"Consortium": ما تفاصيل تجارة الأسلحة الخفية بين أستراليا و"إسرائيل"؟

رغم مخاطر التواطؤ في جرائم الحرب التي ترتكبها "إسرائيل"، فإنّ زعماء أستراليا ما زالوا متمسّكين بتجارة بيع الأسلحة وأجزاء الأسلحة للحكومة الإسرائيلية.

0:00
  • احتجاجات عالمية تطالب السلطات بوقف تسليح
    احتجاجات عالمية تطالب السلطات بوقف تسليح "إسرائيل"

موقع "Consortium" الأميركي ينشر تقريراً يكشف تفاصيل وخفايا تجارة الأسلحة بين أستراليا و"إسرائيل".

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرّف

يبذل السياسيون الأستراليون جهوداً استثنائية للتعتيم على تجارة الأسلحة بين بلادهم و"إسرائيل"، وتبريرها، والكذب بشأنها، إلّا أنّ التحقيقات الأخيرة التي أجرتها جماعات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام المستقلة وحزب الخضر الأسترالي تكشف أنّ أستراليا تنتهك جميع القوانين الدولية التي تحظر بيع الأسلحة للدول التي ترتكب جرائم حرب.

ومن بين الأمثلة الأكثر فظاعة مساهمة أستراليا في طائرة لوكهيد مارتن إف-35 جوينت سترايك فايتر الإسرائيلية، وهي الطائرة المقاتلة الأكثر تقدّماً من الناحية التكنولوجية والأكثر فتكاً في العالم. تستطيع كلّ طائرة نقل حمولة تصل إلى 10 قنابل ضخمة، أربع قنابل داخلية وست قنابل مثبتة على الأجنحة، كلّ منها قادرة على تدمير المباني السكنية والمدارس والمستشفيات، وتدمير جثث مئات الفلسطينيين. وفي غزة، يبحث الناجون من هذه الهجمات يومياً بين الأنقاض عن رفات أحبّائهم.

وتؤدّي أستراليا دوراً حاسماً في سلسلة التوريد العالمية لقطع غيار طائرات "إف-35" الإسرائيلية المقاتلة. كما ذكرت صحيفة "ديكلاسيفايد أستراليا"، فإنّ شركة "روزبانك" للهندسة في ملبورن تُورّد "مشغّلات التحديث" التي تفتح أبواب مخزن القنابل. أمّا "محوّلات الأسلحة" التي تُطلق القنابل، فتُورّدها شركة "فيرا" للهندسة في بريسبان.

إصرار أستراليا على عدم بيع أسلحة لـ "إسرائيل" زائف وغير منطقي. فعندما سُئل نائب وزير الدفاع هيو جيفري عن بيع أجزاء من طائرات "إف-35" في البرلمان من قِبل السيناتور ديفيد شوبريدج، عضو حزب الخضر، عن بيع أجزاء منها، زعم جيفري أنّ الآليات المستخدمة لفتح أبواب قنابلها ليست أسلحة، لأنّ الأسلحة "أنظمة متكاملة" وليست أجزاءً مثل جهاز فتح باب القنبلة، الذي شبّهه، على نحوٍ مثير للسخرية، بقلم رصاص يُستخدم للكتابة أو كسلاح.

ورغم ادّعاء نائب وزير الدفاع بأنّ بيع أستراليا لأجزاء من طائرات "إف-35" لا ينتهك القانون الدولي، إلا أنه محظورٌ بوضوح بموجب معاهدة الأمم المتحدة لتجارة الأسلحة (التي وقّعت عليها أستراليا)، التي تنصّ على أنه "يجب حظر نقل الأسلحة إذا علمت الدولة أن هذه الأسلحة ستُستخدم في الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب". وتُقيّد المعاهدة، على وجه التحديد، تصدير "أجزاء ومكوّنات" الأسلحة.

بالنسبة للسياسيين الأستراليين، فإنّ أيّ نقاش حول تجارة الأسلحة الأسترالية مع "إسرائيل" يُثير حفيظة السياسيين الأستراليين، وفي ظلّ الأدلة الدامغة على إرسال شركات التصنيع الأسترالية أسلحة إلى "إسرائيل"، يُصرّ السياسيون الأستراليون على إنكارهم.  

وصرّح رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز بأن "لا وجود لأسلحة أسترالية فيما يحدث في غزة. هذا ليس صحيحاً". وبطبيعة الحال، فإن رئيس الوزراء يعلم أنّ هذه كذبة، كما تعلم ذلك الوزيرة بيني وونغ، ووزير الدفاع ريتشارد مارليس، والمؤسسة الدفاعية الأسترالية بأكملها. 

وعندما سُئلت وزيرة الخارجية بيني وونغ عن مبيعات أجزاء طائرات "إف-35" من قبل السيناتور شوبريدج في البرلمان، بدلاً من الإجابة عن السؤال بصدق (إما أنها لا تعرف أو أنها كانت على علم بأن أستراليا جزء من سلسلة توريد طائرات إف-35)، هاجمت شوبريدج بشدة لنشرها "معلومات مضللة" تمّ نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.

لكنّ المسؤولين الأستراليين يعتقدون أنّ بإمكانهم التهرّب من خداع الرأي العام وانتهاك القانون الدولي بالاختباء وراء ستار دخان المحاسبة. على سبيل المثال، تسمح وزارة الدفاع الأسترالية (DEFAT) ببيع مواد ذات استخدام مزدوج لـ "إسرائيل"، مثل البرمجيات وأجهزة الراديو والمواد الكيميائية ومنتجات الصلب المستخدمة في المركبات المدرّعة التابعة لـ "جيش" الدفاع الإسرائيلي.

ولكنّ مبيعات أستراليا من أجزاء الأسلحة إلى "إسرائيل" لا تقتصر على طائرة "إف-35".

وتشمل مكوّنات الأسلحة الأخرى محرّكات طائرات من دون طيار إسرائيلية من طراز "Thunder B" التي تصنّعها شركة "Currawong Engineering" في تسمانيا وأنظمة الإطلاق والتحكّم للصواريخ الموجّهة "Spike" الإسرائيلية التي تصنّعها شركة "Varley-Rafael Australia".

وكُشف الآن أنّ صادرات أستراليا الفتّاكة إلى "إسرائيل" لا تشمل قطع الغيار فحسب، بل منظومات أسلحة كاملة. يُصنّع مدفع "R400" المضاد للطائرات المسيّرة من قِبل شركة Electro Optic Systems (EOS)، المُصنّعة للأسلحة عن بُعد ومقرّها كانبرا. ووصف موقع "EOS" الإلكتروني مدفع "R400" بأنه "منصة أسلحة عالية الدقة بقوة نيران مدفع من عيار 30 ملم"، قادرة على دعم أسلحة أخرى، مثل الرشاشات وقاذفات القنابل الآلية والصواريخ الموجّهة المضادة للدبابات.

يُعدّ توريد نظام "R400" انتهاكاً واضحاً لالتزامات أستراليا بموجب معاهدة تجارة الأسلحة بشأن صادرات الأسلحة إلى "إسرائيل"، إلّا أنّ مُصنّعي الأسلحة يتحايلون على القانون بإرسال قطع الغيار إلى الولايات المتحدة للتجميع. وكما ذكرت قناة "ABC" فإنّه "يزعم مصدر في قطاع الدفاع أنّ المكوّنات الأسترالية الصنع أُرسلت أولاً إلى شركة EOS في الولايات المتحدة للتجميع، قبل شحنها إلى إسرائيل من دون موافقة تصدير أسترالية".

إنها خدعة تستخدمها شركات أسترالية أخرى أيضاً. ووفقاً لمنظمة العفو الدولية، فإنّ شركة "تاليس" الأسترالية، التي تُصنّع قذائف مدفعية من عيار 155 ملم، تُصدّرها أولاً إلى فرعها الأميركي، الذي يبيعها بدوره إلى "إسرائيل". 

في ظلّ الأدلة الدامغة على إرسال شركات التصنيع الأسترالية أسلحة إلى "إسرائيل"، يُصرّ السياسيون الأستراليون على إنكارهم. وصرّح رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز أن "لا وجود لأسلحة أسترالية فيما يحدث في غزة". 

وبطبيعة الحال، فإنّ رئيس الوزراء يعلم أنّ هذه كذبة، كما تعلم ذلك الوزيرة بيني وونغ، ووزير الدفاع ريتشارد مارليس، والمؤسسة الدفاعية الأسترالية بأكملها.

في الواقع، هناك حرفياً آلاف السلع المصدّرة إلى "إسرائيل" التي تندرج تحت فئة الاستخدام المزدوج، وكثير منها له استخدامات عسكرية مميتة، كما كشفت قائمة من 90 صفحة للصادرات بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و29 آذار/مارس 2025، والتي تمّ إصدارها بموجب قانون حرية المعلومات إلى موقع "Declassified Australia".

الأمر الأكثر غموضاً هو مذكّرة التفاهم التي وقّعتها أستراليا و"إسرائيل" عام 2017 بشأن "التعاون في قطاع الصناعات الدفاعية"، والتي ترفض وزارة الدفاع نشرها علناً. وقد رُفض طلب حرية المعلومات الذي قدّمه حزب الخُضر.

وفي حين أنّ الولايات المتحدة هي أكبر مورّد للأسلحة إلى "إسرائيل"، والتي من دونها لا تستطيع مواصلة الحرب على غزة، فإنّ دولاً بما في ذلك أستراليا وكندا والدنمارك وإيطاليا وهولندا والنرويج والمملكة المتحدة لا تزال تؤدّي دوراً حاسماً في سلسلة التوريد التي تغذّي آلة الحرب الإسرائيلية.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.