"MEM": الهجوم التاريخي الإيراني متجذر في النضال من أجل الحرية في فلسطين

إن أهم درس يمكن استخلاصه من مهمة إيران البطولية هو أن النضال من أجل التحرير والدفاع عن السيادة ومقاومة الاحتلال والقمع هو قضية عادلة ومشروعة.

  • "MEM": الهجوم التاريخي الإيراني متجذر في النضال من أجل الحرية في فلسطين

يكتب الصحافي من جنوب أفريقيا، إقبال جاسات، في موقع "middleeastmonitor" مقالاً بعنوان "الهجوم التاريخي الإيراني متجذر في النضال من أجل الحرية في فلسطين"، يعتبر فيه أن مكانة إيران باعتبارها الداعم الأول للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال تعززت بشكل كبير. وهو موقف لا تتهرب منه طهران ولا تخفيه.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

يوم 14 نيسان/أبريل 2024، والزمن بعده سوف يسجله التاريخ على أنه بالغ الأهمية، لأن جمهورية إيران الإسلامية شنت هجوماً جوياً مباشراً من أراضيها ضد نظام الفصل العنصري الاستعماري الصهيوني، وقد شهدت دولة الاحتلال الساعات المتوترة التي حلقت فيها الطائرات دون طيار والصواريخ الباليستية الإيرانية فوق رؤوس مستوطنيها وهم في حيرة وصدمة وقلق، حيث أمضى معظمهم الليل في الملاجئ بلا نوم.

لقد كان تعرضهم لهجوم جوي حقيقة جديدة بمواجهتهم. وكان الأمر مختلفاً تماماً عن كونهم يناصرون مذبحة الآلاف من الأبرياء في غزة والجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

ووصف أحد الصحفيين الواقع الكئيب لآثار الهجمات الإيرانية بالكلمات التالية: "يوم الأحد هو بداية أسبوع العمل الإسرائيلي، لكن المدارس والعديد من المكاتب الحكومية كانت مغلقة لهذا اليوم. كانت خطوط السكك الحديدية الخفيفة المزدحمة عادة في تل أبيب متفرقة وصامتة بشكل ملحوظ، وكان عدد قليل من الركاب ملتصقين بهواتفهم الذكية يبحثون عن إجابات لا يبدو أن أحداً منهم قد يجدها".

ورغم أن حالة عدم اليقين بشأن نتيجة الهجوم التاريخي الذي شنته إيران شغلت المحللين العسكريين الحريصين على العثور على إجابات، فمن المؤكد أنهم لا يستطيعون تجاهل حقيقة مفادها أن قدرة الردع الإسرائيلية قد تعرضت لخطر شديد. وقد أشار رئيس البعثة العسكرية الفرنسية السابق لدى الأمم المتحدة، الجنرال دومينيك ترينكواند، إلى نقطة مهمة، "التطور المهم في هذا الصراع هو أن إيران ضربت إسرائيل بشكل مباشر".

وأضاف، "على الرغم من تدخل تكنولوجيا الدفاع الأميركية المتقدمة نيابة عن "إسرائيل" لاعتراض العديد من الطائرات بدون طيار والصواريخ، إلا أن الهجوم الإيراني له وزن كبير، ولا يمكن التقليل من عدد أنواع المقذوفات التي تم إطلاقها على "إسرائيل" من إيران والعراق واليمن ولبنان، مع ضربات على الجولان".

الباحث في الأكاديمية العسكرية الملكية في بلجيكا ديدييه ليروي، أدلى بملاحظة لا تقل أهمية: "لقد تجاوزنا عتبة نوعية تغير الديناميكيات وتعيد وضع إيران على الخريطة الدولية كلاعب عسكري كبير ونشط".

ومن وجهة نظره كمدير سابق للاستخبارات العسكرية الصهيونية، يتوقع عاموس يادلين أن الهجوم الإيراني قد يؤدي إلى تغيير استراتيجي في "الحرب في غزة، وقد يوقفها".

أدى المرسوم العسكري الذي أصدره مجلس تل أبيب الحربي بحجب المعلومات عن الأضرار الناجمة عن الهجمات الإيرانية إلى تكميم أفواه منصات وسائل الإعلام المحلية والدولية ومنع الوصول إليها للتحقق بشكل مستقل من الادعاءات بحدوث "أضرار ضئيلة". مع أن مثل هذا السلوك القمعي يفرض رقابة غير عادلة على المحتوى الإخباري.

يوضح المحلل الإيراني سيد محمد مرندي، أن الأهداف الرئيسية للهجوم الإيراني تركز على قاعدتين جويتين صهيونيتين، وأن 20 صاروخاً أو أكثر ضربت أهدافها، و "الطائرات بدون طيار الأخرى وصواريخ الجيل الأقدم كانت عبارة عن أفخاخ غير مكلفة استنزفت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية وصواريخها الباهظة الثمن".

ويزعم البعض من المشككين أن الهجوم الإيراني كان فاشلاً، لكنهم إما يتجاهلون أو يتعمدون التعتيم على واقع الردع الجديد الذي تفرضه الجمهورية الإسلامية. ومن وجهة نظر طهران، كان الهجوم على قنصليتها في دمشق بمثابة خط أحمر يتطلب الانتقام، وإلا فإنه سيمحو أي مفهوم للردع، ويفتح الباب أمام عمل عسكري إسرائيلي أكثر وقاحة.

وليس من المستغرب أن يصف ضابط الاستخبارات السابق في مشاة البحرية الأميركية سكوت ريتر الهجوم الانتقامي الإيراني بأنه واحد من "أعظم الانتصارات في هذا القرن". وأضاف: "إن عملية الوعد الحقيقي ستسجل في التاريخ باعتبارها واحدة من أهم الانتصارات العسكرية في تاريخ إيران الحديث، مع الأخذ في الاعتبار أن الحرب ما هي إلا امتداد للسياسة بوسائل أخرى، وإن حقيقة أن إيران قد أنشأت وضعية ردع ذات مصداقية دون تعطيل أهداف وغايات السياسة الرئيسية هي تعريف النصر ذاته".

وهذه النقطة أكد عليها الأكاديمي الفلسطيني سامي العريان، "نظرية الردع الإسرائيلية قد تم تقويضها إلى حد كبير، وإن الوضع الاستراتيجي للكيان الصهيوني بعد عملية طوفان الأقصى لن يكون كما كان من قبلها. وبالمثل، فإن الوضع الاستراتيجي الإقليمي بعد 14 نيسان/أبريل للدولة الصهيونية ليس كما كان أيضاً".

بائت محاولات الحكومة الصهيونية العنصرية في تل أبيب بالفشل في تغطية المتغيرات بـ "الانتصارات" الوهمية التي تدحرها الحقائق. علاوة على ذلك، فقد تعززت مكانة إيران باعتبارها الداعم الأول للنضال الفلسطيني من أجل الحرية والاستقلال بشكل كبير. وهو موقف لا تتهرب منه ولا تخفيه طهران. والحقيقة أن جزءاً من الرد الإيراني الاستراتيجي الذي اتبع ضمن عدم التغاضي عن محنة الفلسطينيين في غزة أو تجاهلها.

وليس من المستغرب أن تدعم حركة "حماس" الهجوم الإيراني وتؤكد "الحق الطبيعي" لدول وشعوب المنطقة في الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان الصهيوني. وقالت الحركة، "إن العملية العسكرية التي نفذتها إيران ضد الكيان الصهيوني هي حق طبيعي ورد واجب على جريمة استهداف القنصلية في دمشق".

إن أهم درس يمكن استخلاصه من مهمة إيران البطولية هو أن النضال من أجل التحرير والدفاع عن السيادة ومقاومة الاحتلال والقمع هو قضية عادلة ومشروعة.

 

نقلها إلى العربية: حسين قطايا.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.