"ذا هيل": نتنياهو ليس حليفاً لأميركا.. وترامب يدرك ذلك أخيراً

على الحزب الجمهوري أن يقرر: هل يخدم مصالح الولايات المتحدة، أم مساندة سياسي أجنبي غارق في فضيحة؟

0:00
  • نتنياهو ينظر إلى صورة تجمعه مع الرئيس الأميركي
    نتنياهو ينظر إلى صورة تجمعه مع الرئيس الأميركي

صحيفة "ذا هيل" الأميركية تنشر مقالاً يتناول التحوّل في الموقف الأميركي تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من خلال انتقاد مباشر وصريح له، ويُبرز كيف لم يعد يُنظر إليه كحليف موثوق، بل كشخص يُقوّض المصالح الأميركية من أجل البقاء السياسي الشخصي.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

إنّ انتقاد بنيامين نتنياهو؛ الرجل السياسي المُدبّر، ليس معاداة للسامية. إنه واقع، وقد طال انتظاره. لذا، عندما تجاوز دونالد ترامب "إسرائيل" في جولته الأخيرة في الشرق الأوسط، مُختاراً مصافحة الرياض والدوحة مُتجاهلاً "تل أبيب" تماماً، لم يكن ذلك كراهية. لم يكن خيانة. بل كان بُعداً. كان براغماتية. كان تذكيراً بأنّ الولايات المتحدة هي القوة العظمى، ليست دولة تابعة، ولا مانحة، ولا خادمة. ولا داعي للتوقف في "تل أبيب" لإثبات هذه النقطة.

هذا البعد يُشير إلى أمرٍ طالما خشيت الطبقة السياسية في أميركا النطق به: بنيامين نتنياهو ليس صديقاً للولايات المتحدة. قد يُسمّي نفسه حليفاً، قد يُلقي خطاباً أمام الكونغرس، قد يُغلّف نفسه بالقيم المشتركة ويتحدث عن الحضارة الغربية، لكن إن جرّدنا الصورة من مضمونها، فستجد رجلاً مُتشبّثاً بالسلطة بشدة، مُستعداً لتعريض الاستقرار العالمي للخطر، وتأجيج نيران الحرب، وهدم الجسور مع الدولة التي يدّعي تبجيلها، إن كان ذلك يعني إبعاد نفسه عن زنزانة السجن.

يُحسب لترامب أنه أدرك ذلك أخيراً. وعلى عكس الرؤساء السابقين الذين تحدثّوا بهدوء بينما كانوا يُحررون شيكات مفتوحة لـ "إسرائيل"، يتحدث ترامب بنفوذ، لأنه يُدرك ما لا يُريد قوله إلا القليلون: أميركا هي من تُمسك بزمام الأمور.

بالطبع، المُشتبه بهم المُعتادون يتدهورون بالفعل. بن شابيرو، من بين آخرين، دخل في حالة من الانهيار، مُتهماً ترامب بخيانة "إسرائيل" والشعب اليهودي وما يُسمى بالنظام الأخلاقي. لكن ليس ترامب هو من ارتكب هذه الخيانة هنا. إنه نتنياهو، وهو يفعل ذلك منذ سنوات.

دعونا لا ننسى أنّ نتنياهو قوّض السياسة الخارجية الأميركية مراراً وتكراراً عندما كان ذلك يناسبه. عارض علناً الاتفاق النووي مع إيران الذي أبرمته إدارة أوباما، حتى إنه شنّ حملةً ضده على الأراضي الأميركية بمخاطبة الكونغرس من دون موافقة البيت الأبيض. تخيّلوا الغضب لو فعل زعيم دولة أخرى الشيء نفسه. باعت إدارته تكنولوجيا عسكرية وسيبرانية للصين من وراء ظهر أميركا. لقد استهزأ بكل رئيس أميركي لم يفعل ما يريده بالضبط، بينما كان يجني مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية من دون مساءلة أو محاسبة.

والآن، ومع بقائه السياسي على المحك، يلعب نتنياهو لعبةً أخطر بكثير.

إنه يُطيل أمد الحرب الوحشية في غزة، ليس من باب المبدأ أو الضرورة، بل من باب اليأس السياسي. كل قنبلة تُسقط، وكل مستشفى يُقصف، وكل مدني يُقتل يُعطي بيبي دورةً إخباريةً أخرى حيث يُصبح "رئيس وزراء زمن الحرب" بدلاً من الرجل الذي يواجه سلسلةً من تهم الفساد في وطنه.

وإذا لم يكن جر غزة إلى الهاوية كافياً، فإنه يُغازل بشكل متزايد الحرب ضد إيران. ليس لأنها استراتيجية حكيمة، وليس لأنها تخدم المصالح الأميركية، ولكن لأنه يعلم أنّ الحرب هي أقصى درجات الإلهاء. إنها الدرع الواقي. وإذا استطاع جر الولايات المتحدة إلى جانبه فهذا أفضل بالنسبة له. هذا يسمّى تلاعباً، وما لدينا هو رجل يحاول استخدام القوة الأميركية للتهرب من الحكم المحلي.

لذا، دعونا لا نتظاهر بأن الأمر يتعلق بالخيانة. لقد حدثت الخيانة بالفعل. لقد استغل نتنياهو أميركا وحوّلها إلى سلاح لسنوات. لقد استخدم الولاء الإنجيلي كأداة هدم، وضغط على لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك) لإسكات المنتقدين، واختبأ وراء اتهامات بمعاداة السامية في كل مرة تجرأ فيها أحد على التشكيك في دوافعه.

ترامب، بصراحة وببساطة يخرق قانون الصمت. لم يكن بحاجة إلى صور تذكارية في "تل أبيب" هذه المرة، بل كان بحاجة إلى نفوذ، وكان بحاجة إلى نفط الخليج وأمواله.

إنّ الحقيقة هي أن نتنياهو يحتاج أميركا أكثر بكثير مما تحتاجه أميركا. هذا ليس غطرسة، بل هو واقع. أميركا تُوفر الأسلحة، والغطاء، وحق النقض في الأمم المتحدة. من دون أميركا، لا يمكن لـ "إسرائيل" البقاء بشكلها الحالي. وعلى الحزب الجمهوري أن يقرر: هل يخدم مصالح الولايات المتحدة، أم البقاء القانوني لسياسي أجنبي غارق في فضيحة؟

انتقاد نتنياهو لا يعني التخلي عن "إسرائيل". إنه فضح رجلٍ حوّل "إسرائيل" إلى وعاءٍ لأنانيته. إنه إدراكٌ بأنّ الحلفاء الحقيقيين لا يتجسسون على بعضهم البعض، ولا يتدخلون في انتخابات بعضهم البعض، ولا يُخاطرون بحرب إقليمية من أجل تجنب قاعة المحكمة.

فليصرخ المعلقون، وليبكِ المهتمون.. لم يخن ترامب أحداً. وعلى عكس الرؤساء السابقين، وجد شجاعةً وقرر وضع أميركا في المقام الأول.

نقلته إلى العربية: بتول دياب.