"نيزافسيمايا غازيتا": الغرب يحضّر أوكرانيا لحملة عسكرية عام 2024

حتى الآن، لم تساعد الطائرات المسيرة والمساعدات العسكرية الغربية والصواريخ القوات المسلحة الأوكرانية على تحقيق أي نتائج مهمة، وفق التقارير الواردة من خط التماس القتالي، حيث أنّ المعارك لا تزال تدور هناك بينما تنفد احتياطيات كييف.

  • فلاديمير بوتين: تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بأسلحة جديدة لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع على الجبهة
    فلاديمير بوتين: تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بأسلحة جديدة لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع على الجبهة

في مقالة بعنوان "الغرب يحضّر أوكرانيا لحملة عسكرية عام 2024"، يتناول المراقب العسكري في صحيفة "نيزافيسيمايا غاويتا" المسكوفية، توجهات "الناتو" في حربه مع روسيا على الأراضي الأوكرانية، بعد فشل الهجوم المضاد، فهل المطلوب إطالة أمد الحرب أطول مدة ممكنة؟  

بعد فشلها في تحقيق نجاحات ملموسة على الأرض خلال الهجوم المضاد، تقوم كييف بإعداد قوات احتياطية جديدة لهجوم العام المقبل. وفي الوقت نفسه، وفي محاولة لاختراق بحر آزوف، تكثف القوات المسلحة الأوكرانية هجماتها على أهداف مهمة في عمق الأراضي الروسية.

ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام الغربية، زادت كييف إنتاج الطائرات المسيرة، وتنتظر وصول صواريخ "أتاكمس" و"تاوروس" عالية الدقة وبعيدة المدى من الولايات المتحدة وألمانيا، وتستعد أيضاً لاستخدام المقاتلات الأميركية والسويدية.

في ليلة 14 أيلول/سبتمبر، حاولت 11 طائرة مسيرة مهاجمة أهداف في شبه جزيرة القرم. وبحسب وزارة الدفاع الروسية فقد تمّ تدميرها جميعاً. كما تمّ القضاء على الطائرات الأوكرانية المسيرة فوق منطقتي بريانسك (ست طائرات) وبيلغورود (طائرة واحدة).

وفي وقت مبكر من ذلك اليوم، حاولت البحرية الأوكرانية مهاجمة سفينة الدورية "سيرغي كوتوف" في البحر الأسود بخمسة زوارق بحرية مسيرة عن بعد. وقد دمرت البحرية الروسية جميع الأهداف. ومع ذلك، إذا حكمنا من خلال تقارير وسائل الإعلام، فإنّ عدد الهجمات التي تشنها القوات المسلحة الأوكرانية على أهداف عسكرية ومدنية في الاتحاد الروسي آخذ في الازدياد. وبحسب حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف جلادكوف، قصفت القوات المسلحة الأوكرانية المنطقة 131 مرة على الأقل خلال الـ 24 ساعة الماضية. 

على هذه الخلفية، أفادت وكالة "رويترز" بأنّ القلق الأوكراني من شركة "أنتونوف" تسرع وتيرة إنتاج الطائرات المسيرة عبر فتحها مصنعاً جديداً. وبحسب الوكالة، هناك نحو 200 شركة مصنعة للمسيرات في أوكرانيا، وقد وقعت القوات المسلحة الأوكرانية عقوداً لتوريد 30 طرازاً جديداً من المسيرات المنتجة محلياً. ويشارك مهندسون سابقون من "أنتونوف" في تطوير الطائرات المسيرة بعيدة المدى. وسبق أن زعمت وسائل إعلام أوكرانية أنه سيتم إنتاج نحو 200 ألف طائرة مسيرة في أوكرانيا عام 2023.

في الوقت نفسه، تقترب الولايات المتحدة تقترب من اتخاذ قرار بتزويد كييف بصواريخ "أتاكمس" عالية الدقة وبعيدة المدى. كما يدعو بعض السياسيين الألمان إلى اتخاذ خطوة مماثلة من قبل السلطات الألمانية. فقد ذكرت صحيفة "شبيغل" الألمانية، طلب أحد نواب "البوندستاغ" من الحزب الديمقراطي الاشتراكي الألماني أندرياس شوارتز، وكذلك رؤساء لجان البرلمان الألماني المعنية بالشؤون الأوروبية أنطون هوفريتر، والدفاع ماري أغنيس ستراك زيمرمان، من المستشار أولاف شولتس، ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس نقل صواريخ "كروز توروس" بعيدة المدى إلى أوكرانيا في أقرب وقت ممكن. أما القيادة الألمانية فلا تستعجل في اتخاذ قرار كهذا. لكن عدداً من الخبراء يعتقدون أنّ ألمانيا ستنقل صواريخها إلى القوات المسلحة الأوكرانية بعدما يرسل الأمريكيون نظام "أتاكمس" إلى كييف.

حتى الآن، لم تساعد الطائرات المسيرة والمساعدات العسكرية الغربية والصواريخ والأسلحة أخرى القوات المسلحة الأوكرانية على تحقيق أي نتائج مهمة. تشير التقارير القتالية الواردة من خط التماس القتالي على الجبهة إلى أن المعارك لا تزال تدور هناك، بينما تنفد احتياطيات كييف. أفادت شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية أن التعبئة الكاملة التي بدأت في أوكرانيا والإمدادات الجديدة من المركبات المدرعة تهدف إلى تشكيل جيش واحد في القوات المسلحة الأوكرانية، يتكون من خمسة ألوية ميكانيكية منفصلة وأربعة ألوية مشاة. ومن المقرر أن يتم تشكيله نهاية تشرين الأول/ أكتوبر. وتفيد قناة "ريبار" على موقع "تيليغرام" أن أربع تشكيلات للمشاة جاهزة تقريبًا، وسنراها قريبًا في ساحة المعركة. بالإضافة إلى لواء الدبابات الخامس الذي من المتوقع أن يدخل الخدمة بحلول نهاية العام الحالي.

وقال الخبير العسكري، اللفتنانت جنرال المتقاعد يوري نتكاتشيف: "قد يتألف الجيش العتيد من 30 إلى 40 ألف مقاتل يلتحقون بالقوات المسلحة الأوكرانية. لكن مقارنة بالاحتياطيات التي يتم تشكيلها في الجيش الروسي، هذا العدد ليس كبيراً. فبموجب العقود في روسيا، تمّ بالفعل تجنيد 270 ألف مقاتلاً في القوات المسلحة الروسية، وهم يخضعون حالياً للتدريب وسينضمون قريباً إلى الصفوف القتالية للمشاركة في العملية العسكرية الخاصة".

ولفت نتكاتشيف الانتباه إلى أنه "في أوكرانيا، يتم تجديد الموارد البشرية في القوات المسلحة الأوكرانية باستخدام أساليب إلزامية، من خلال التعبئة والتجنيد الإجباري، بينما، كما هي الحال في الاتحاد الروسي، يعتمد تشكيل الاحتياطيات القتالية بناء على التطوع، حيث يقرر المتطوعون قرار توقيع عقود للخدمة العسكرية".

في المقلب الآخر، نقلت "رويترز" عن رئيس الأركان العامة للجيش التشيكي كاريل رزيكا، تصريحاً مباشراً عن أنّ الغرب يحتاج إلى الاستعداد لعمليات عسكرية طويلة المدى في أوكرانيا. وقال رزيتشكا: "في الوقت الحالي، لا يستطيع أي من الطرفين تحقيق أهدافه النهائية المعلنة في المستقبل القريب. لن يستمر الأمر لبضعة أسابيع، بل قد يستمر لمدة طويلة. ومن المهم أن نواصل دعم الأوكرانيين لمدة طويلة كذلك".

وأشار الجنرال رزيكا، الذي تدرب على القتال في أفغانستان ويتحدث الإنكليزية والروسية، إلى أنّ "موسكو سوف تتصرف بشكل أقل قابلية للتنبؤ وستشكل تهديداً أكبر للغرب حتى بعد انتهاء الصراع في أوكرانيا".

كما تحدث الجنرال الأميركي ديفيد ألفين، الذي يرشح نفسه لمنصب قائد القوات الجوية في البنتاغون، مؤخراً إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي حول الأعمال القتالية المحتملة في الحرب التي طال أمدها في أوكرانيا وعن دور الطيران الحربي، ولا سيما مقاتلات "إف-16" في دعم القوات المسلحة الأوكرانية.

وبحسب وسائل إعلام أميركية نقلاً عن كلمة الجنرال في مجلس الشيوخ، أشار إلى أنّ القتال في أوكرانيا تحول إلى "معركة وحشية بطيئة الحركة مع تكتيكات برية وحرب خنادق تذكرنا بالحرب العالمية الأولى، وفي هذه الحال فإنّ القدرة أنّ استخدام طائرة (F-16) لقمع الدفاعات الجوية للعدو، وتنفيذ هجمات على ارتفاعات منخفضة يمكن أن يساعد أوكرانيا. وهذه الطائرات، على عكس بعض الأنظمة الأخرى التي وعد بها الغرب أوكرانيا، هي لا تزال قيد الإنتاج، وبما أنها تستخدم على نطاق واسع من قبل عدد من الشركاء الدوليين، فهناك عدد كبير من قطع الغيار المتاحة لها".

 إلا أنّ الجنرال يعتقد أنّ تدريب الطيارين الأوكرانيين ليس عملية سريعة. وقال لأعضاء مجلس الشيوخ: "في المتوسط، سيستغرق تدريب أطقم طائرات (F-16) من ستة إلى تسعة أشهر"، ما يعني أنّ الطائرة يمكن أن تظهر في الخدمة مع القوات المسلحة الأوكرانية في موعد لا يتجاوز صيف عام 2024.

ويعتقد الجنرال ألفين أنّ أوكرانيا ستحتاج إلى ما يصل إلى 50 طائرة من طراز (F-16)، أي ما يعادل ثلاثة أسراب. كما نذكر أنه في آب/أغسطس 2023، قال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، إنّ "كييف تعتزم استقبال 42 مقاتلة من دول الناتو". بالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة احتمال تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بمقاتلات "غريبينJAS-39 " السويدية، التي تشبه في خصائصها التكتيكية والفنية طائرة "F-16".

وذكرت وسائل إعلام غربية أنّ طيارين وفنيين أوكرانيين وصلوا إلى السويد للتدرب على هذه الطائرات، وأنّ أوكرانيا مهتمة بشراء ما بين 14 و16 مقاتلة سويدية. 

لكن دعونا نلاحظ، أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مقابل كل ذلك، قال في المنتدى الاقتصادي الشرقي إنّ "تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بأسلحة جديدة، بما في ذلك الذخائر العنقودية وذخائر اليورانيوم المنضب ومقاتلات (إف-16)، لن يؤدي إلا إلى إطالة أمد الصراع، لكنه لن يغير شيئاً على الجبهة". 

نقله إلى العربية:  عماد الدين رائف