"لوموند": ينبغي ألّا تتمتع الحكومة الإسرائيلية بأي حصانة بعد الآن
لإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة، فإنّ المسار الذي اختارته السلطات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية لابد وأن يكون له ثمن، ولابد أن يكون باهظاً.
-
"لوموند": ينبغي ألّا تتمتع الحكومة الإسرائيلية بأي حصانة بعد الآن
هيئة تحرير صحيفة "لوموند" الفرنسية تنشر مقالاً افتتاحياً تدعو فيه إلى كسر الصمت الدولي، ورفض إفلات "إسرائيل" من العقاب على الإبادة الجماعية التي تشنّها في قطاع غزة، والتحرك الجاد لمحاسبة الحكومة الإسرائيلية على انتهاكاتها المتكررة بحق المدنيين الفلسطينيين وحقهم في الأرض والوجود.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
إنّ تراكم التصريحات التحريضية يؤدي دائماً إلى تحديد سياسة ما. من خلال الوعد بـ "تدمير" غزة، والتأكيد أن لا شيء سوف يقاطع الحرب، وأنّ "القوة بأكملها" في "الجيش" الإسرائيلي سوف تُنشر لهذا الغرض، والإعلان عن "إخلاء" غزة من السكان، ورحيل نصف الفلسطينيين و"حتى الكثيرين غيرهم" من أرض جُعلت غير صالحة للسكن عن علم وبشكل منهجي، فإنّ السلطات الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء، تختار مسار عدم احترام حقوق الإنسان.
الأمر لا يقتصر على الكلام. فالاستخدام السافر لسلاح الجوع؛ والاستئناف الأحادي الجانب، باسم القضاء على حماس، لمجازر المدنيين الفلسطينيين بقنابل الولايات المتحدة؛ وسقوط آلاف الأطفال قتلى وجرحى ومحرومين من الرعاية الصحية الأساسية؛ والعودة إلى النزوح الجماعي للسكان في مناطق تُصوَّر زورًا على أنها آمنة، كل ذلك يشكّل الحقائق للإبادة الجماعية.
وأصدرت عشرات المنظمات غير الحكومية والدولية تحذيرات عديدة، لكنها لم تُجدِ نفعًا حتى الآن. ومن دون مزيد من اللغط، يُفترض أن يقود التطهير العرقي المُخطط له في غزة، والذي تُخفيه السلطات الإسرائيلية بفظاظة تحت ستار "خطة هجرة طوعية"، العديد من الدول إلى الاستنتاجات اللازمة. لقد ولّى وقت التضامن المطلق مع "إسرائيل"، والآن، فقد حان وقت المعارضة الحازمة والصريحة لخطة الائتلاف الحكومي الأكثر تطرفًا في تاريخ "إسرائيل".
إن هذا المشروع هو مشروع "إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر"، وهو ما يدفن نهائياً حق الفلسطينيين في تقرير المصير. كل شيء يسهم في ذلك. وتتعرض الخطط الخاصة بغزة، مثل تلك الخاصة بالضفة الغربية المحتلة، لعنف المستوطنين الإسرائيليين تحت حماية الجيش. إنّ السيطرة الكاملة على سجل الأراضي لغالبية الأراضي في الضفة الغربية التي استولت عليها "إسرائيل" للتو هي مؤشر آخر على الرغبة في الضم.
ويشكل التهديد باتخاذ "تدابير ملموسة" والذي ذكرته كندا وفرنسا والمملكة المتحدة في بيان مشترك يوم 19 مايو/أيار خطوة أولى. وأخيراً، لا بد من إثارة مسألة العقوبات، وكذلك مسألة تعليق اتفاقية الشراكة بين "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي، والتي تنص المادة الثانية منها على أنها تقوم على "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية"، والتي سوف تخضع لإعادة النظر.
ولإنهاء المأساة الإنسانية المستمرة، وإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني، وحماية "إسرائيل" من نفسها، فإن المسار الذي اختارته السلطات الإسرائيلية في غزة والضفة الغربية لا بد وأن يكون له ثمن، ولا بد أن يكون باهظاً.
نقله إلى العربية: الميادين نت.