"الغارديان": تركيا فشلت في تحقيق هدفها الوصول إلى "صفر نفايات"
عندما توقّفت الصين عن استقبال نفايات العالم، أصبحت تركيا مركز إعادة التدوير في أوروبا. إلا أنّ المشكلة تكمن في أنّ معظم المواد البلاستيكية لا يمكن إعادة تدويرها، وما تبقّى منها ليس سوى أكوام من النفايات السامّة.
-
"الغارديان": تحوّلت تركيا إلى واحد من أكبر الدول المتلقّية للبلاستيك على هذا الكوكب
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً تناولت فيه كيف تحوّلت تركيا إلى واحد من أكبر الدول المتلقّية للبلاستيك على هذا الكوكب، بعد أن وعد الرئيس التركي بأن تصبح بلاده خالية من النفايات.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
في ليلة باردة في أواخر عام 2016، وعلى بعد أميال قليلة من مدينة أضنة التركية، كان المزارع الكردي عز الدين أكمان يجلس على شرفة الطابق الثاني من منزله الكائن في مزرعته عندما توقّفت شاحنة بناء عند أطراف بساتين الحمضيات الخاصة به وألقت حمولة كبيرة من القمامة إلى جانب الطريق. وقبل أن يبتعد، أشعل سائق الشاحنة النار في كيس ورقي وألقاه فوق القمامة، ما تسبّب في اندلاع حريق هائل. قفز أكمان، وارتدى صندله، وركض بسرعة على طول ممره الترابي نحو كومة القمامة المتناثرة.
وعنده وصوله إلى مصدر النيران، وجد أكمان القمامة عبارة عن كتلة من النار. والمواد البلاستيكية الموجودة فيها أقلّ قابليّة للاشتعال من الخشب أو الورق، على الرغم من أنه تنبعث منها حرارة أكثر عند احتراقها. وهذه المواد قادرة على الانجراف بفعل عاصفة من الرياح وإشعال النار في نحو 50 فداناً من أشجار البرتقال والليمون العائدة لأكمان. فأحضر الماء لإخماد الحريق، وبعد نحو ساعة بدأت النيران تخمد لتكشف عن قاعدة مليئة بآلاف من بقايا القمامة نصف المحترقة. ركع أكمان لتفحّص الكومة المشتعلة، وقلب أجزاء من أغلفة الحلوى وأوعية المكياج بأصابعه قبل أن يصطدم بشيء غريب. الكتابة على الغلاف لم تكن كردية ولا تركية أيضاً. وظلّ يفتّش في البلاستيك الذي لا يزال مستعراً، بحثاً عن ملصقات الأسعار التي وجد منها الكثير، لكنها كانت باليورو والجنيه.
لعقود من الزمن، كان أكمان، وهو رجل نحيف في منتصف العمر، مثل الأجيال السابقة، يكسب رزقه من حصاد البرتقال والليمون وتصديرهما إلى أوروبا. والآن يبدو أنّ أوروبا ترسل نفاياتها في الاتجاه المعاكس، إلى أطراف بساتين الحمضيات. لم يكن بوسع أكمان إلا أن يشعر بالذهول من علبة العصير المتفحّمة التي تبرز من الكومة. وقال لي بينما كنّا نسير عند أطراف مزرعته: "لعلّها صُنعت باستخدام البرتقال الذي أزرعه".
وبعد أسابيع قليلة من رمي النفايات إلى جانب ممتلكات أكمان، بدأت أوراق عدد من أشجار الحمضيات الخاصة به تتحوّل إلى اللون الأصفر، ثم بدأ البرتقال والليمون بالسقوط على الأرض. وبعد مرور عام، لم تَعد الأشجار تثمر على الإطلاق. وقد اتضح أنّ حمولة شاحنة من القمامة المشتعلة على طول جانب مزرعة الحمضيات، حتى لو احترقت لمدة ساعة، قد تكون سبباً في أضرار طويلة الأمد. فالدخان المتصاعد من القمامة المحترقة مسؤول على الأرجح عن القضاء على النحل الذي يساعد في تلقيح الأشجار، والقطع التي لا تُعدّ ولا تُحصى من المواد البلاستيكية نصف المنصهرة التي جرفتها المياه إلى الجدول الذي يوفّر المياه لنظام الريّ، تفتّت إلى مليارات من المواد البلاستيكية الدقيقة والملوّثات التي تمتصها الأشجار وأدّت إلى تزاحم جذورها مثل جزيئات الدهون في الشرايين البشرية.
منذ طرح المواد البلاستيكية على نطاق واسع في المعارض التجارية في أربعينيات القرن الماضي، تمّ تسويق البلاستيك للجمهور باعتباره مادّة يمكن أن تختفي عن الأنظار بمجرّد أن يقرّر المستهلك التخلّص منها. ويتمّ تصنيعه من المنتجات الكيميائية الثانوية لتكرير المواد الهيدروكربونية، وله ميزتان: إنتاجه رخيص بشكل مفرط، لأنّ لبناته الأساسية تنتج من إنتاج الطاقة نفسها، وهو مناسب جداً للاستخدام. ومع ذلك، يرافق البلاستيك تكلفة بيئية غير مستدامة، وهو بمثابة قنبلة موقوتة كونيّة، بحيث تتطلّب الأغراض التي اسُتخدمت لثوانٍ معدودة مقاييس زمنية جيولوجية لتتحلّل. وحتى لو كانت عملية إعادة تدوير البلاستيك ناجحة ومربحة وآمنة، فإنها لن تعالج المحرّك الذي يقود أزمة النفايات العالمية.
وفي صيف عام 2017، أعلنت سيدة تركيا الأولى، أمينة إردوغان، عن خطة جديدة لتحويل تركيا على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة إلى دولة خالية من النفايات. وأوضحت إردوغان أنّ التحوّل في تركيا سيبدأ من داخل منازل الأتراك الذين سيقومون بالتخلّص من نفاياتهم، على عكس البلدان الأخرى التي شرعت في بناء مستقبل أخضر من خلال خفض انبعاثات الوقود أو بناء مزارع الرياح أو فرض الضرائب على مخرجات الكربون.
لقد كان سجل البلاد الأخير في التخلّص من النفايات فظيعاً. فعلى مدى السنوات الـ30 الماضية، أصبحت تركيا مدمنة على البلاستيك كأيّ دولة في العالم. فشبكة النوافير العامّة، التي تُعدّ تقليداً يعود تاريخه إلى 500 عام من عهد السلاطين العثمانيين الذين كانوا يطمحون إلى تزيين كلّ مجتمع في منطقتهم بـ"سبيل" مصنوع من الرخام لتوفير مياه الشرب المجانية، حلّت محلّها زجاجة المياه المصنوعة من مادة الـ"بولي إيثيلين تيريفثاليت"، التي تمّ إدخالها إلى تركيا في عام 1984 وكان الأتراك يشترونها بعشرات الملايين يومياً في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وأفسحت أسواق الشوارع التي تبيع الفواكه والمكسّرات للمتسوّقين الذين يحملون أكياساً مصنوعة من القطن المجال أمام محلات السوبر ماركت باستخدام في كل عملية شراء أكياس من الـ"بولي إيثيلين" منخفض الكثافة، تلك الأكياس البلاستيكية الهشّة للغاية التي يمكنك الرؤية من خلالها، والتي بحلول عام 2010 كان الأتراك يتخلّصون منها بمعدل 35 مليار دولار سنوياً.
وكان أكثر من 90% من كلّ هذا البلاستيك ينتهي به الأمر في مكبّ النفايات أو في الريف أو البحر، وهي مهزلة سُجّلت في الوقت الحقيقي في الفيلم الوثائقي لفاتح أكين "القمامة في جنة عدن" (Garbage in the Garden of Eden)، حيث يعود المخرج الألماني التركي الشهير بعد غياب طويل إلى قرية أجداده الخلّابة لزراعة الشاي في الجبال فوق البحر الأسود، ويؤرّخ خطة تحويل ضواحيها إلى مكبّ في الهواء الطلق. لم يكن أحد في القرية يريد مكبّ النفايات؛ لقد خطّطت السلطات من وراء ظهورهم ومضت قدماً في مشروعها. والنتيجة هي المشكلة المتوقّعة تماماً والمتمثّلة في تدفّق البلاستيك إلى القرية.
وتهدف الحملة التي أطلقتها السيدة الأولى برعاية الدولة إلى "منع النفايات غير الخاضعة للرقابة" من خلال جمع البلاستيك بكفاءة وإعادة تدويره، ما يؤدّي إلى توفير "عالم صالح للعيش للأجيال القادمة". وقد حظي مشروع "صفر نفايات" بالإشادة ونال عدداً من الجوائز من مؤسسات عالمية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي. كما تمّ نشر مشروع "صفر نفايات" كأداة للسياسة الخارجية، والذي تتبنّاه البعثات الدبلوماسية التركية في جميع أنحاء العالم لتأكيد التزامها بمكافحة أزمة المناخ.
وقد برزت مشكلة صغيرة لدى تنصيب تركيا نفسها دولة خالية من النفايات. فبمجرّد إعلان إردوغان عن مبادرتها، ظهرت تركيا كواحدة من أكبر الدولة المتلقّية - وواحدة من أكبر مكبّات النفايات - للنفايات البلاستيكية على هذه الأرض. وبعد أشهر قليلة من إشعال النار في شاحنة محمّلة بالقمامة من المملكة المتحدة وأوروبا إلى جوار بساتين الحمضيات الخاصة بعز الدين أكمان، وبعد أسابيع فقط من إعلان إردوغان تركيا دولة خالية من النفايات، أبلغ الحزب الشيوعي الصيني العالم في عام 2017 أنّ بلاده توقّفت عن استقبال النفايات.
في التسعينيات، كان يتمّ شحن النفايات البلاستيكية بشكل كبير إلى الدول الفقيرة التي كانت في حاجة ماسّة إلى فرص اقتصادية من أيّ نوع، مع العلم أنّ هذه الدول كانت بالكاد تستطيع إدارة مخرجات النفايات المتراكمة لديها. وفي الفترة نفسها، أصبحت الصين الجهة المتلقّية لنصف كمية البلاستيك الموضوعة في حاويات إعادة التدوير في أيّ مكان على وجه الأرض، من أكياس الحبوب المترّبة إلى مصاصات عبوات الصودا المجعّدة إلى علب البيض المصنوعة من البوليسترين - كلّ هذه الأشياء التي لم تفكّر في التخلّص منها لسنوات أصبحت عناصر لرحلات شاقة تمتدّ عبر الكرة الأرضية وتقذف غاز الكربون، حيث يتمّ نقلها بالشاحنات إلى منشأة قريبة لاستعادة الموادّ وبعد ذلك إلى الميناء، ثم يتمّ شحنها لآلاف الأميال بعد ذلك إلى عدد من مئات القرى الصينية المتخصصة في معالجة مضمون حاويات إعادة التدوير الخاصة بك.
وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبحت المخلّفات الأميركية واحدة من أكبر صادرات الولايات المتحدة إلى الصين. وعندما أبلغت الصين العالم أنها لن تقبل نفاياتها البلاستيكية بعد اليوم، قام عدد من الدول الغنية بتحديد المشترين الجدد اليائسين، أو نقلها عبر الحدود غير الخاضعة للحراسة، واستمرّت في الإصرار على إعادة تدوير نفاياتها. وبعد أشهر من الحظر الذي فرضته الصين على الواردات، بدأت نفايات اليونان في الظهور في ليبيريا؛ وكانت نفايات إيطاليا تدمّر شواطئ تونس؛ كما بدأ البلاستيك الهولندي يغزو إندونيسيا، مستعمرتها السابقة. واضطرت بولندا إلى تجنيد وحدة شرطة خاصة للقيام بدوريات بحثاً عن النفايات التي يتمّ نقلها بالشاحنات من ألمانيا. وتضاعفت صادرات النفايات من أوروبا إلى أفريقيا 4 مرات، وأصبحت ماليزيا أكبر متلقٍ للنفايات البلاستيكية الأميركية في العالم، في حين هدّدت الفلبين كندا بشنّ حرب بسبب إرسالها حاويات من الحفّاضات القذرة إلى العاصمة مانيلا. وفي غضون أقلّ من عام من إطلاق إردوغان لمشروع "صفر نفايات"، شقّ أكثر من 200 ألف طن من النفايات البلاستيكية التي كانت ستتجه إلى جنوب شرق الصين طريقها بدلاً من ذلك إلى جنوب شرق تركيا.
وتعمل تجارة النفايات العالمية على نقل القمامة من أغنى دول العالم إلى تلك الأماكن التي لا تستطيع تحمّل تكاليف التعامل معها. فهي مشروع إجرامي صريح، وكانت تركيا بمثابة واجهة عرض له. فكان معظم البلاستيك الذي تستورده يصل من المملكة المتحدة، حيث قام وسطاء النفايات - الشركات التي تعمل كوسطاء بين جمع النفايات المموّلة من القطاع العامّ والشركات الخاصّة - بتضييق نطاق الحافز الفاضح لتصدير النفايات. وتلقّت شيكات من دولة عانت، في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، للعثور على سائقي الشاحنات وعمال الموانئ، ما أدّى إلى ارتفاع تكاليف النقل وتأخير كبير وتراكم أكوام النفايات. وعندما أعلنت الصين أنها لن تأخذ النفايات البلاستيكية من العالم بعد الآن، رفعت المملكة المتحدة يديها وألقت مهمة إدارة النفايات على عاتق أيّ جهة ترغب في القيام بها.
وسرعان ما تمّ شحن نصف النفايات البلاستيكية التي أصرّت المملكة المتحدة على إعادة تدويرها إلى الخارج، ونصفها تقريباً إلى تركيا، وكلّ ذلك خلال سنة واحدة فقط. وفي غضون ثلاث سنوات من إعلان إردوغان عن مشروع "صفر نفايات"، تمّ تحويل أكثر من 750 ألف طن من البلاستيك القديم إلى الأناضول من جميع أنحاء أوروبا، ما حوّل تركيا إلى أكبر دولة متلقّية للنفايات البلاستيكية على هذا الكوكب. فكانت كلّ 6 دقائق تدخل البلاد شاحنة نفايات واحدة مليئة بالنفايات المقبلة من الخارج.
ولكي نكون منصفين، فإنّ بعض النفايات البلاستيكية التي تمّ شحنها إلى جنوب شرق تركيا سيتمّ استخدامها فعلياً. ومع ذلك، لم يكن مصيرها أبداً العودة إلى شكلها السابق، بل التحوّل إلى سلع منزلية رديئة. ومن خلال عملية ملوّثة ومستهلكة للطاقة بشكل مذهل، تمّ تنظيف البلاستيك الغربي، وتمزيقه إلى رقائق، ثم اختزاله كيميائياً، ثمّ تحويله إلى مادة البوليستر، التي بدأت في السنوات الأخيرة تحلّ محلّ القطن التركي ذائع الصيت عالمياً باعتباره المادة المفضّلة لصناعة الملابس في البلاد. وفي حال لم يتمّ تحويله إلى حشوة للسجاد أو مناشف للأطباق، فسيتمّ حرق بعض البلاستيك في عدد من مصانع الأسمنت في تركيا، لتوفير وقود رخيص أو حتى مجانيّ، لصالح قطاع البناء الذي استفاد من بناء وحدات سكنية مهملة في جميع أنحاء الأناضول.
إلا أنّ الكثير من البلاستيك الذي تمّ إرساله إلى جنوب شرق تركيا كان متسخاً للغاية بحيث لا يمكن تحويله إلى بساط حمام أو حرقه كوقود. وسيكون مصيره مماثلاً لمصير النفايات التي شاهدها عز الدين أكمان وهي تحترق عند أطراف مزرعته. وسيتمّ إلقاء الموادّ البلاستيكية سرّاً في مكان ما في الريف وتقضي عشرات الآلاف من السنين المقبلة في التحلّل إلى مليارات القطع البلاستيكية الصغيرة التي ستذهب إلى البحر وتدمّر الأراضي الزراعية.
في بداية عام 2021، خطرت في بال الناشطين والصحافيين في جميع أنحاء أوروبا فكرة إدخال شرائح نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في الزجاجات الفارغة لمنظّفات الغسيل أو صابون غسّالة الأطباق، وإيداعها في حاويات إعادة التدوير المحلية، ثم تتبّع حركتها على بعد آلاف الأميال إلى الشرق، إلى أقصى حدود تركيا. وفي إحدى الحالات، لاحظ الصحافيون كيساً بلاستيكياً يسقط في حاوية إعادة التدوير أمام واجهة أحد متاجر شركة "تيسكو"، وهي سلسلة متاجر كانت ترغب في الإعلان عن التزامها بالاستدامة، وتمّ توجيهه مسافة 80 ميلاً من لندن إلى مدينة هارويتش الساحلية، ومن هناك إلى هولندا عن طريق السفن، ثم إلى بولندا بواسطة شاحنة قبل أن يتمّ إرساله أخيراً مسافة 2000 ميل جنوباً إلى ضواحي أضنة، حيث تمّ العثور عليه في ساحة صناعية مليئة بأطنان من النفايات الأوروبية الأخرى.
وبحلول عام 2022، كان يتمّ التخلّص من الكثير من النفايات الأجنبية تحت جنح الليل حول أضنة، عبر الوديان أو على طول الأنهار أو على أطراف المزارع، بحيث كانت الطريقة الوحيدة لعلماء البيئة المحليين لتتبّع وصولها مراقبة المنطقة من عدة آلاف من الأقدام في الهواء باستخدام طائرات مسيّرة. وقال لي سيدات غوندوغدو، عالم الأحياء البحرية في جامعة تشوكوروفا في أضنة: "في كلّ شهر نعثر على كومة كبيرة جديدة من القمامة".
وخلال رحلة العودة من أضنة، وبينما كنت أتصفّح هاتفي، عثرت على مقال حول خطة أخرى للحكومة التركية تهدف إلى تحقيق "خفض كبير في البصمة الكربونية" للبلاد. وكانت هذه الخطة تركّز، من بين جميع الأماكن، على المكان الذي غادرته للتوّ. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2021، سافر الرئيس رجب طيب إردوغان إلى أضنة لوضع حجر الأساس لمصنع بتروكيماويات جديد. وأصرّ صندوق الثروة السيادية التركية، الذي كان يخصص 10 مليارات دولار لـ"منطقة صناعة البتروكيماويات الكبرى في جيهان"، على نواياه البيئية الحسنة. وزعم أنّ تحويل جنوب شرق تركيا إلى "مركز عالمي للبتروكيماويات" من شأنه أن يقلّل من اعتماد البلاد على مادة الـ"بولي إيثيلين" المستوردة، وبالتالي تحرير رأس المال التركي لمكافحة تغيّر المناخ على المدى الطويل. وبدا هذا المنطق وكأنه محاكاة ساخرة للحجج التي ساقها بعض المدافعين عن التحوّل إلى الطاقة الخضراء، والذين يؤكّدون أنّ تسريع وتيرة إنتاج الكربون في السنوات القليلة المقبلة له ما يبرّره من خلال تبسيط مصادر الطاقة النظيفة التي قد يضمنها لبقيّة الوقت.
وبالتالي، لن تستمرّ تركيا بعد الآن في التظاهر بأيّ التزام بمستقبل خالٍ من النفايات. وبدلاً من ذلك، ستخوض بنفسها مجال تصنيع البلاستيك أي 3 مليارات رطل منه سنوياً، ما يعادل 60 مليار زجاجة مياه بلاستيكية. ولن نحتاج بعد الآن إلى طائرات مسيّرة لتتبّعها، بل ستكون ماثلة أمامنا مباشرة.
في النهاية، تحوّلت تركيا إلى واحد من أكبر الدول المتلقّية للبلاستيك على هذا الكوكب، وإلى مكان ليس لديه خيار آخر سوى الانفتاح على إنتاج المادة نفسها التي تدمّر تلاله وأنهاره ومزارعه.
نقلته إلى العربية: زينب منعم.