرص النجاة من الإصابات، ولا تُقلل من الوفيات".

أصبحت المواد المخدرة مقننة بشكل صارم. يصف الأطباء ذلك بتخفيض جرعات المرضى إلى حقنة واحدة يومياً، مما يُسبب الألم لساعات طويلة دون تخفيف.

إذا دخل شخص مصاب ببتر في ساقه، فسيُعطى حقنة وريدية ثم جرعة من الكيتامين. يستمر مفعولها حوالي 45 دقيقة، كما يقول ميلين. "لكن إعطاؤها كجرعة واحدة، مع وجود القوى العاملة هنا، غير ممكن. ولا يمكن إبقاء الناس مُعطَّلين بالكيتامين. لا يستطيعون الوقوف، ولا المشي، ولا التفاعل. لذا فهو ليس خياراً آمناً أيضاً".

وعندما يكون الكيتامين متاحاً، يحمل الأطباء محاقن مُعبأة مسبقاً بالكيتامين في حالات "الإصابات الجماعية"، عندما يُسبب القصف موجات من المرضى، لحقن جرعات صغيرة حتى يتمكن الأطباء من رعايتهم. كثيراً ما يخرج المرضى وهم في حالة هلوسة أو رعب، ثم يزول مفعوله.

يقول ميلين: "يأتي المرضى إلى قسم الطوارئ وقد يحصلون على جرعة من الكيتامين أو لا يحصلون عليها. إذا كانوا يتألمون ولكن الإصابة ليست كارثية، فغالباً لا يحصلون على أي شيء." في حالة الإصابات الخطيرة أو الإجراءات الطبية كتركيب أنبوب صدري، يُعطى المرضى الكيتامين على الأرجح. أما في حالة جرح بسيط كطلق ناري، فإن معظم المصابين يكتفون بالصبر.

نقله إلى العربية: الميادين نت.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.