"نيويورك تايمز": الإصرار الغريب على ترامب

تشهد الولايات المتحدة الأميركية أطول فترة من انخفاض معدل البطالة منذ الستينيات، وموجة الجرائم العنيفة تنحسر، على النقيض من فترة رئاسة دونالد ترامب.

  • الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب
    الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب

الصحف الأميركية تتحدث يومياً عن الاستحقاق الرئاسي الذي ستكون الولايات المتحدة الأميركية على موعد معه أواخر العام الحالي.

إحدى المواد المرتبطة به مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" للكاتب بول كروغمان، وهو اقتصادي أميركي، وأستاذ الاقتصاد في مركز الدراسات العليا في جامعة مدينة نيويورك، تناول فيه ما وصفه بـ"الإصرار الغريب" من الأميركيين على إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترامب، على الرغم من تقدّم المؤشرات الاقتصادية وتراجع معدل الجريمة في عهد الرئيس الحالي جو بايدن. 

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية: 

"هل أنت أفضل حالاً مما كنت عليه قبل أربع سنوات؟". في الآونة الأخيرة، رأيت الناس يكررون سؤال رونالد ريغان الشهير. ويبدو أن الكثير منهم يعتقدون أنهم يقدمون حجة حاسمة لإعادة دونالد ترامب إلى السلطة.

ومع ذلك، إذا أخذت السؤال حرفياً، فإن الإجابة تكاد تكون مثيرة للسخرية لمصلحة الرئيس جو بايدن. قبل أربع سنوات، كان الآلاف من الأميركيين يموتون كل يوم بسبب فيروس كورونا.

وبعيداً من ارتفاع معدلات الوفيات، قبل أربع سنوات، كان أكثر من 20 مليون أميركي عاطلين من العمل. ترك ترامب منصبه بأسوأ سجل وظيفي لأي رئيس منذ هربرت هوفر، وكانت البلاد في قبضة موجة من الجرائم العنيفة مع ارتفاع جرائم القتل.

أما اليوم، فعلى النقيض من ذلك، تشهد الولايات المتحدة الأميركية أطول فترة من البطالة، بأقل من 4% منذ الستينيات، وموجة الجرائم العنيفة تنحسر، فكيف يمكن لأي شخص أن يعتقد أن سؤال ريغان يأتي لمصلحة ترامب؟ ربما عندما يقول البعض: "قبل أربع سنوات"، فإنهم يقصدون في الواقع "قبل الوباء"، وهذا بالتأكيد يفسر جزءاً من إجابتهم.

وإذا كان لدى ترامب حجة بشأن الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثها وباء كورونا، فلماذا لا يحصل بايدن على حجة مماثلة للمشكلات التي ظهرت في عهده؟

الذين يدفعون بعودة ترامب لا يمكنهم محو الذاكرة. والجدير ذكره في هذا السياق أنّ ترامب ادعى عام 2020 أنّه تسبب بانخفاض سعر البنزين إلى دولارين للغالون، لكن هذا ليس صحيحاً، إذ إنّ هذا الأمر استمر لمدة شهرين فقط، وكان متزامناً مع الفترة التي كانت فيها أسعار النفط العالمية منخفضة بسبب وباء كورونا.

علاوة على ذلك، فإن كل المقاييس التي أعرفها تقريباً تقول إنّ معظم الأميركيين، في الواقع، أصبحوا أفضل حالاً الآن مما كانوا عليه في أواخر عام 2019 أو مطلع عام 2020. وعلى الرغم من أنّ الأسعار ارتفعت كثيراً، لكنّ الدخل ارتفع بشكل أكبر. إن الدخل الحقيقي للفرد، على الرغم من أنه أقل مما كان عليه عندما كانت الحكومة توزع شيكات التحفيز، إلا أنّه أعلى مما كان عليه قبل الوباء.

وعلى الرغم من ذلك، يقول الأميركيون إنّهم يشعرون بأنّهم في وضع أسوأ، لكن إذا كان الأميركيون يشعرون بضائقة مالية، فلماذا يرتفع الإنفاق الاستهلاكي إلى هذا الحد؟

ويظهر استطلاع للرأي في ولاية ميشيغن المتأرجحة أنّ 52% من الأميركيين يقولون إنّ وضعهم المادي أفضل مما كان عليه قبل 5 سنوات، و38% يقولون إنه أسوأ. 

وعندما يُسأل الناخبون عن رفاهيتهم الشخصية بدلاً من حالة الاقتصاد، فإنهم يكونون إيجابيين نسبياً، على الرغم من أن الحزبية تلقي بظلالها على الإجابات، حتى في هذه الحالة.

والجدير بالذكر أنّ بعض استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة لا تظهر فقط أنّ الناخبين الجمهوريين لديهم نظرة أسوأ بكثير إلى الاقتصاد من الديمقراطيين، بل تظهر أيضاً أنّ الجمهوريين يقدمون تقييماً أسوأ بكثير لمواردهم المالية الشخصية، ما يشير إلى أن بعض الأشخاص على الأقل لا يجيبون عن السؤال الذي طرح عليهم بالفعل.

وبعد كل ما قيل، لا شك في أن شبح ترامب يشكل قوة عاتية. ويبدو أنّ العديد من الأميركيين لا يدركون الأخبار الطيبة الحالية المتمثلة في انخفاض البطالة والتضخم إلى حد ما وانخفاض معدلات الجريمة.

نقلته إلى العربية: بتول دياب