"The Conversation": لماذا تختلف الولايات المتحدة و"إسرائيل" في كيفية التعامل مع إيران؟

ما هو الخلاف بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" حول إيران وكيف يُمكن أن يؤثّر ذلك على العلاقات بين الطرفين؟

0:00
  • ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض
    ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض

موقع "The Conversation" الأميركي ينشر حواراً مع الخبير في شؤون الشرق الأوسط سكوت لوكاس يتحدّث فيه عن الخلاف بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" حول الملف النووي الإيراني، وتداعياته على العلاقات الثنائية، وعلى الوضع في غزة والمنطقة بشكل عامّ. 

أدناه نصّ المقال منقولاً إلى العربية:

أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 28 أيار/مايو أنه منع "إسرائيل" شخصياً من مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. وعندما سُئل عمّا إذا كان قد تدخّل خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أجاب ترامب: "حسناً، أودّ أن أكون صريحاً. نعم، لقد فعلت ذلك.. وقلتُ إنني لا أعتقد بأنّ هذا الأمر مناسب الآن". مع الإشارة إلى أنّ إدارة ترامب تُجري حالياً محادثات مع إيران بشأن الشروط المستقبلية لبرنامجها النووي.

أجاب الخبير في شؤون الشرق الأوسط سكوت لوكاس على أسئلة صحيفة "ذا كونفرزيشن" حول الخلاف بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بشأن الملف الإيراني وكيف يمكن أن يؤثّر ذلك على العلاقات بين الجانبين. 

تسعى الولايات المتحدة إلى عقد اتفاق نووي مع إيران، في حين ترفض "إسرائيل" هذا الأمر. فما سبب هذا الخلاف؟

لطالما شكّكت "تل أبيب" في المبادرات الدبلوماسية تجاه طهران، قائلةً إنّ إيران ملتزمة بتدمير "إسرائيل". ولم يتغيّر موقفها حتى يومنا هذا. وعندما أخبر ترامب نتنياهو مؤخّراً بأنه يريد حلاً دبلوماسياً مع إيران وأنه يؤمن بقدرته على "التوصّل إلى صفقة جيدة"، أصرّ رئيس الوزراء الإسرائيلي على أنّ "الصفقة الجيدة" الوحيدة ستكون تلك التي تفكّك المنشآت النووية الإيرانية. لكنّ أولوية ترامب لا تتمثّل في عقد "صفقة جيدة"، بل في الحصول على فرصة تُصوّره كـ"صانع صفقات" حتى في ظلّ غياب اتفاق جوهري.

لقد شهدت فترة ولاية ترامب الأولى احتضانه للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، الذي سبق أن هدّده بـ"النار والغضب" وندّد به باعتباره "رجل الصواريخ الصغير"، ليعلن في ما بعد عن تحقيق تقدّم في المحادثات النووية المتعثّرة. ولم ينتج عن هذه المحادثات سوى مذكّرة تافهة من صفحة واحدة، ومع ذلك، أصبح ترامب أول رئيس أميركي في السلطة يدخل إلى كوريا الشمالية، وقد حظي باهتمام دولي لقيامه بذلك.

ومع بداية فترة ولايته الثانية، أشار ترامب إلى أنه يستطيع إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا خلال 24 ساعة. لكن بعد أكثر من 4 أشهر، يشعر بالإحباط والسخط. وقد وصف مؤخّراً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مجنون تماماً". كما أعلن ترامب أنه قادر على حلّ الهجوم الإسرائيلي على غزة. ونسب نجاح اتفاق المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار، الذي حرّرت فيه حماس بعض الرهائن مقابل إطلاق "إسرائيل" سراح مئات الفلسطينيين المعتقلين في سجونها، لنفسه. لكنه انسحب عندما رفضت حكومة نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية.

ويأمل اليوم في الظهور إلى جانب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أو حتى المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي لإبرام صفقة ما، على الرغم من غرابة الموقف. 

إلامَ تطمح دول الخليج؟

تُعتبر المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة دولتين منافستين لإيران في القيادة الإقليمية، لكنهما ترغبان في تجنّب العمل العسكري الإسرائيلي ضدّ طهران لأنّ هذا من شأنه أن يشعل فتيل حرب في جميع أنحاء المنطقة. وهما تتطلّعان إلى الخروج من حرب اليمن المستمرة منذ عقد من الزمن، بعد أن فشل تدخّلهما في القضاء على مقاومة الحوثيين. كما أنهما ترغبان في توفير مساحة لسوريا كي تتطوّر بعد انتهاء 5 عقود من حكم عائلة الأسد في كانون الأول/ديسمبر 2024، مع إمكانية تحقيق أرباح للشركات الخليجية المشاركة في جهود التعافي وإعادة الإعمار.

ولطالما رسخّت قطر، التي زارها ترامب أيضاً في أيار/مايو، وكذلك عُمان، سمعتهما كوسطاء سلام. وشمل ذلك تسهيل المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران.

ما هو موقف إيران من كلّ ما يجري وما مدى اقترابها من تصنيع أسلحة نووية؟

عندما اتفقت إيران على خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPoA) عام 2015 مع المملكة المتحدة وقوى عالمية أخرى، تخلّت عن أيّ إمكانية لبرنامج نووي عسكري. وحُدّد تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، وتمّ شحن مخزونات اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% إلى خارج البلاد. وعلى الرغم من أنّ اليورانيوم المخصّب بنسبة 20% لا يُعدّ صالحاً للاستخدام في صنع الأسلحة، فإنه يختصر الوقت الذي يستغرقه إنتاج سلاح نووي بصورة كبيرة.

وكان ترامب هو من سمح لإيران باستئناف برنامجها النووي عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في أيار/ مايو 2018، وفرضت عقوبات شاملة بعد 6 أشهر. ولم تكتفِ إيران باستئناف عملية تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، بل بدأت أيضاً إنتاج اليورانيوم بنسبة 60%، والذي يمكن تخصيبه بنسبة 90% اللازمة للاستخدام العسكري.

إلا أنّ طهران لا تزال بعيدة عن بلوغ مستوى الـ90%. وقد أعلنت أنها ستتخلّى عن أيّ إمكانية لبرنامج عسكري في اتفاق مُجدَّد مع الولايات المتحدة، لكنها ترفض مطالب الولايات المتحدة بوقف التخصيب لأغراض سلمية.

ما هي خطط "إسرائيل" المحتملة لتعطيل المحادثات؟

قد يتحدّى نتنياهو ترامب ويأمر بشنّ ضربات عسكرية ضدّ إيران. لكنّ مثل هذا الإجراء سيزيد من عزلة "إسرائيل" عن المجتمع الدولي، ويزعزع علاقاتها مع واشنطن، ويهدّد باندلاع صراعات إقليمية تُرهق "الجيش" الإسرائيلي. وقد سبق أن عارضت المؤسسات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية خطط نتنياهو لمهاجمة إيران، ولا سيما في عامي 2010 و2011. وعندما حاول وضع أسس العملية العسكرية، أثارت هذه المؤسسات عقبات سياسية ودبلوماسية ولوجستية أدت إلى تعليق الهجوم. وعلى الرغم من محاولات نتنياهو استبدال رؤساء أجهزة الاستخبارات والقادة العسكريين بآخرين موالين له، يُرجّح أن يتخذ المُعيّنون الجدد الموقف نفسه.

لأكثر من 15 عاماً، دأبت "إسرائيل" على تنفيذ عمليات سرية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني. وشملت هذه العمليات التخريب والهجمات الإلكترونية والاغتيالات والتفجيرات التي نفّذها عملاؤها داخل إيران. ويبدو أنّ هذه العمليات قد تراجعت في الأشهر الأخيرة، لكنها قد تتجدّد من دون إثارة غضب ترامب.

كيف يؤثّر الخلاف حول إيران على العلاقات الأميركية - الإسرائيلية، خاصة في ما يتعلّق بغزة؟ 

نحن نعيش في عالم حيث يستطيع ترامب أن يكبح جماح نتنياهو بشأن إيران، لكنه يعطيه تفويضاً مطلقاً للهجوم على غزة وتجويع سكانها. إذ لم تُبدِ إدارة ترامب أي اعتراض على رفض حكومة نتنياهو الحتمي للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة مطلع آذار/مارس. وأدّى ذلك لاحقاً إلى تجدّد العمليات العسكرية وفرض حصار على المساعدات الإنسانية. ولم يُفلح مبعوث ترامب، المطوّر العقاري ستيف ويتكوف، في جهود الوساطة المزعومة. 

ولم يكتفِ نتنياهو بوضع خطة لاحتلال غزة على المدى الطويل، من خلال إقامة 4 مناطق عسكرية وحصر الغزيين في 3 مناطق محدودة الحركة. بل تبنّى علناً اقتراح ترامب الرامي إلى تهجير مئات الآلاف من سكان غزة، وهو ما يصفه البعض بـ"التطهير العرقي".

في تشرين الأول/أكتوبر 2024، أُفيد بأنّ ترامب طلب من نتنياهو "القيام بما يجب عليه فعله" في هجومه على حماس. وفي منتصف شباط/فبراير، قال له: "افعل ما تشاء". إذاً، في الوقت الذي يفعل ترامب ما يريد بشأن الملف الإيراني ويثير سخط نتنياهو، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي أنّ ترامب لا يقيّد ما يقوم به في غزة.

نقلته إلى العربية: زينب منعم.