"المونيتور": مسار تصادمي.. نتنياهو اليائس يدفع بخطة عسكرية جديدة في غزة وجيشه يرفض

من المتوقع أن يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تصعيد العملية العسكرية في قطاع غزة، وربما يأمر "الجيش" الإسرائيلي بالسيطرة على كل القطاع.

0:00
  • "المونيتور": مسار تصادمي.. نتنياهو اليائس يدفع بخطة عسكرية جديدة في غزة وجيشه يرفض

موقع "المونيتور" الأميركي ينشر مقالاً يتناول أزمة سياسية وعسكرية متصاعدة في "إسرائيل" تتمحور حول إصرار بنيامين نتنياهو على استئناف القتال في غزة والسيطرة الكاملة على القطاع، رغم إدراكه لصعوبة تحقيق ذلك عسكريًا وسياسيًا.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

صرّح مسؤول لم يُكشف عن هويته في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لوسائل الإعلام الإسرائيلية يوم الإثنين أنّ الأخير عازم على تجديد القتال العنيف من أجل السيطرة على قطاع غزة بأكمله، وهي خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تعكس ركود الحكومة في مواجهة الحرب التي استمرت 22 شهراً.

في الواقع، يعكس هذا البيان الطريق المسدود الذي وصل إليه نتنياهو: فهو لم يتمكن من إنهاء حركة حماس أو إجبارها على إطلاق سراح أكثر من 50 رهينة - أحياء وأموات - ما زالوا في الأسر.

في غضون ذلك، يواجه ضغوطاً دولية مكثفة بسبب المجاعة المنتشرة بين سكان غزة الفلسطينيين واحتجاجاً محلياً متزايداً بسبب تزايد الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية.

لا شك أنّ نتنياهو يدرك جيداً عدم جدوى تجدد القتال ضد حماس، التي تم تدميرها كذراع منظّم لكنها لا تزال قوة حرب عصابات قاتلة متمركزة في مناطق حضرية كثيفة، والمهمة الهائلة المتمثلة في حكم منطقة مدمرة وسكانها البالغ عددهم مليوني نسمة. ولكنه يظل مرتبطاً بشركائه السياسيين المتطرفين في ائتلافه الذين عزموا على الاستيلاء على قطاع غزة وإحياء المستوطنات اليهودية التي اقتلعتها "إسرائيل" قبل عشرين عاماً.

انقسامٌ في القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية

صرّح نتنياهو يوم الإثنين بأنه سيعقد اجتماعاً لمجلسه الوزاري الأمني المصغر هذا الأسبوع لمناقشة كيفية توجيه الجيش لتحقيق أهداف الحرب المعلنة. ومن المتوقع أن يناقش المسألة مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الأركان إيال زامير، ورؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الأخرى مساء الثلاثاء.

يزعم نتنياهو أنه يريد إنهاء الحرب وتحرير الرهائن الأحياء، والذين يُقدر عددهم بعشرين رهينة، والذين لا يزالون محتجزين في أنفاق حماس. وتُظهر الصور الأخيرة التي نشرها خاطفوهم أنهم أيضاً يُجوعون. ومع ذلك، من الواضح أنه غير مستعد لدفع الثمن السياسي. والأهم من ذلك كله، يريد نتنياهو وقتاً كافياً ليتجاوز العطلة التشريعية الصيفية بائتلافه الحاكم سليماً، ولضمان بقائه لأطول فترة ممكنة قبل إجباره على إجراء انتخابات في وقت ما من العام المقبل. تشير أفعاله إلى أنّ بقاءه الشخصي له الأولوية على مصالح الدولة التي يقودها، كما تشير آماله في أن يُطمس الزمن ذكرى مجزرة حماس التي وقعت في عهده في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وقال نتنياهو في مقطع فيديو قصير يوم الإثنين: "أنا مصمم على مواصلة الحرب، والقضاء على حماس، وتحرير أبنائنا المختطفين". وأعقب المقطع تصريحات منسوبة إلى مساعدين مجهولين، أبلغوا فيها قائد الجيش الفريق زامير بأنه إذا لم يوافق على السياسة الجديدة، فعليه الاستقالة. ويُختتم هذا التهديد المُبطّن أسابيع من التوترات المُعلنة بين نتنياهو وقائد الجيش. فقد ولت الإشادات بنهج زامير "العدائي" عندما عيّنه نتنياهو قبل ستة أشهر فقط.

من جانبها، تُوضح القيادة العسكرية الإسرائيلية افتقارها للبنية العسكرية اللازمة لتنفيذ خطط نتنياهو الطموحة. فوسط إرهاق متزايد وضغط شديد على الجيش النظامي وقوات الاحتياط بعد قرابة عامين من القتال على سبع جبهات، أعلن الجيش يوم الاثنين إلغاء خطط الطوارئ لتمديد الخدمة الإلزامية لوحدات المشاة والقوات الخاصة لمدة أربعة أشهر. وصرح مسؤول دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "من غير الواضح كيف يُفترض أن يُؤدي هذا إلى كسر حماس. يبدو أنّ حكومتنا هي الوحيدة التي تعرف ذلك".

يواجه نتنياهو مأزقاً، إذ يبدو أنه لا يستطيع إيجاد استراتيجية خروج من غزة تُرضي المتطرفين في حكومته. ويقول العديد من المعلقين الإسرائيليين إنها أزمة من صنع يديه: فبعد التزامه بوقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع حماس في كانون الثاني/يناير، انتهك الاتفاق برفضه الدخول في مناقشات بشأن مرحلته الثانية. ثم قرر نتنياهو في آذار/مارس استئناف القتال ووقف المساعدات الإنسانية، مدعياً أنّ هذه الإجراءات ستزيد الضغط على حماس لتحرير الرهائن ونزع سلاحها.

منذ أيار/مايو، قُتل ما يقرب من 50 جندياً إسرائيلياً في غزة، كثير منهم بعبوات ناسفة بدائية الصنع نشرتها حماس. ولا يزال الرهائن في وضع يرثى له. وقد فشل استخدام "إسرائيل" المثير للجدل لمتعاقد أميركي خاص لتوصيل المساعدات الإنسانية في تخفيف الجوع وسوء التغذية. كما أدى ذلك إلى مقتل العشرات من سكان غزة الجائعين يومياً، كثير منهم برصاص القوات الإسرائيلية التي كانت تطلق النار لتفريق الحشود اليائسة المتجمعة على نقاط توزيع المساعدات.

في غضون ذلك، رفضت حماس جميع الشروط الأميركية والإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق. وبدلاً من زيادة الضغط على حماس، تواجه "إسرائيل" الآن إدانة دولية متزايدة، وتتحول إلى دولة منبوذة بوتيرة أسرع بكثير من تفكيك حماس. ويبدو أنّ حماس، من جانبها، قد عززت موقفها التفاوضي.

هل خُدع ويتكوف؟

بغض النظر عن تهديدات نتنياهو، من غير المرجح أن تكون العمليات العسكرية الإسرائيلية المتوقعة في غزة دراماتيكية، محدودة بالقوة البشرية والضغط الداخلي. ومع ذلك، قد تكون عواقبها كارثية على اقتصاد "إسرائيل" ومكانتها الدولية.

صرح مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "إن احتلال قطاع غزة مهمة لا يستطيع الجيش، في وضعه الحالي، إنجازها. فهو يسيطر بالفعل، بشكل مباشر أو غير مباشر، على أكثر من 70% من القطاع". وأضاف: "يمتنع الجيش عن العمل في المناطق التي نعتقد أن الرهائن محتجزون فيها. سيُعرّض الأمر الجديد حياة المختطفين للخطر. فرص نجاتهم في ظل هذه العملية معدومة".

أظهرت مقاطع فيديو نشرتها حماس خلال عطلة نهاية الأسبوع رهينتين في حالة هزيلتين هما روم براسلافسكي وإفيتار ديفيد. وأثار ذلك صدمة وغضباً واسعين في "إسرائيل". 

زعم مسؤول لم يُكشف عن هويته في مكتب نتنياهو أنّ خطوة الاستيلاء على قطاع غزة نُسِّقت مع البيت الأبيض. وصرح مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع آخر لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "أعطى ترامب نتنياهو الضوء الأخضر للمضي قُدُماً". ومع ذلك، لم يُؤكَّد هذا الأمر.

زار ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، "إسرائيل" وقطاع غزة في الأيام الأخيرة، والتقى بكبار المسؤولين وعائلات الرهائن. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع سابق لموقع "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته: "لم يُدرك ويتكوف أن نتنياهو ورجاله يتلاعبون به. لا مفرّ من هذا التشابك الدبلوماسي، ويبدو الاقتراح الإسرائيليّ باستئناف القتال أشبه بخطوة يائسة".

يوم الاثنين، أرسل نحو 600 مسؤولٍ أمني إسرائيلي سابق، بمن فيهم رؤساء سابقون للموساد والجيش، رسالةً مفتوحةً إلى ترامب يحثّونه فيها على الضغط على "إسرائيل" لإنهاء الحرب في غزة. وكتبوا: "إنّ مصداقيتكم لدى الغالبية العظمى من الإسرائيليين تعزز قدرتكم على توجيه رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته نحو المسار الصحيح: إنهاء الحرب، وإعادة الرهائن، ووقف المعاناة".

نقلته إلى العربية: بتول دياب.