"CounterPunch": فضيحة دعوة الكونغرس لنتنياهو

لا ريب في أنّ دعوة الحزب الجمهوري نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس تعزز ثقته للتعامل مع إدارة بايدن ومناهضتها كما يشاء.

  • رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس عام 2015
    رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال خطابه أمام جلسة مشتركة للكونغرس عام 2015

موقع "CounterPunch" ينشر مقالاً للكاتب ملفن غودمان يتحدث فيه عن خلفيات دعوة الحزب الجمهوري رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي، وكيفية إحراجه الحزب الديمقراطي، وإضعاف حظوظ بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

ليست مستغربة دعوة الحزب الجمهوري الأميركي لرئيس وزراء حكومة "إسرائيل" بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي، من دون مشاركة الحزب الديمقراطي في إصدار الدعوة، التي وقتتها القيادة الجمهورية في إطار جهود الحزب لإحراج دعم الرئيس جو بايدن لوقف إطلاق النار في غزة. ولا شك في أنّ دعم الديمقراطيين للدعوة يصب في جهد الجمهوريين، وسيزيد انقسام الحزب الديمقراطي، ويضاعف صعوبة إعادة انتخاب بايدن في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

بالغ بايدن باستمرار في تقدير قوة تأثيره في نتنياهو، كما قلل باستمرار من تأثير وأهمية الشريحة "التقدمية" لحزبه المؤيدة لوقف فوري لإطلاق النار. وكان بايدن قد أطلق مبادرته تحت 3 عناوين رئيسة: "حماس لم تعد قادرة على تنفيذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر من جديد"، و"إسرائيل حققت أهدافها من عمليتها في غزة"، و"الوقت حان لوقف القتال وإطلاق سراح الرهائن"، لكن بعد أقل من ساعة، رفض نتنياهو إنهاء العدوان "حتى تتم هزيمة حماس وتحقيق كل الأهداف". 

لن تكون هذه المرة الأولى التي تحرج فيها منصة الكونغرس رئيساً من الحزب ديمقراطي. قبل 9 سنوات، دعا الكونغرس نتنياهو إلى إلقاء كلمة أمام جلسة مشتركة لتخريب الاتفاق النووي الإيراني، وكانت كلمته بمنزلة تدخل سافر وغير مقبول في الشؤون الداخلية الأميركية. ونتيجة لذلك، رفض الرئيس باراك أوباما الاجتماع مع نتنياهو، لكنّه عوضاً عن ذلك، وقبل أن يترك منصبه، وقّع على حزمة مساعدات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي هي الأكثر سخاءً على الإطلاق.

لقد كانت خطة العمل الشاملة المشتركة، الاتفاق النووي الإيراني، بمنزلة نجاح وثّاب لإدارة الرئيس باراك أوباما في العلاقات الدولية، بطموح أن يشكل الاتفاق منصة مفيدة في خلق حوار دبلوماسي أميركي- إيراني، ما من شأنه أن يعزز انحياز طهران نحو الاعتدال للحد من التوترات في المنطقة، لكن دونالد ترامب ألغى الاتفاق مع طهران، وقدم هدية لـ "تل أبيب"، منهياً بذلك فرصة استئناف العلاقات المقطوعة مع إيران منذ 45 عاماً. ولم يكتفِ بذلك، فقام بما لم يستطع غيره من الرؤساء القيام به، فنقل سفارة بلاده إلى القدس باعتبارها عاصمة دولة الاحتلال، وأنهى المساعدات الإنسانية للسلطة الفلسطينية، وشجع على زيادة العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية.

قبل 5 سنوات، قدّم 400 عضو في مجلسي الشيوخ والنواب هدية أخرى لنتنياهو، على شكل رسالة تدعم بشكل كامل الأجندة العسكرية الإسرائيلية في فلسطين وعموم المنطقة، بالتزامن مع تعثر جهود نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة، إذ استخدم الرسالة لتعزيز فرصه في الداخل، باعتباره الشرطي الأمين على مصالح وأجندة "الأمن القومي" الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، ما يجعل من الصعب على أي إدارة جديدة في البيت الأبيض أن تقلص هذا الدور لـ"تل أبيب" بعد إهدار موارد عسكرية واقتصادية ضخمة جداً خلال العقود الأخيرة في هذا المجال، والتي هي جزء من دعم الكونغرس الأميركي الثابت لـ"إسرائيل" منذ 75 عاماً.

يبقى من المستهجن أن تحظى مناهضة نتنياهو للتوجهات الأميركية بهذا القدر من الدعم الأميركي المطلق خلال 30 عاماً مضت.

لقد أحرج ترامب كل زعيم ديمقراطي تقريباً، بما في ذلك الرؤساء بيل كلينتون وأوباما وبايدن، إضافة إلى وزيري الخارجية جون كيري وهيلاري كلينتون، حين تعمد في كثير من الأحيان الإعلان عن توسيع مستوطنات الاحتلال في الضفة الغربية خلال زيارات المسؤولين الأميركيين إلى "تل أبيب". كذلك، حصل أوباما وكيري على معاملة سيئة للغاية من الصحافة الصهيونية التي تدين مع نتنياهو أي إثارة لحل الدولتين بشدة.

بعد عدة أسابيع من إعلان الولايات المتحدة عن حزمة من المساعدات العسكرية لـ"إسرائيل" بقيمة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، أدلى نتنياهو بتصريحات لاذعة ضد الرئيس أوباما ووزير خارجيته كيري، بعدما استشاط غضباً من امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لمجلس الأمن الدولي يطالب بوقف البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومع أنّه لم يقدم أي رئيس أميركي للاحتلال أكثر مما قدمه جيمي كارتر وباراك أوباما، لكنهما غير مقدرين من نظرائهما الإسرائيليين. وكانت العلاقة بين بيل كلينتون ونتنياهو متوترة أيضاً. وقبل عدة سنوات، اعترف كلينتون بأنّه حاول مساعدة شمعون بيريز على الفوز في انتخابات عام 1996، لأنّ نتنياهو لم يكن داعماً لجهود السلام مع الفلسطينيين. وحين ألقى نتنياهو كلمة في الكونغرس عام 1996، تذمّر كلينتون: "من هو بحق الجحيم؟ من هي القوة العظمى اللعينة هنا؟".  أوباما أيضاً على منوال كلينتون، قال لمساعديه بعد اجتماع عاصف مع نتنياهو أنّ الأخير "تبول على ساقه".

يرى نتنياهو أنّ الرؤساء الأميركيين يخشونه. وقد أفلت من العقاب دائماً لمشاكسته التوجهات الأميركية، لعلمه ربما أنّ قيادة الحزب الديمقراطي تخشى تحدي دعم اليهود الأميركيين للاحتلال، وأنّه يستطيع الاعتماد أيضاً على دعم تيارات من الإنجيليين الصهاينة، لذلك لا يخاف نتنياهو أن تتغير سياسة الولايات المتحدة تجاه "إسرائيل". ونتيجة لذلك، سوف يستمر في تجاهل المصالح الأميركية بطريقته المعتادة المتهورة، حتى لو كانت الولايات المتحدة هي الداعم الوحيد لـ"إسرائيل"، والمورد الرئيس للأسلحة العسكرية المتطورة، والمدافع الصلد عنها في المحافل الدولية.

 ومن غير المعقول أنّه بعد أسابيع قليلة فقط من صدور أمر محكمة العدل الدولية لـ"إسرائيل" بوقف هجومها في رفح، واتهام نتنياهو بارتكاب جرائم حرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وطلب المدعي العام إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ويوآف غالانت، ينضم الحزب الديمقراطي إلى الحزب الجمهوري بفضيحة دعوة المتهم بنيامين نتنياهو لإلقاء كلمة أمام مجلسي الشيوخ والنواب في مبنى الكابيتول. ولا ريب في أنّ هذه الدعوة تعزز ثقة نتنياهو للتعامل مع إدارة بايدن ومناهضتها كما يشاء.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.