"الأناضول": تواطؤ الغرب في جرائم "إسرائيل" يتجاوز الدعم العسكري

العدوان الإسرائيلي المستمرّ على غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلّة، يكشف زيف النظام الدولي القائم على القواعد، والنفاق الذي ينطوي عليه من ازدواجية المعايير واللعب بتنفيذ القوانين في حال تعلّقها بالدولة الصهيونية.

0:00
  • الدمار في غزّة
    الدمار في غزّة

وكالة "الأناضول" التركية تنشر مقالاً للكاتب أحمد غينتورك، يتحدث فيه عن التواطؤ الغربي في جرائم "إسرائيل" بحق الفلسطينيين، من خلال الدعم العسكري والسياسي.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

العدوان الإسرائيلي المستمرّ على غزّة والأراضي الفلسطينية المحتلّة، يكشف زيف النظام الدولي القائم على القواعد، "والنفاق الذي ينطوي عليه من ازدواجية المعايير واللعب بتنفيذ القوانين في حال تعلّقها بالدولة الصهيونية"، حسب ما يقول أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان في جامعة "أوسلو" جنتيان زيبيري، الذي يرى أنّ تواطؤ الدول الغربية في العدوان على غزّة يتجاوز الدعم العسكري والسلاحي، إلى الدعم السياسي بكلّ وسيلة غير قانونية، ما يسمح لـ"إسرائيل" بمواصلة ارتكاب المجازر بحقّ الفلسطينيين مع ضمانة الإفلات من العقاب.

الداعمون الرئيسيون لـ"جيش" الاحتلال الإسرائيلي وحكومته، هم الولايات المتّحدة وبريطانيا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وفرنسا وكندا وبعض الدول الغربية الأخرى. وهم يوفّرون كلّ السلاح والغطاء السياسي في الأمم المتّحدة، بقيادة واشنطن.

وَيُشير زيبيري إلى أنّ إمدادات السلاح لـ"الدولة" الصهيونية غير قانونية وتتعارض مع 3 أحكام رئيسية في القانون الدولي:

أوّلاً: على الدول كافة واجب ضمان احترام اتّفاقيّات جنيف لعام 1949، وتحديداً المادّة الرابعة الخاصّة بحماية المدنيين.

ثانياً، تتطلّب اتّفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 من الدول الأطراف منع الإبادة الجماعية.

ثالثاً، تتناول معاهدة تجارة الأسلحة لعام 2013 صراحة الحظر المفروض على عمليات نقل الأسلحة عندما تعلم الدولة أنّ الأسلحة ستستخدم في ارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

كلّ هذه الاختراقات للقانون الدولي تقوم به "دولة" الاحتلال الإسرائيلي في غزّة، وفي كلّ الأراضي الفلسطينية بتجاهل من رعاتها، لاستشهاد وجرح أكثر من 135,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، في حين يستمرّ الحصار الخانق على 2 مليون شخص من خلال الحرمان من الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبّية ولو بحدّها الأدنى. وكلّ هذا يُؤكّد وقوع جريمة الإبادة الجماعية وجرائم حرب وضدّ الإنسانية بشكل دامغ.

ضرورة إبقاء "إسرائيل" في قفص الاتهام في المحاكم الدولية

وشدد زيبيري على أهمية التعامل مع المحاكم الدولية التي تنظر في الانتهاكات الصارخة الإسرائيلية للقوانين الدولية، لأنّ لديها القدرة على تحديد المسؤوليات للمرتكبين، أفراداً ومؤسسات، بحق الفلسطينيين على مدى عقود، وهم يناشدون المؤسسات القضائية الدولية المستقلة لوضع حد لـ"دولة" الاحتلال التي تعرض السلام والأمن العالميين للخطر، وتفلت من المساءلة بحماية "الفيتو" الأميركي في مجلس الأمن الدولي باستمرار.

وفي ما يتعلّق بالرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في تمّوز/يوليو هذا العام، قال زيبيري إنّ "المحكمة تناولت العديد من الأسئلة الرئيسية المتعلّقة بالعواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المستمرّ مُنذ عُقود، وأعلنت أنّ استمرار وجود الاحتلال غير قانوني، ويجب أن ينتهي في أسرع وقت، وأنّ إسرائيل مُلْزمة بوقف جميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة وإخلاء القديمة، وأنّ جميع الدول والمنظّمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتّحدة، مُلزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلّة".

إنّ القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية مُهمّة أيضاً لأنّها تنظر إلى الوضع في غزّة لأجل حماية الفلسطينيين من وحشية الحكومة الإسرائيلية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وفي ما يتعلّق بالتدابير المؤقّتة التي أمرت بها المحكمة الدولية بشأن طلبات جنوب أفريقيا المتكرّرة، فلم تمتثل "إسرائيل" بالقدر الكافي لأوامر المحكمة، والنتيجة هي أنّ أكثر من 5% من سكان غزة قد استشهدوا أو جرحوا على يد "جيش" الاحتلال، الذي حوّل القطاع بأكمله إلى ركام ويجوّع الآن نحو 2 مليون فلسطيني بلا مأوى. 

وفي ما يتعلّق بطلب المدّعي العامّ للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال ضدّ رئيس حكومة "تل أبيب" بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، يقول زيبيري إنّ "هذه الخطوة تؤكد أنّ جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في غزّةَ، وَيجب محاسبة المسؤولين عنها".

نفاق النظام العالمي القائم على القواعد

لقد اتّضح للعالم بأسره دعم الولايات المتّحدة للفظائع والجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزّة، من خلال تزويدها بالأسلحة والدعم السياسي، وحتّى حين أعلن البيت الأبيض عن الخطوط الحمر مثل الهجوم على رفح، أو خطّة وقف إطلاق النار في حزيران/يونيو الفائت، كان التواطؤ على حياة الفلسطينيين في غزّةَ جارياً على قدم وساق، بدل أن تأخذ الولايات المتّحدة التزاماتها القانونية الدولية على محمل الجدّ، لا أن تُوفّر المزيد من الأسلحة لـ "إسرائيل"، في وقت يتوجّب عليها المشاركة في تقديم المساعدة الإنسانية الكافية للفلسطينيين في غزّة وإعادة إعمارها، وإقامة دولة فلسطينية على أساس الالتزامات القانونية الدولية وبقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة، في إطار زمني واضح.

إنّ كلمات الإدانة الفارغة لن يكون لها أيّ تأثير في "الدولة" الصهيونية، كما يتّضح من هجماتها المتواصلة على غزّة والضفّة الغربية المحتلّة. ويقول إنّ العقوبات الاقتصادية وغيرها، إلى جانب الضغط الدبلوماسي، ضرورية لجعل "الدولة" الصهيونية توقّف الإبادة الجماعية في غزّة والجرائم الدولية الخطيرة في أجزاء أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة ضدّ الفلسطينيين، وتقديم تعويضات لهم.

نقله إلى العربية: حسين قطايا

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.