الربيع الحقيقي مقبل إلى العالم العربي

في اجتماع القمة العربية مؤخراً، رفض الزعماء العرب تدخل القوى الأجنبية في قضايا المنطقة، بما في ذلك الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وقررت تسويتها بجهودها الذاتية في ضوء مصالحها الخاصة.

  • الربيع الحقيقي مقبل إلى العالم العربي
    الربيع الحقيقي مقبل إلى العالم العربي

نشر محلل الشؤون الدولية في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، جونغ يونغ ريم، مقالة بعنوان "الربيع الحقيقي مقبل إلى العالم العربي"، يتحدث فيها عن التبدلات التي طرأت على الدول العربية في الأسابيع الأخيرة، والتي رأى بأنها تشكل ربيعاً حقيقياً في مقابل "الربيع العربي" الذي شهدناه في العقد الماضي.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

عُقدت القمة الـ 32  لجامعة الدول العربية مؤخراً في المملكة العربية السعودية، بحضور جميع الدول الأعضاء وعددها 22 دولة. وحضر القمة وفد الجمهورية العربية السورية، بعد غيابها لنحو 10 سنوات. وقد شدد المجتمعون على ضرورة اتخاذ إجراءات متضافرة لرفض التدخل الأجنبي في المنطقة، وضمان استقرار وأمن العربية  والدفاع عن مصالحها. وتحقيقاً لهذه الغاية، تم التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وتحديد أطر وسياقات إيجابية لحل القضايا الإقليمية وفي مقدمتها الأزمة السورية، والنزاع الداخلي المستجد في السودان.

عكست القمة تطلعات دول المنطقة وحماسها للاستقلال، بعد أن تظهر أن العواقب الكارثية لـما سمي "الربيع العربي" زوراً، دفعت أحداثه الولايات المتحدة والغرب، منذ أكثر من 10 سنوات، والآن بدأت بالتلاشي، بعد أنّ اجتاح تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، ونجح في بعضها بالإطاحة بالحكومات المنتخبة لحساب الفوضى التي راحت تنتشر كمرض خبيث.

في العام 2011 بدأت هذه الأحداث تحول المنطقة العربية التي كان شعبها ينعم بحياة طبيعية سلمية، إلى منصة تسودها الصراعات الحادة، والتي اتخذت من التوحش والإرهاب عنواناً تحت يافطة تزعم الثورة وتديرها الولايات المتحدة وتحالفها الغربي، من خلف الكواليس ومباشرة في بعض الأحيان، لأجل استمرار سيطرتهم ولغرس "النظرة الأميركية للقيم الديمقراطية" بالقوة.

باللجوء إلى حيلة "فرق تسد" القديمة، سعت الولايات المتحدة إلى التقليل من شأن القضية الفلسطينية، من خلال تقسيم الدول العربية. وفي الوقت عينه تبيع لبعض الدول العربية أسلحة بمئات الملايين  تضمن لها الثروة ولا تضمن للمشتري "الضمانات الأمنية" الزائفة، وفي الوقت عينه يتم تأليف وتضخيم "التهديد" الإيراني. ونتيجة لذلك، تضاعفت الأرباح الاحتكارية للولايات المتحدة، لكن الانقسام والاحتكاك وعدم الاستقرار الاجتماعي والتوتر بين دول المنطقة تفاقمت إلى أقصى حد.

مع ذلك، فإن محاولات الولايات المتحدة الجائرة لإعطاء الأولوية لمصالحها واستخدام دول المنطقة كأداة لتنفيذ استراتيجيتها للهيمنة تواجه معارضة متزايدة من دول المنطقة بشكل متزايد.

وفي اجتماع القمة العربية مؤخراً، رفض الزعماء العرب تدخل القوى الأجنبية في قضايا المنطقة، بما في ذلك الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، وقررت تسويتها بجهودها الذاتية في ضوء مصالحها الخاصة. ويثبت هذا ببلاغة أن "الربيع العربي" الذي جلبته سياسة الولايات المتحدة إلى المنطقة يسقط في حالة إفلاس لا قيام منها.

يمكن القول عن القمة الثانية والثلاثين لجامعة الدول العربية، إنها كانت مناسبة مهمة لإبلاغ العالم بحقيقة أن "الربيع العربي" ، الذي كان في الواقع شتاء طويلاً لم يحمل سوى المصائب والآلام، قد انتهى أخيراً بفضل  الجهود الإيجابية لدول المنطقة، وأن الربيع الحقيقي للسلام والازدهار قد وصل للتو.

وبغض النظر عن مدى اليأس الذي قد تحاول الولايات المتحدة السيطرة عليه في المنطقة العربية، فإنها لا تستطيع أبداً كبح التقدم القوي لدول المنطقة التي بدأت جهودها المشتركة من أجل المصالحة والوحدة.

 

نقله إلى العربية: حسين قطايا