"الغارديان": ترامب سئم من الحرب في غزة.. ونتنياهو فقد دعم الرئيس الأميركي

ترامب لن يزور "إسرائيل" في رحلته إلى الشرق الأوسط، ومبعوثه يقول إنّ حكومة نتنياهو تطيل أمد الحرب.

0:00
  • "الغارديان": ترامب سئم من الحرب في غزة.. ونتنياهو يفقد دعم الرئيس الأميركي

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً يناقش تصاعد التوتر بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في ظل الحرب الجارية في غزة وتباين أولويات الطرفين بشأن بعض القضايا الإقليمية.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: 

لم يُخفِ مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف كلامه؛ ففي اجتماعٍ عُقد في وقتٍ متأخرٍ من يوم الأحد مع أسرى سابقين وأقارب محتجزين في غزة، أخبرهم بأنّ "إسرائيل" تُطيل أمد حربٍ تريد الولايات المتحدة إنهاءها، وفقاً لوسائل إعلام محلية.

عشية إطلاق سراح عيدان ألكسندر، آخر أميركي على قيد الحياة محتجز لدى حماس، أوضح ويتكوف الفجوة بين رئيسه وحكومة بنيامين نتنياهو.

قال ويتكوف في الاجتماع، نقلاً عن مصادر حضرت اللقاء: "نريد إعادة الرهائن إلى ديارهم، لكن إسرائيل غير مستعدة لإنهاء الحرب، وهي تُطيل أمدها".

وكانت هذه أحدث حلقة في سلسلة من التجاهلات رفيعة المستوى وذات المخاطر العالية من البيت الأبيض، ما يشير إلى أنّ أهم حليف لـ"إسرائيل" يشعر بالإحباط من حكومته، وربما يفقد اهتمامه بمصيرها.

وقال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس: "ترامب ليس ضد إسرائيل، لكنه لا يكترث لأمرها". وأضاف: "بالنسبة إلى ترامب، أصبح نتنياهو مصدر إزعاج لا يُسهم في تحسين الوضع المالي".

ربما لم يشرع ترامب في الهجمات العلنية التي ميّزت علاقته بقادة آخرين يخوضون حرباً يريد إنهاءها، مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أنّ التحركات السياسية الأخيرة قوضت أمن "إسرائيل"، وأضعفت مكانتها الدبلوماسية، وعارضت سياسة الدفاع الإسرائيلية، ولا سيما في ما يتعلق بكيفية التعامل مع إيران.

أعلن ترامب الأسبوع الماضي عن اتفاق لوقف إطلاق النار مع الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، واستثنى "إسرائيل"، ووصف المتمردين الحوثيين بـ"الشجعان" بعد أيام قليلة من إصابة أحد صواريخهم المطار الرئيسي فيها، ما دفع العديد من شركات الطيران الدولية إلى تعليق رحلاتها. وقد استمرت هجمات الحوثيين على "إسرائيل".

وسبق أن رفض ترامب الدعوات الإسرائيلية إلى عمل عسكري ضد إيران، وخاض بدلاً من ذلك محادثات مع طهران لإنهاء برنامجها النووي.

بعد أيام من اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، تسرّبت أنباء تفيد بأنّ إدارة ترامب تخلت عن مطلب مستمر من عهد بايدن بربط التقدم في برنامج نووي مدني سعودي بتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".

استبعدت السعودية التطبيع في ظل حرب "إسرائيل" على غزة. وقد أوضحت خطوة ترامب أنه لا يريد أن تكون يداه مكبلتين، وهو يتوجه إلى الرياض لاحقاً هذا الأسبوع لإبرام صفقات متوقعة بمليارات الدولارات.

ستشمل زيارته الأولى للمنطقة منذ عودته إلى البيت الأبيض أيضاً زيارات لقطر والإمارات العربية المتحدة، ولكن ليس لـ"إسرائيل". وكان هذا الغياب اللافت عن جدول أعمال الرئيس أمراً لا يُصدق في العقود الأخيرة.

قال إيلان باروخ، السفير الإسرائيلي السابق الذي يرأس حالياً مجموعة عمل السياسات، التي تدعو إلى حل الدولتين: "يبدو أنّ ترامب شرع في مسار جديد تماماً".

وأضاف: "كانت إسرائيل تتوقع من إدارة ترامب أن تحافظ على نهجها ضمن نموذج القناعات المشتركة والمصالح الاستراتيجية المتبادلة، إلا أنّ ترامب هو أول رئيس منذ جيل يضع هذه المعادلة موضع شك".

وقال ناداف إيال، الباحث في جامعة كولومبيا والمعلق في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، إنّ "الدعم القوي وطويل الأمد لإسرائيل يعني أنّ نتنياهو في وضع أفضل للاحتفاظ بالدعم الأميركي من زعيم مثل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي".

وأضاف: "أما بالنسبة إلى مدى خطورة الضرر، فأقول إنه ليس دائماً.. وهو لم يصل إلى أزمة شاملة بعد"، مشيراً إلى أنّ "كلا الجانبين سيحاول التخفيف من حدته والتفاوض وتجنّب تحويله إلى مواجهة علنية".

مع ذلك، يبدو احتفال نتنياهو بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية في بداية العام، عندما كان أول زعيم أجنبي يُدعى إلى البيت الأبيض في عهد ترامب الثاني، سابقاً لأوانه.

ورغم الاتفاق على إطلاق سراح ألكسندر من دون تشاور إسرائيلي، فإنّ نتنياهو ردّ في البداية، ليس بشكر ترامب، بل بنسبة الفضل إليه.

وقال مكتبه في بيان قبل إطلاق سراحه: "سيكون الإفراج المتوقع عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من دون أي مقابل ممكناً بفضل السياسة الحازمة التي انتهجناها بدعم من الرئيس ترامب، وبفضل الضغط العسكري الذي مارسه جنود جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع غزة".

يواجه نتنياهو بالفعل غضب عائلات الأسرى وأنصارهم، الذين يقولون إنه يُطيل أمد الحرب ومعاناتهم لتحقيق مكاسب سياسية شخصية. وقد وصف أحدهم، وهو عيناف تسينغاوكر، رئيس الوزراء يوم الاثنين بأنه "ملاك الموت"، لكن رد نتنياهو العنيف على إطلاق سراح ألكسندر يُهدد بإثارة غضب عدو أشد وطأة، أصبح شغفه الدائم بالثناء والاحترام أساساً للسياسة الخارجية العالمية من بكين إلى بروكسل.

أوضح منشور ترامب المحتفل بإطلاق سراح ألكسندر ما يتمنى رؤيته تالياً: "نأمل أن تكون هذه أولى الخطوات النهائية اللازمة لإنهاء هذا الصراع الوحشي. أتطلع بشوق إلى يوم الاحتفال ذاك!".

هناك دعم واسع داخل "إسرائيل" لإنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى، إذ تُظهر استطلاعات الرأي أنّ أكثر من ثلثي البلاد يؤيدون التوصل إلى اتفاق.

من بين الراغبين في مواصلة القتال، زعيما حزبين من أقصى اليمين في قلب ائتلاف نتنياهو. هذا يترك نتنياهو أمام خيار محتمل بين دعم حكومته أو دعم أهم علاقة لـ"إسرائيل".

قال الدبلوماسي السابق بينكاس: "إذا أراد نتنياهو عودة ترامب إلى صفه، فعليه القيام بأمور قد تُكلفه خسارة الائتلاف. إذا نظرت إلى سيرته الذاتية وخبرته، فستجد أنه يدرك تماماً كل هذا، ولكن إذا نظرت إلى سلوكه، ستجد أنه لا يعلم ما يجري".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.