"Russia in Global Affairs": النخب الغربية قد تتذوق طعم "الثورة الملونة" الخاص بها

تشير كل الدلائل إلى أننا الآن في فترة انتقالية، والثقة بالمؤسسات آخذة بالتراجع، كما يحدث دائماً تقريباً في أوقات التغيير الكبير.

0:00
  • "غلوبال أفيرز": النخب الغربية قد تتذوق طعم "الثورة الملونة" الخاص بها

موقع "Russia in Global Affairs" ينشر مقالاً للكاتب فيودور أ. لوكيانوف، يتحدث فيه عن احتمال اندلاع "ثورات ملونة" في الدول الغربية التي ساهمت في اندلاع ثورات مماثلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

هناك سبب وراء تسمية عام 2024 بعام الانتخابات الكبرى. سيُدعى أكثر من نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع، لكن هذه المرة سيكون الأمر أكبر من المعتاد.

كان التصويت مهماً دائماً، ولكن في الأوقات الأكثر هدوءاً أو بالأحرى الأكثر تنظيماً، لم تكن كل انتخابات حاسمة.

والآن، على العكس من ذلك، أصبحت الانتخابات ذات العواقب روتينية. كل مسابقة تقريباً قادرة على هز مسار الأحداث، إن لم يكن تغييره. لا يتعلق الأمر بمن يفوز فحسب، بل الأهم من ذلك هو الشعور بالشرعية واعتراف المواطنين بأنّ النتائج نفسها شرعية.

لقد ولّى عصر الحكم بالقوة وحدها منذ فترة طويلة، حتى الأنظمة الاستبدادية بشكل علني يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالح الشعوب ومطالبها. إنّ الديمقراطيات الراسخة لا بد من أن تجد سبلاً متطورة للحفاظ على الاستقرار والاستمرارية في مواجهة انعدام الثقة بالإجراءات.

قبل 20 عاماً، كان أحد الاتجاهات السائدة هو "تعزيز الديمقراطية"، وكانت سياسة الإدارة الأميركية المحافظة الجديدة (جورج دبليو بوش وديك تشيني) تقوم على الفرضية الأيديولوجية القائلة إنّ انتشار الشكل الديمقراطي للحكم في مختلف أنحاء العالم يشكّل الضمانة الأكثر موثوقية، ليس للمصالح الوطنية للولايات المتحدة فحسب، بل أيضاً لنظام عالمي إيجابي. وقد شعر المحافظون الجدد بأنّ أحدهما لا ينفصل عن الآخر.

وكانت مجموعة الأدوات التي كانت بحوزتهم واسعة، من الدعم النشط للثورات الملونة التي اندلعت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى التدخل العسكري المباشر لإحداث تغيير في الأنظمة من البلقان إلى الشرق الأوسط مرة أخرى.

وقد برزت فكرة الأهمية لاعتراف جهة تحكيم خارجية بالانتخابات، مع الحق في التصديق على نتيجتها، وإذا لم تكن هذه الجهة التحكيمية راضية عن النتيجة، فإنّها تمنح نفسها السلطة للمطالبة بمراجعة الانتخابات، حتى بالقوة. وكان هذا يعني ضمناً أنّ المشكلات المتعلقة بالشرعية الانتخابية لا يمكن أن تنشأ إلا في الديمقراطيات الناشئة الهشة، ولكن حتى في الديمقراطيات المستقرة الراسخة، لا تسير الأمور دائماً بسلاسة، حتى لو كانت المؤسسات عموماً تضمن النظام.

والآن، بعد مرور عقدين من الزمان، تحوّل التركيز إلى الديمقراطيات القديمة نفسها. وتخضع العديد من هذه البلدان لتغييرات تنطوي على تآكل، إن لم يكن فقدان، أساليب الحياة المألوفة والأفكار حول المستقبل. ويبدو أنّ الاقتصاد الرأسمالي لا يحل مشكلات المجتمع، بل مشكلاته الخاصة.

إنّ الآليات السياسية تحمل عبئاً ثقيلاً، ويتعين عليها أن تبقي النظام قائماً، وأن تثبت فعاليته وشرعيته، فربما كانت الأحزاب تعكس ذات يوم تكوين المجتمعات، ولكن العديد منها لم يعد كذلك. والثقة بالمؤسسات آخذة بالتراجع، كما يحدث دائماً تقريباً في أوقات التغيير الكبير. وطبيعة انعدام الثقة مماثلة لتلك التي خلقت الظروف للثورات الملونة في الدول الأكثر هشاشة. ومن هنا تأتي المخاوف المستمرة من التدخل والتأثير الخارجي.

وتشير كل الدلائل إلى أننا الآن في فترة انتقالية، ومن المستحيل التنبؤ بالمستقبل، ولكن العملية يمكن أن تكون طويلة وغير متساوية، ويعتمد الكثيرون على كيفية وشكل تبني الواقع الجديد. وما يحدث الآن هو محاولات للحفاظ على الوضع الراهن المقبول على الرغم من كل العقبات.

نقلته إلى العربية: بتول دياب