"نيويورك تايمز": لماذا أثار صندل "Prada" صيحات استنكار في الهند؟
أثار حذاء يُشبه الأحذية التي ينتعلها الكثير من الهنود ضجةً واسعة، ما يعكس شعوراً بضرورة الاعتراف بالبلاد بفضل منتجاتها التي تحظى بالشهرة.
-
"نيويورك تايمز": لماذا أثار صندل "Prada" صيحات استنكار في الهند؟
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر تقريراً يتناول قضية الجدل الثقافي الذي أثارته دار الأزياء الإيطالية "برادا" بعد عرضها صنادل مستوحاة من "كولهابوري"، الصندل الجلدي التقليدي الهندي، وما تبع ذلك من اتهامات بالاستيلاء الثقافي، وردود فعل قانونية وشعبية هندية، وانعكاسات هذا الجدل على وعي المجتمع العالمي بالتراث الثقافي الهندي.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:
في وقت سابق من هذا الشهر، أرسلت دار الأزياء الإيطالية "برادا" عارضي أزيائها إلى منصة عرض الأزياء في ميلانو مرتدين صنادل بشريط على شكل حرف "T". فضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الهندية بالأخبار. إذ بدت الصنادل أشبه بحذاء جلدي مصنوع يدوياً، يُعرف باسم "تشابال كولهابوري"، يرتديه ملايين الهنود. وقد سُميّت هذه الصنادل نسبة لبلدة "كولهابور" الواقعة في ولاية ماهاراشترا غربي الهند حيث يجري تصنيعها، وهي تُعد جزءاً من التراث الثقافي الهندي الغني.
وقد أصابت الضجة التي أثارتها أحذية "برادا"، بدءاً من اتهامات بسرقة التصميم والاستيلاء الثقافي وصولاً إلى مطالبة العلامة التجارية الفاخرة بمنح الهند الفضل، الشركة بالذهول. وبفضل مكانة الهند العالمية الصاعدة، سارع الهنود إلى المطالبة بالاعتراف بالهند وتقدير مساهماتها للعالم.
وبعد توجيه غرفة التجارة والصناعة والزراعة في ولاية ماهاراشترا رسالة صارمة إلى "برادا"، اعتذر مسؤولو دار الأزياء، وفقاً لوكالة الأنباء الهندية "برس تراست أوف إنديا" (Press Trust of India). وفي بيان لها، أقرّت مجموعة "برادا" بأن "الصنادل المستوحاة من الأحذية الهندية التقليدية المصنوعة في مناطق محددة في ولايتي ماهاراشترا وكارناتاكا بالهند، قد ظهرت في عرض أزياء الرجال لربيع وصيف 2026 في ميلانو".
وأضافت الشركة أنها "فتحت حواراً من أجل تبادل هادف مع مجتمعات الحرفيين الهنود المحليين"، وأنها "على اتصال" بسلطات ماهاراشترا بشأن هذا الموضوع. وفي هذا السياق، قالت كانيكا جاهلوت، وهي كاتبة في مجال الموضة وأسلوب الحياة الهندية، "إن الضجة التي أثيرت عكست المخاوف من أن تستفيد شركة "برادا"، وليس صناعة كولهابوري الهندية، من بيع الصندل الذي ظهر على منصة العرض". ووصفت الأمر بأنه "مثير للغضب وبلا أساس قانوني"، إذ لم تتضح بعد الخطط التجارية، إن وجدت، التي وضعتها شركة "برادا" في ما يتعلق بالصندل. وقال ممثل الشركة إنّ "المجموعة بأكملها لا تزال حالياً في مرحلة مبكرة من تطوير التصميم، ولم يجرِ تأكيد إنتاج أي من القطع أو تسويقها".
وقد أعادت الضجة التي أثارها الحذاء إلى الأذهان قضية مماثلة وقعت قبل عقد من الزمن، تتعلق بمصمم الأزياء البريطاني بول سميث وصندل يشبه ما يعرف بحذاء بيشاوري، المُصنّع في باكستان. وقد قام المصمم بطرح هذا الحذاء في السوق، وبيعه بمبلغ 595 دولاراً، على الرغم من أنّ الشركة غيرت وصف الصندل في موقعها الإلكتروني لتقول إنه مستوحى من صندل "بيشاوري تشابال".
تُصدر البلدان عادةً علامات "المؤشرات الجغرافية" لتمييز منتج ما باعتباره ينتمي إلى منطقة معينة داخل حدودها، مثل نبيذ بوردو من منطقة بوردو في فرنسا أو شاي دارجيلنغ من الهند. وقد جرى إنشاء نظام وضع العلامات بموجب قواعد التجارة العالمية، ويهدف جزئياً إلى حماية المعرفة والحرفية الإقليمية، التي قد تكون في بعض الأحيان منتشرة أو محصورة جماعياً داخل منطقة معينة. ويُعدّ هذا النظام علامة على الأصالة لا وسيلةً لردع المُقلّد. وقد منحت الحكومة الهندية صنادل كولهابوري هذا التصنيف عام 2019.
وأشار سوبهانج ناير، محامي الملكية الفكرية، إلى أنّه يحق لشركة "برادا" بيع صنادل كولهابوري بأي سعر تريده إذا استوردت المواد من المقاطعات الثماني في ولايتي ماهاراشترا وكارناتاكا المشمولة بعلامة المؤشر الجغرافي. كما يتعين عليها الاعتراف علناً بالحرفيين بطريقة ما.
لكن بريام ليزماري شيريان، محامية أخرى في مجال الملكية الفكرية، قالت إن "برادا لا تقول إنه صندل كولهابوري. بل تقول إنه حذاء جلدي مستوحى من كولهابوري، وهذا تمثيل صحيح للأمر". ومع ذلك، قالت شيريان إنّ "برادا" خلقت مشكلة "أخلاقية" بعدم منحها التقدير المستحق منذ البداية. وأضافت: "لو اعترفت الشركة بمصدر إلهامها منذ البداية، لما تفاقمت المشكلة".
لقد أصبحت الهند توفر قدراً أكبر من الحماية لتراثها الثقافي - سواء كان الأمر يتعلق باليوغا، أو خصائص الكركم في التئام الجروح، أو المنسوجات والأقمشة الهندية متعددة الألوان وغيرها من الحرف اليدوية - ويرجع ذلك جزئياً إلى أن منتجاتها تصل إلى جمهور عالمي أوسع. لكن الفخر الثقافي قد يتحول أحياناً إلى نزعة قومية غاضبة. وفي هذا السياق، قال راغافيندرا راثور، مصمم أزياء رجالية هندي شهير عمل سابقاً لمصلحة مصمم الأزياء أوسكار دي لا رينتا: "لقد أصبحنا مجتمعاً حساساً للغاية".
وأوضح السيد راثور أنه شعر بفخر عميق وهو "يشاهد رموز ثقافتنا تتهادى إلى بلاد أجنبية". وقال إنّ وصول صندل كولهابوري المتواضع، الذي يراوح سعره بين 1000 و3000 روبية في الهند، أو بين 20 و30 دولاراً أميركياً، إلى الساحة الدولية ينبغي أن يكون سبباً للاحتفال لا للغضب. إذ لم يُضرّ ذلك بالمجتمع الذي يُصنّع هذه المنتجات. بل على العكس، فقد زاد الوعي العالمي بالصندل المصنوع يدوياً في عالمٍ تسيطر عليه الصور ووسائل التواصل الاجتماعي، ما قد يُحسّن من المبيعات. والدليل على ذلك، أنه منذ بدء هذا الجدل، أمطرته وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات التسوق وفريقه بإعلانات عن صنادل كولهابوري.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.