"فايننشال تايمز": ترامب ونتنياهو والشرق الأوسط الجديد

قد تُنذر الحملة الأميركية والإسرائيلية العسكرية ضد إيران ببداية عهد جديد من عدم الاستقرار في المنطقة.

0:00
  • ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض
    ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض

صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر مقالاً يناقش التصعيد العسكري الأخير بين "إسرائيل" وإيران، كما يسلّط الضوء على هشاشة وقف إطلاق النار الذي أُعلن بشكل غير رسمي، ويحذر من احتمال عودة المواجهات في أي لحظة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

في البداية، كان دوي الانفجارات الذي تردد صداه في أنحاء العاصمة القطرية الدوحة مع حلول الليل يشير إلى أنّ أسوأ سيناريو في الشرق الأوسط أصبح حقيقة واقعة؛ فقد امتد الصراع بين "إسرائيل" وإيران عبر الحدود وهدد بابتلاع المنطقة.

ولكن مع استقرار الأمور يوم الاثنين، أصبح من الواضح أنّ القصف الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد العسكرية الأميركية كان مخططاً له، إذ تم اعتراض الصواريخ، ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات، وهو رد مدروس مهد الطريق لدونالد ترامب بعد ساعات لإعلان وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ومع ذلك، لا تزال المنطقة بعيدة كل البعد عن السلام، فالهدنة التي تم التوصل إليها خلال ساعتين من دون إعلان بنودها هشّة بطبيعتها. وقد تعهدت إسرائيل بالرد "بقوة" على أي انتهاك، فيما أكد النظام الإسلامي استعداده التام "بإصبعه على الزناد" للرد على أي هجمات جديدة.

قال مايكل وحيد حنّا من مجموعة الأزمات الدولية: "تسود اللحظة الراهنة حالة من عدم الاستقرار الحقيقي. نحن في وضع أفضل بكثير مما كان من الممكن أن تتجه إليه الأمور لو دخلنا في دوامة تصعيدية شاملة، لكن لا تزال هناك أسئلة كثيرة مطروحة".

وحذّر من أنه بدون اتفاق متابعة واضح المعالم، فإن إيران و"إسرائيل"، التي أصبحت أكثر جرأة وإصراراً على ترويع أعدائها، قد تدخلان فترة من الهجمات المتقطعة.

وتنفذ "إسرائيل" غارات جوية بشكل شبه يومي في لبنان، على الرغم من موافقتها على وقف إطلاق النار مع حزب الله، لكن هذا المسار مع إيران يشكّل احتمالاً أكثر صعوبة. وفي حين أنّ حزب الله يتلقى الضربات بهدوء، فإن طهران ستكون أكثر استعداداً للرد على أي عدوان إسرائيلي في المستقبل، وقد أظهرت أنّ ترسانتها الصاروخية أكثر تدميراً بكثير.

من المتوقع أيضاً أن تبدأ إيران فوراً عملية إعادة بناء قدراتها العسكرية. ورغم الأضرار التي لحقت بمواقعها النووية من جراء القنابل الإسرائيلية والأميركية، يُشتبه في أنها لا تزال تحتفظ بمخزونها من اليورانيوم المخصب الذي يبلغ 400 كيلوغرام، والذي يقترب من مستويات صنع الأسلحة.

وتظلّ هناك أسئلة ضخمة الآن حول كيفية تعامل ترامب ونتنياهو مع التهديد المستمر الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني.

قبل أن تشنّ "إسرائيل" حربها، كانت إدارة ترامب منخرطة في محادثات غير مباشرة لحل الأزمة، لكن هذه العملية انقلبت رأساً على عقب بقرار نتنياهو - بدعم ضمني من ترامب - شنّ ضربات على الجمهورية الإسلامية.

مع اختفاء مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب - ومع احتفاظ الجمهورية بالمعرفة والتكنولوجيا التي بنتها في السنوات الأخيرة - لا يزال خطر لجوء النظام إلى استخدام الأسلحة النووية لاستعادة قوته الرادعة قائماً.

وأي إشارة إلى ذلك قد تؤدي إلى إثارة المزيد من النيران الإسرائيلية، إذ حذر نتنياهو يوم الثلاثاء من أنّ "إسرائيل" مستعدة لتكرار هجومها إذا حاولت الجمهورية الإسلامية إحياء برنامجها النووي.

وسوف يعتمد الكثير على ترامب، الرئيس الأميركي الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته، والذي أعلن نفسه الرئيس الأكثر تأييداً لـ "إسرائيل" في التاريخ. 

ولكن حتى الآن، رفض ترامب تكثيف الضغوط على "إسرائيل" لإنهاء حربها المدمرة التي استمرت 20 شهراً في غزة، حتى مع انتهاك نتنياهو وقف إطلاق النار الذي ساعد مبعوثو ترامب في التوسط فيه في كانون الثاني/يناير أو كبح جماح المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

لكن ترامب أظهر أيضاً ميلاً إلى التصرف ضد مصالح نتنياهو عندما يخدم ذلك أهدافه الخاصة.

وأنهى ترامب حملة عسكرية أميركية ضد اليمن، فيما واصل الحوثيون إطلاق النار على "إسرائيل"، كما التقى الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، وهو الرجل الذي أدانته "إسرائيل" باعتبارها جهادياً خطيراً، ورفع العقوبات عنها.

وعندما انتهكت "إسرائيل" وإيران وقف إطلاق النار يوم الثلاثاء بعد ساعات من دخوله حيز التنفيذ، سارع ترامب إلى انتقاد كلا الطرفين في خطاب مليء بالشتائم.

إذا واصل ترامب سعيه للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، فسوف يواجه العقبة الرئيسية التي أعاقت جهوده السابقة: مطالبة واشنطن طهران بوقف تخصيب اليورانيوم محلياً، وهو خط أحمر بالنسبة إلى النظام.

إذا قدّم ترامب تنازلات، فهل يكون ذلك كافيًا لمنع أي ضربات إسرائيلية أخرى؟ وإذا رفضت إيران الاستسلام، فهل يُثير ذلك شبح الضربات العسكرية مجددًا؟

لا تزال "إسرائيل" تعتمد على رضوخ الولايات المتحدة ودعمها عسكريًا ودبلوماسيًا، وهذا يُمثِّل جوهر المسألة: ما الذي يريده دونالد ترامب؟ قال حنا: "لدى ترامب فرصة لإخضاع إسرائيل بطريقة مختلفة عن الإدارات السابقة، لكنه عمومًا لم يُبدِ بالضرورة ميلًا لذلك".

وقد يأتي اختبار مبكر قريباً، بعدما قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني - الذي ساعد ترامب في التوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران - يوم الثلاثاء إنّ الدوحة تأمل استئناف المحادثات بشأن وقف إطلاق النار في غزة في اليومين المقبلين.

لقد أكّد الزعماء العرب والغربيون منذ عقود أنّ حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر هو المفتاح لمعالجة عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، لكن نتنياهو رفض مراراً وتكراراً الضغوط الغربية لتقديم أي تنازلات للفلسطينيين، ناهيك باتخاذ خطوات نحو إقامة دولة فلسطينية.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.