"ذا إنترسبت": خداع ترامب وأهداف نتنياهو.. هل تصمد سفينتهما أمام الواقع؟

بهجوم "إسرائيل" على إيران، يستطيع نتنياهو صرف الانتباه عن أزماته الداخلية الكثيرة. ويستطيع ترامب استرضاء مؤيّديه المزيّفين المناهضين للحرب، وكذلك المتشدّدون.

0:00
  • غارات إيرانية على حيفا (أ ف ب)
    غارات إيرانية على حيفا (أ ف ب)

موقع "ذا إنترسبت" الأميركي ينشر مقالاً يناقش التواطؤ الأميركي غير المعلن في العدوان الإسرائيلي على إيران، ومحاولات "إسرائيل" المكشوفة لتبرير العدوان تحت غطاء "الضربة الاستباقية".

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

في الساعات الأولى من صباح يوم 13 حزيران/يونيو، شنّت "إسرائيل" هجوماً كان متوقّعاً بشكل أو بآخر لما يقرب من 20 عاماً: هجوم شامل على البرنامج النووي الإيراني، وفي خطوة صدمت العديد من المراقبين، استهداف هيكلها العسكري. اغتيل عدد من كبار قادة حرس الثورة الإسلامية، والقوات المسلحة الإيرانية ككلّ. وقُصفت منشآت نووية حيوية في نطنز وفوردو بقصد التدمير. يوم الجمعة، ردّت إيران بإطلاق عدة جولات من الصواريخ الباليستية في قلب "تل أبيب"، مستهدفةً وزارة الدفاع الإسرائيلية وقواعد عسكرية أخرى في المنطقة، بحسب ما ورد.

وكان مبرّر "إسرائيل" لهجومها يعتمد مجدّداً على فكرة "الضربة الاستباقية". إنها أسطورة تعود إلى الخيال القائل بأنّ مصر كانت تخطّط لهجوم وشيك على القوات الإسرائيلية في عام 1967، وبالتالي كان من المبرّر لـ "إسرائيل" أن تدمّر "استباقياً" القوة العسكرية المصرية وتحتل سيناء والجولان والضفة الغربية وغزة.

هنا، تُعامل المخاطر بالقدر نفسه من الأهمية. تُشيد مقاطع فيديو لـ "الجيش" الإسرائيلي بأنه يقاتل من أجل مستقبل الغرب، وأنه "لم يكن لديه خيار آخر" سوى التحرّك ضدّ تهديد وجودي، ليس فقط ضدّ "إسرائيل"، بل ضدّ كلّ دولة تقع ضمن نطاق أهداف ترسانة الصواريخ الإيرانية الهائلة.

لقد انطلقت آلة الدعاية الإسرائيلية بكامل قوتها، مُروّجةً ادّعاءات حول كميّة اليورانيوم الصالحة لصنع الأسلحة التي يُزعم أنّ إيران تمتلكها، وعدد القنابل النووية التي يُمكنها إنتاجها، ومدى حاجة "إسرائيل" المُلِحّة للضرب في لحظة ضعف مُتصوَّرة.

بإشعال الحرب التي طالما حلمت بها المؤسسة الإسرائيلية لعقود، يستطيع نتنياهو العمل على تحقيق هدفه طويل الأمد المتمثّل في إخضاع المنطقة، وعلى المدى القريب، تحويل الانتباه المحلّي والدولي بعيداً عن الفظائع التي يرتكبها "جيشه" في غزة. الآن، سينصبّ التركيز على الحرب مع طهران، عاصمة عدو لا مثيل له في الفكر الغربي. يمكن استدعاء جنود الاحتياط بأعداد كبيرة، ليس للقيام بجولة أخرى فيما يُعرف بأنه مستنقع لا يُطاق، بل من أجل قضية أسمى - قضية لم يثبت بعد استحالة كسبها.

يمكن تجاهل أيّ مخاوف سائدة بشأن قيام الأحزاب الدينية في الكنيست بإسقاط حكومة نتنياهو، وكذلك المخاوف بشأن محاكمته بتهم الفساد أو رغبته في إصلاح القضاء. حتى الخوف المتزايد من أنّ آلة الحرب الإسرائيلية تدمّر سمعتها يمكن تجاهله في الوقت الحالي. كيف، وفقاً لهذا التفكير، هل يمكن لـ "إسرائيل" أن تكون "دولة" منبوذة إذا كانت تعمل بتنسيق كامل مع الولايات المتحدة للدفاع عن نفسها؟

بتصوير هذه الجبهة الجديدة كخطوة جريئة لاستباق هجوم وهمي بقنبلة نووية غير موجودة، يمكن لنتنياهو أن يمنح مزايا كونه صانع سلام مفترضاً. سيتعزّز موقفه بالرواية القائلة بأنه هو من يدفع نحو اتفاق جيّد لـ "إسرائيل"، على الرغم من محاولته اغتيال أحد المفاوضين الرئيسيين، الأدميرال علي شمخاني، في إحدى الضربات على طهران.

من جانبه، يحاول ترامب أيضاً اللعب على كلا الجانبين. فعلى الرغم من تصريح نتنياهو الذي زعم فيه وجود تنسيق أميركي بشأن الهجوم، زعم وزير الخارجية ماركو روبيو أنّه كان قراراً إسرائيلياً أحادي الجانب، ولكنه قرار، بالطبع، يحظى بدعم أميركا الكامل. ومع ذلك، فإنّ اتصالات ترامب منذ الهجوم لم تُشر إلّا إلى دعم كامل وغير مقيّد، متصرّفاً كما لو أنه لم يكن له يد في هجوم حقّق جميع الأهداف الأميركية السابقة.

مثل نتنياهو، يستطيع ترامب الاستمرار في الادّعاء بأنه لا يزال يرغب في حلّ دبلوماسي: عودة إيران إلى المحادثات. ففي النهاية، "المتشدّدون" "ماتوا جميعاً الآن"، كما كتب على موقع "تروث سوشيال"، لذا عليهم قبول الشروط قبل فوات الأوان. لقد حصل كلٌ من الحشد المناهض للحرب المزيّف الذي دعم ترامب، والصقور المؤيّدين للحرب، على ما أرادوه في آنٍ واحد: أميركا يُفترض أنها غير متورّطة في حروب تغيير النظام الصعبة التي أطلقت العنان لوكيلٍ ككلب هجومي لقتل الإيرانيين كيفما تشاء.

كان الخداع الذي أدّى إلى هذه اللحظة علنياً وسافراً. كتب باراك رافيد في موقع "أكسيوس": "كان ترامب ومساعدوه يتظاهرون فقط بمعارضة هجوم إسرائيلي علناً، ولم يُعربوا عن معارضتهم سراً". زعم أحدهم: "لقد حصلنا على ضوء أخضر أميركي واضح".

ويبقى السؤال الآن: إلى متى سيستمر هذا التناقض الهائل في الرسائل؟ لطالما كانت الحرب المحتملة مع إيران بمثابة مستنقع من المستنقعات، دوامةٌ تجنَّبت جميع الإدارات الأميركية والإسرائيلية السابقة الانجراف إليها. والآن، وقد بدأت القنابل بالتساقط، بات من الواضح أنّ الأشرعة قد شُدَّت. فهل يمكن لمثل هذه السفينة أن تصمد أمام الواقع؟

نقلته إلى العربية: بتول دياب.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.